logo-img
السیاسات و الشروط
تقى ( 22 سنة ) - العراق
منذ شهر

تفسير دية المرأة ونظرة المجتمع الإسلامي

لماذا دية الموت للمرأة نصف ديت الرجل ؟ أليس الله خلق المرأة والرجل من طين لماذا تقليل من شخص المرأة؟ هل ذكر نص بالقرآن؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابنتي الكريمة، بارك الله فيك على اهتمامك. في بداية الأمر نقول لك ليس كل أحكامنا الإسلامية مذكورة في القرآن الكريم، فالمسلمون اليوم متفقون على أن عدد صلاة المغرب ثلاث ركعات، مع أن هذا الحكم (العدد) لم يذكر في القرآن الكريم، بل أغلب أحكامنا الإسلامية قد بينها النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام). وأما بخصوص دية المرأة، فالمهم هو أنّ المكلف إذا التفت ـ أوّلاً ـ إلى أنّ الشارع المقدس هو الخالق والقادر على الإطلاق، والعالم بمصالح الأمور، و {لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}، و ـ ثانياً ـ إلى أنّه تبارك وتعالى لا يريد بعباده إلّا الخير و {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيراً}، فسيعلم بوجود ضرر ومفسدة في كلّ ما نهى الشارع عنه، ومصلحة في كلّ ما أمر به، فيترك المنهيّ عنه ويأتي بالمأمور به تعبداً بأوامره ونواهيه سبحانه وتعالى، ومطمئناً بأنّ في ذلك صلاح دينه ودنياه وآخرته سواء شخّص تلك المصلحة أو لم يشخّصها. نعم، قد ذكر في بعض الروايات ما يتصور كونه علّة لبعض الأحكام الشرعية، وقد جمعها الشيخ الصدوق (قدس سرّه) في كتاب أسماه "علل الشرائع"، وهي في الغالب ليست علّة تامة بل حكمة للحكم الشرعي. وقد يُدّعى اكتشاف علّة بعض الأحكام ومصالحها بما توصّل إليه العلم الحديث ولكن ذلك ـ على فرض ثبوته وصحته ـ قد لا يكون إلّا جهة واحدة من مصالح ذلك الحكم، فلا يمكن أن نحكم بكونه علّةً تامة للحكم وأنّ ثبوت الحكم وعدمه يدور مداره. هذا، إذا كان سؤالك عن علّة الحكم في الشريعة المقدسة، وعليه ما نذكره ليس علة للحكم بل ممكن أن يكون حكمة، فنقول ليس الملاحظ قيمة الفرد المعنوية، فمن جهة القيمة المعنوية لا فرق بين الذكر والانثى، ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ولكن من جهة أن على الرجل وجوب القوامة والانفاق والبذل وتحمل أعباء المسؤولية، بخلاف المرأة التي لم يوجب عليها الإسلام ذلك، بل نفقتها مكفولة من قبل الرجل. فتكون دية الرجل أكثر بلحاظ أن الأثر الذي يتركه الرجل على الوضع الاقتصادي للأسرة أعلى من المرأة، فالرجل يتحمل نفقة الزوجة والأم و البنت، فتعريضه للقتل يؤدي إلى تعريض هؤلاء إلى العوز المالي، ومن هنا كانت ديته تتناسب مع المنفعه التي تخسرها الأسرة بفقده، و أما المرأة فهي لا تتحمل شيء من النفقة حتى لو كانت غنية، بل تبقى نفقتها ونفقة عيالها على الزوج، وبالتالي لا يسبب فقدها خسارة اقتصادية بحجم خسارة الرجل لعائلته، و من هنا كانت دية الرجل أكثر. وبعبارة أخرى: مقدار دية الرجل والمرأة راجع إلى القانون الإقتصادي الإسلامي والذي جعل الرجل هو المعيل والمنفق على الإسرة دون المرأة، ولا علاقة لهذه المسألة بأفضلية الرجل على المرأة إطلاقا طً. ولا يسمح الإسلام أن يتعرض أفراد أسرة لخطر اقتصادي وتغمط حقوقهم تحت شعار "المساواة". قد تكون امرأة في أسرتها عضوة فعالة اقتصاديا أكثر من الرجل، ولكن الأحكام والقوانين لا تقوم على أساس الحالات الاستثنائية، بل على أساس الوضع العام، وفي هذه الحالة يجب أن نقارن كل الرجال بكل النساء. ودمتم موفقين.

1