logo-img
السیاسات و الشروط
حسن فالح رسول ( 39 سنة ) - العراق
منذ شهرين

مفهوم الأهل في القرآن الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورد في سورة هود (الآية 46) أن الله سبحانه وتعالى قال عن ابن نوح: ﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾، فلماذا قال الله سبحانه بأن ابن نوح ليس من اهله؟ في حين قال في سورة الصافات (الآيتين 134-135) عن زوجة لوط: ﴿إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾، فهل الاستثناء هنا من النجاة ام من الاهل ؟ واذا كان الاستثناء من النجاة فلماذا لم تستثنى من الاهل كما في ابن نوح (عليه السلام)؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب لماذا قال الله عن ابن نوح (عليه السلام): "ليس من أهلك"؟ وفي المقابل، لماذا لم تُستثنَ زوجة لوط (عليه السلام) من "الأهل" وإنما من "النجاة"؟ أولاً: ابن نوح – سورة هود (آية 46) قال تعالى: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}. هنا كان نوح عليه السلام يظن أن ابنه من أهله الذين وُعد بنجاتهم، فطلب من الله أن ينقذه، فجاء الرد الإلهي بأن هذا الابن "ليس من أهلك"، وبيّن السبب: {إنه عمل غير صالح} وهذا التفسير فيه وجهان (كما في كتب التفسير المعتبرة): 1. أن معنى "ليس من أهلك" أي ليس من أهل الإيمان والطاعة، فالمراد بالأهل هنا "أهل الإيمان" لا "الأهل النسبيين"، لأن عهد النجاة كان خاصًا بالمؤمنين من أهل نوح: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَن تُنَجِّيَنِي وَأَهْلِي﴾، لكن الله بيّن أن هذا الابن خرج من الأهلية الإيمانية بسبب كفره، فانتفى كونه من أهل نوح الذين وُعدوا بالنجاة. 2. وقيل: "إنه عمل غير صالح" أي أن الابن نفسه كان تجسيدًا للعمل غير الصالح، وكأنه خرج من الإنسانية المؤمنة إلى أن يكون مجرد "عمل فاسد"، وهذا تعبير شديد في بيان خطورة الكفر. _ زوجة لوط – سورة الصافات (134-135) قال تعالى: {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} هنا نلاحظ: أن الآية تقول: "نجّيناه وأهله أجمعين"، فدخلت الزوجة في الأهل. ثم قال: "إلا عجوزًا في الغابرين"، فاستُثنيت من النجاة، لا من الأهل. فكيف نوفق بين هذا والآية في ابن نوح؟ الفرق في السياق والمراد: 1. في قصة لوط، الله تعالى أثبت الزوجة ضمن الأهل نسبًا، لكنها استُثنيت من النجاة لأنها كانت كافرة. 2. لم يقل: "ليست من أهلك"، بل قال: "إلا عجوزًا في الغابرين"، أي أنها هلكت معهم ولم تُنجَّ. وهذا يدل على أن لفظ "الأهل" في الآية استُعمل بمعناه النسبي الطبيعي (أي أهل البيت)، لكن الله استثناها من النجاة بسبب كفرها، وليس من الأهلية النسبية. فهل هذا تناقض؟ لا، بل دقة قرآنية. في حالة نوح، الله أراد أن يوضح أن الإبن ليس من أهل العهد الإيماني، فرُفع عنه وصف الأهلية. في حالة لوط، الله لم ينفِ نسب الزوجة، لكنها لم تُنقذ لأنها لم تكن من المؤمنين، فاستُثنيت من النجاة لا من الأهل. ودمتم في رعاية الله وحفظه.

1