التعامل مع المسيئين

وعيكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ابنتي الكريمة، وفّقكِ الله لما يحب ويرضى، وجزاكِ خيرًا على غيرتكِ على أهلكِ وحرصكِ على تجنب الحرام، وثبّتكِ على طريق الحق والصبر، فإن ما ذكرتِه من تعرّض والدكِ وأختكِ– بل وحتى جيرانكم– للأذى اللفظي من بعض زملائكِ هو أمر محرّم شرعًا، فقد حرّم الله تعالى الغيبة والسخرية والبهتان، وما صدر عنهم يدخل في باب الإيذاء والوقيعة، وهي من الكبائر الذنوب. ومن واجبكِ في هذه الحالة ما يلي: ١. والواجب عليكِ هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع مراعاة مراتب النهي عن المنكر وتوفر شروطه، فإن لم يتأثر، فالأحوط وجوباً إبراز الانزجار والكراهة من فعله.وقولي:وإن ما تقولونه إساءة لا أقبلها، وهي تطال كرامتي وكرامة عائلتي، فهذا من أضعف مراتب النهي عن المنكر، وهو واجب عليكِ شرعًا. ٢. إن خشيتِ من مواجهتهم أو وجدتِ أن ذلك قد يجرّ إلى فتنة أكبر، فلا بأس أن تخبري إدارة المدرسة بما يجري، فهي مسؤولة عن حفظ كرامة الطلاب وحماية الجوّ الأخلاقي العام. ٣. وإن علمتِ أن مقصودهم هو استفزازكِ وإثارة غضبكِ، فأعرضي عنهم، وتجاهليهم، واصبري على أذاهم، ولا تردّي بالمثل، فقد قال تعالى: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ ‏وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ ‏نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}،(فصلت: آية34 – 36). ٤. أخبري والديكِ بما يحدث، بهدوء وبأسلوب حكيم، ليكونوا على بيّنة من الأمر، فربما تقتضي المصلحة تدخلهم، أو دعمكِ في اتخاذ موقف حازم. ٥. وأخيرًا، اثبتي على أخلاقكِ العالية، وكوني قدوة في الصبر والسكينة، ولا تفسحي للشيطان باب الانتقام أو الحقد، بل اجعلي قلبكِ طاهرًا، ولسانكِ عفيفًا، وأسلوبكِ راقيًا، واحتسبي ما تجدينه عند الله، فهو لا يضيع أجر المحسنين. أسأل الله أن يحميكِ من شرّ الناس، ويجعل لكِ من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ويرزقكِ العزّ والثبات. ودمتم في رعاية الله وحفظه.