معاني السلام في الصلاة

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب بخصوص المسألة التي ذكرتموها في قولنا في آخر التشهد: السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فهذا الذكر الختامي من الصلاة ذو معاني دقيقة وعميقة كما أوضحت الروايات الشريفة. وإليكم التفصيل: 1. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، علينا: هو ضمير الجمع المتكلم، ويعود إلى نفس المصلّي ومن معه من المؤمنين. وقد استُأنس لذلك بقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾. النور: 61. وفي تفسير هذه الآية عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إذا دخل الرجلُ منكم بيتَه فإنْ كان فيه أحدٌ يُسلِّم عليهم، وإنْ لم يكن فيه أحدٌ فليقل: السلامُ علينا من عند ربِّنا». وهذا يدلّ على أن: السلام على النفس، ليس غريباً شرعاً، بل هو تحيةٌ مباركة يُسلِّم بها الإنسان على نفسه ومن معه من المؤمنين. وجاء في فقه القرآن للقطب الراوندي في تفسير نفس الآية: «وإذا دخلتموها ولم يكن فيها أحدٌ فقولوا: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)». عن ابن عباس في تفسير الآية: المقصود بها هو: دخول المسجد، فيُشرع أن تقول: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". النتيجة: "السلام علينا" هو دعاءٌ للنفس ولجميع المؤمنين الصالحين، فيشمل المصلّي ومن حوله من المؤمنين في العالم كله. 2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هذا هو التسليم الأخير في الصلاة، ويُخاطَب به الملائكة الموكَّلون بالإنسان، وهم: الملك عن اليمين الذي يكتب الحسنات، والملك عن الشمال الذي يكتب السيئات. كما في الآية: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾. ق: 17-18. وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في معاني الأخبار:«السلام اسم من أسماء الله عزَّ وجل، وهو واقعٌ من المصلِّي على ملَكي الله الموكَّلين به». وكذلك في "علل الشرائع" للشيخ الصدوق: عندما سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) لماذا يكون التسليم تحيّةً في نهاية الصلاة؟ قال: «لأنها تحيَّة الملكين». 3. إذا كان المصلّي إمامًا أو مأمومًا: * الإمام: يقع سلامه على الملكين والمأمومين خلفه. * المأموم: يقع سلامه على الإمام، وعلى الملكين، وعلى المأمومين معه. * المنفرد: سلامه يقع على الملكين فقط. وقد فُصِّل هذا في رواية المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث قال: "قلتُ: فلِمَ لا يُقال السلام عليك والملكُ على اليمين واحدٌ ولكن يُقال السلام عليكم؟ قال: ليكون قد سلَّم عليه وعلى من على اليسار، وفضلُ صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه ... المزید". كما سُئل عن التسليم ثلاثًا للمأموم، فقال (عليه السلام): "تكون واحدة ردًّا على الإمام، وتكون عليه وعلى ملكيه، والثانية على يمينه، والثالثة على من على يساره...". نسأل الله القبول والإخلاص في القول والعمل، ودمتم سالمين.