مجهول ( 18 سنة ) - العراق
منذ أسبوع

فهم الآيات المتعلقة بالاعتداء والدفاع عن النفس

السلام عليكم ممكن تفسير لهذه الايات (ولكن أرجو ان لا تستخدموا مصطلحات صعبه) : قوله تعالى : 1. ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ). 2. ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ). 3.( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) . —————- (اذا كانت اكو محاولة اعتداء علي او احساس بالخطر من اشخاص يحاولون المشاجره، هل يمكنني ان ابدء بالضرب عند الاحساس الشديد بالخطر وانهم على وشك ان يضربوني؟ بحيث أنهي المشاجره بأسرع وقت ممكن (بالنسبه للي يلعبون فنون قتاليه) ) ومتى يجوز الكذب؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب جاء في تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي،ج٢،ص(٣٢- تشرع الآية حكما عاما يشمل ما نحن فيه وتقول: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين. فالإسلام- وخلافا للمسيحية الحالية التي تقول (إذا لطمك شخص على خدك الأيمن فأدر له الأيسر)- لا يقول بمثل هذا الحكم المنحرف الذي يبعث على جرأة المعتدي وتطاول الظالم، وحتى المسسيحيون في هذا الزمان لا يلتزمون مطلقا بهذا الحكم أيضا، ويردون على كل عدوان مهما كان قليلا بعدوان أشد، وهذا أيضا مخالف لدستور الإسلام في الرد، فالإسلام يقول: يجب التصدي للظالم والمعتدي، ويعطي الحق للمظلوم والمعتدى عليه المقابلة بالمثل، فالاستسلام في منطق الإسلام يعني الموت، والمقاومة والتصدي هي الحياة. والجدير بالذكر أن مفهوم الآية يشمل دائرة وسيعة ولا ينحصر بمسألة القصاص في مقابل القتل أو الجنايات الأخرى، بل يشمل حتى الأمور المالية وسائر الحقوق الأخرى. وهذا طبعا لا يتعارض مع مسألة العفو والصفح عن الإخوان والأصدقاء النادمين. أحيانا يتصور بعض العوام أن معنى الآية هو أنه لو قتل شخص شخصا آخر فإن معنى المقابلة بالمثل تبيح لأب المقتول أن يقتل ابن القاتل، وإذا ضرب أخاه فيجوز له أن يضرب أخا الضارب، ولكن هذا اشتباه كبير، لأن القرآن يقول فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم لا الأفراد الأبرياء. وأيضا لا ينبغي أن يتصور أن مفهوم الآية هو أنه أن أقام شخص بإحراق بيت آخر فيجوز للمعتدى عليه أن يقوم بحرق بيت المعتدي، بل مفهومه أن يؤدي المعتدي ما يعادل قيمة البيت المحترق إلى المعتدى عليه. وعبارة واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين تأكيد آخر على ضرورة عدم تجاوز الحد في الدفاع والمقابلة، لأن الإفراط في المقابلة يبعد المواجهة عن إطار التقوى. وقوله تعالى واعلموا أن الله مع المتقين إشارة إلى أن الله لا يهمل المتقي في خضم المشكلات، بل يعينه ويرعاه، لأن من كان مع شخص آخر فمفهومه أنه يعينه في مشكلاته ويحميه مقابل الأعداء. {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}(النحل:١٢٦): جاء في نفس التفسير ،ج٨،ص(٣٧١-٣٧٢): وتقول الروايات: إن الآية نزلت في معركة (أحد) عندما شاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شهادة عمه حمزة بن عبد المطلب المؤلمة (حيث لم يكتف العدو بقتله بل شق صدره بوحشية وقساوة فظيعة وأخرج كبده أو قلبه وقطع أذنه وأنفه) وتأذى النبي لذلك كثيرا وقال: " اللهم لك الحمد وإليك وأنت المستعان على ما أرى " ثم قال: " لئن ظفرت