logo-img
السیاسات و الشروط
( 10 سنة ) - جزر القمر
منذ شهر

تفسير آيات غض البصر وأثرها على المجتمع

السلام عليكم اذا كان النظر الى الرجل او المرأة بدون ريبة ليس فيه اشكال فلماذا جاء في القران ايات تدل على غص البصر وهل هو واجب وتركه حرام ارجو الاجابة بالتفصيل جزاكم الله خيرا


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولدي العزيز، بخصوص الحكم الشرعي فلا يجوز للرجل ان ينظر الى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة الاجنبية وشعرها، سواء أكان بتلذذ شهوي أو مع الريبة أم لا، وكذا الى الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع الريبة، واما بدونهما فلا يبعد جواز النظر، وان كان الاحوط تركه ايضاً. ويحرم على المرأة النظر الى بدن الرجل الاجنبي بتلذذ شهوي أو مع الريبة، بل الاحوط لزوماً ان لا تنظر الى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وان كان بلا تلذذ شهوي ولا ريبة، واما نظرها الى هذه المواضع من بدنه من دون ريبة ولا تلذذ شهوي فالظاهر جوازه، وان كان الاحوط تركه أيضاً. ولدي العزيز، واجب المكلف في زمن الغيبة الكبرى هو أن يأخذ الأحكام الشرعية من الفقيه الحي الأعلم، وليس من القرآن الكريم بصورة مباشرة. وهذا أمر واضح يؤكده العقل والنقل. وإن شاء الله تعالى بعد الدراسة والتخصص في العلوم الدينية والتوفيق من الله سبحانه وتعالى يمكنكم أن تعرفوا الكيفية التي يسلكها الفقيه للوصول إلى الحكم الشرعي. علماً أن الاستدلال على الحكم الشرعي واستنباطه من الأدلّة الشرعية ـ أي: الكتاب والسنّة والإجماع الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) والعقل ـ إنّما هو من شؤون الفقيه المجتهد، ولا يتمكّن عموم الناس بل حتى الفضلاء أن يستوعبوا الدليل على حكم من الأحكام؛ لأنّ الاستدلال الفقهي والاجتهاد يتوقّف على معرفة العلوم المختلفة والإحاطة بالآيات والروايات وغيرها ممّا يتطلّبها ممارسة الاجتهاد وبذل الجُهد في معرفة الأحكام الشرعية. وإذا أمكن لكم فهم ما ذكره السيد الخوئي قدس عندما تناول جواز النظر إلى وجه المرأة، حيث ذكر الآية الكريمة، ولاحظ على الاستدلال بها بأمور منها: أولاً: أنّ الآية غير ظاهرة في تحريم النظر ، لعدم ظهور الغض في الغمض، بل لا يبعد أن يكون المراد التجاوز عن المرأة وعدم القرب منها والإعراض عنها المعبّر عنه بالفارسية بـ (چشم پوشي) وهذا استعمال دارج في العربية وغيرها، فيكون كناية عن الكف عن الزنا، المساوق لقوله تعالى : (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ).    وبعبارة اُخرى: بعد امتناع حمل الغض على معناه المطابقي وهو إطباق الجفنين وغمض العينين، لعدم وجوب ذلك بالضرورة، يدور ذلك الأمر بين كونه كناية عن أحد معنيين: إما المنع عن إيقاع النظر على المرأة، بأن يصرف نظره عنها فينظر إلى الفوق أو التحت من السماء أو الأرض أو أحد الجانبين، تحفظاً عن وقوع النظر عليها. وإما إرادة الإعراض عنها وعدم الدنو منها، بأن لا يعقّبها ولا يتصدّى لمقدمات الوقوع في الحرام وهو الزنا، فيكفّ بصره عنها بتاتاً كما عرفت، وليس المعنى الأول ـ الذي هو مبنى الاستدلالـ أولى من الثاني لو لم يكن الأمر بالعكس.    وثانياً: مع الغض عما ذكر وتسليم ظهور الآية المباركة في المنع عن النظر فلا ريب في عدم إمكان الأخذ باطلاقه، لجواز النظر إلى كثير من الموجودات من السماء والأرض والشجر والحجر والمدر وسائر الأجسام. وتخصيصها بها بحيث لا يبقى تحت الإطلاق إلا الأجنبية يوجب تخصيص الأكثر القبيح الذي هو من مستهجن الكلام جداً، سيما في المقام الذي لا يبقى تحت العام إلا فرد واحد، فانّ مثل هذا الكلام لا يكاد يصدر عن الفرد العادي فما ظنك بالقرآن المعجز، فلابد وأن يكون المراد بالآية المباركة غض البصر عما حرّمه الله، فيتوقّف ذلك على إثبات الحرمة من الخارج، والقدر الثابت ماعدا الوجه والكفين من الأجنبية فلا يمكن الاستدلال بالآية لتحريم النظر إليها منها.    وبالجملة: الأمر بالغض في الآية إرشاد إلى ترك النظر إلى ما ثبتت حرمته بدليله، فهي مجملة بالإضافة إلى الوجه والكفين، فلا يمكن الاستدلال بها للمقام كما هو ظاهر.