السلام عليكم ، عندما اريد ان استشعر نعم الله، تجي ببالي أفكار انو يعني الله خلقنا بهذه الدنيا مو بإرادتنا فهنا مو رب العالمين لازم ينطينا هالنعم لان احنة نحتاجها حتى نگدر نعيش ، يعني مثلا من اريد استشعر النعمة أكول يعني ( انو شلون يعني واجب على الله ينطينا هالشيء لان هو خلقنا) يعني والله السؤال ما اعرف شلون اوصله هو شعور داخلي، يعني هسة اني أگدر أكول الف مرة الشكرلله، بس انا ما مستشعرة النعمة، فكيف استشعرها وما افكر بهالشيء!؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي عمّ بفيضه جميع الكائنات، وتجلّى بجوده على سائر المخلوقات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
إبنَتُنا الكريمة، تحية طيبة وبعد ... المزید
سؤالك يعكس تأمّلاً عميقاً في العلاقة بين العبد وربه، واستفهاماً صادقاً عن معنى الشكر واستشعار النعمة. ولعلّ ما يجول في وجدانك من تساؤل يدور حول قضية استشعار النفس لحقيقة النعمة.
وهذا ما سنوضحه من خلال البيان التالي:
أولًا: هل يُلزم الخالق بالإعطاء لأنه خلق؟
ينبغي أن نُميز– في خطابنا مع الله– بين العدل والفضل. فإن الله تعالى في عدله لا يظلم أحداً، فلا يخلق مخلوقاً ثم يحرمه أسباب البقاء، كما قال تعالى: ﴿وما ربُّك بظلام للعبيد﴾ [فصّلت: 46].
لكن هذا لا يعني أن ما يغمرنا به من النعم إنما هو واجب عليه من جهة الخلق، بل هو فضل محض منه تعالى. فالخلقُ فعلٌ منه لا يوجبه عليه أحد، ولا يُلزمه بشيء، لأنه تعالى يفعلُ ما يشاء، و لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون [الأنبياء: 23].
ورَدَ عن الصِدِّيقة الكبرى فاطمة الزهراء(عليها السلام):
(" ابتدع الأشياء لا من شئ كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كونها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها، الا تثبيتا لحكمته، وتنبيها علي طاعته، واظهارا لقدرته، وتعبدا لبريته، واعزازا لدعوته. ")
فالخلق عبارةٌ عن مظهرٍ من مظاهر الكرم الإلهي والفيض الرباني، وما بعده من رزقٍ ورعايةٍ إنما هو استمرار لذلك الفيض، لا لزوم عليه.
ثانياً: كيف أُدرك أن النعمة ليست "استحقاقاً"، بل فضلاً؟
إنّ العبد إذا تأمل في نفسه وجد أنه لم يكن حتى قاداً عل أن يطلب الوجود، ولا يملك القدرة على حفظه، فحقيقة وجوده، وسلامة جوارحه، وتوفر الهواء، والماء، والغذاء، وكل ما به قِوام حياته، كلّها أمورٌ هي بالنسبة للإنسان نِعمٌ تسبغت عليه من غير طلبٍ ولا استحقاق.
فالإنسان من حيث هو إنسان فقير ، حتى لو لم يخلقه الله، لكان عدمه لا يوجب له حقاً، فوجوده ونعمته كلها هبة لا استحقاق.
ثالثاً: كيف أستشعر النعمة؟
هنا ننتقل من التأمل العقلي إلى الذوق الإيماني، وهو لبّ ما تسألين عنه، ويمكن ترسيخ استشعار النعمة بثلاثة أمور:
1. رؤية الحاجة لا النعمة فقط:
عندما ينظر العبد إلى شدّة حاجته، لا فقط إلى النعمة ذاتها، يزول الشعور بالاستحقاق، ويحلّ محله الذهول أمام كرم الله، كأن تنظري إلى قدرتك على التنفّس، لا من حيث إنها عادة، بل من حيث إنّ كلّ شهيق هو تجديد حياة. وحاولي ان تحبسي نَفَسَكِ لدقيقة واحدة فقط، وتصوري ان الله قد رفعَ هذه النعمة عنكِ، ثم تأملي شعور الإمتنان الذي يحصل لديكِ عند استنشاقكِ للنَفَس الأول بعد ذلك.
2. التأمل في المساكين والمحرومين:
رؤية من فقدوا ما تملكينه – من سمع، بصر، أمان، طعام – تفتح باب التقدير.
3. الطلب من الله أن يريك النعمة:
وقد كان من أدعية أهل البيت (عليهم السلام) أن يسألوا الله بصيرة في النعمة، لا النعمة فقط، لأن الرؤية مفتاح الشعور.
وفي النهاية:
إنّ ما يغمرنا الله به من العطاء لا يُقاس بمنطق الاستحقاق، بل يُفهم من خلال منطق الفضل الإلهي.
وإذا رأى العبد في النعمة "حقًا له"، غفل عن مصدرها، وإذا رآها "فضلاً"، انكسر قلبه شكراً، وذابت روحه محبةً.
نسأل الله أن يملأ قلبك بنور المعرفة، ويزيدك بصيرة في دينه، ويجعلنا وإياك من الشاكرين لأنعمه قولًا وعملًا.
دمتم في رعاية الله