لأمثلن ولأمثلن ولأمثلن " وعلى رواية أخرى أنه قال: " لأمثلن بسبعين منهم " فنزلت الآية: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أصبر أصبر " (1). ربما كانت تلك اللحظة من أشد لحظات حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكنه تمالك زمام أمور نفسه واختار الطريق الثاني، طريق العفو والصبر. ويحكي لنا التأريخ ما قام به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حين فتح مكة، فما أن وطأت أقدام المسلمين المنتصرة أرض مكة حتى أصدر نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) العفو العام عن أولئك الجفاة، فوفى بوعده الذي قطعه على نفسه في معركة أحد. وحري بالإنسان إذا أراد أن ينظر إلى أعلى نموذج حي في العواطف الإنسانية، أن يضع قصتي أحد وفتح مكة نصب عينيه ليقارن ويربط بينهما. ولعل التأريخ لا يشهد لأية أمة منتصرة عوملت بمثل ما عامل به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون مشركي مكة عند انتصارهم عليهم، على الرغم من أن المسلمين كانوا من أبناء تلك البيئة التي نفذ شعور الانتقام والحقد فيها ليتوغل ويركد في أعماق المجتمع، بل وكانت الأحقاد تتوارث جيلا بعد جيل إلى حد كان عدم الانتقام يعد عيبا كبيرا لا يمكن ستره! ومن ثمار عفو وسماحة الإسلام أن اهتزت تلك الأمة الجاهلة العنيدة من أعماقها واستيقظت من نوم غفلتها، وراح أفرادها كما يقول عنهم القرآن الكريم: يدخلون في دين الله أفواجا. وجاء في نفس التفسير،ج١٥،ص(٥٦٠-٥٦١): ولكن بم أن التناصر يجب أن لا يخرج عن حد العدل وينتهي إلى الانتقام والحقد والتجاوز عن الحد، لذا فإن الآية التي بعدها اشترطت ذلك بالقول: {وجزاء سيئة سيئة مثلها}(الشورى:٤٠). يجب أن لا تتجاوزوا عن الحد بسبب أن أصدقاءكم هم الذين ظلموا فتنقلبوا إلى أشخاص ظالمين، وخاصة الافراط في الرد على الظلم في مجتمعات كالمجتمع العربي في بداية الإسلام، لذا يجب التمييز بين نصرة المظلوم والانتقام. وعمل الظالم يجب أن يسمى ب‍ (سيئة) إلا أن جزاءه وعقابه ليس (سيئة) وإذا وجدنا أن الآية عبرت عن ذلك بالسيئة فبسبب التقابل بالألفاظ واستخدام القرائن، أو أن الظالم يعتبرها (سيئة) لأنه يعاقب، أو يحتمل أن يكون استخدام لفظة (السيئة) لأن العقاب أليم ومؤذ، والألم والأذى بحد ذاته (سئ) بالرغم من أن قصاص الظالم ومعاقبته يعتبر عملا حسنا بحد ذاته. وهذا يشبه العبارة الواردة في الآية (194) من سورة البقرة: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله. على أية حاله، فإن هذه العبارة يمكن أن تكون مقدمة للعفو الوارد في الجملة التي بعدها، وكأنما تريد الآية القول: إن العقاب مهما كان فهو نوع من الأذى، وإذا ندم الشخص عندها يستحق العفو. لذا ففي مثل هذه الموارد ينبغي عليكم العفو، لأن فمن عفا وأصلح فأجره على الله. صحيح أنه فقد حقه ولم يحصل على شئ في الظاهر، إلا أنه بسبب عفوه، العفو الذي يعتبر أساس انسجام المجتمع والتطهر من الأحقاد وزيادة أواصر الحب وزوال ظاهرة الانتقام والاستقرار الاجتماعي، فقد تعهد الخالق بأن يعطيه من فضله الواسع، ويا لها من عبارة لطيفة (على الله) حيث أن الخالق يعتبر نفسه مدينا لمثل هؤلاء الأشخاص ويقول بأن أجرهم علي. ملحوظه: لو سمحتم مستقبلا ارسلو كل سؤال على حده حتى يتسنى لنا إجابتكم بصورة أوضح،لطفاً منكم. ودمتم في رعاية الله وحفظه.