عليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيقكم (المجيب).
معنى السلام الحقيقي:
السلام في الإسلام لا يقتصر على مجرد كلمة تُقال، بل هو مبدأ عميق يقوم على الطمأنينة والأمان. فالمسلم الحقيقي يجب أن يكون مصدر أمن وسلام حتى لعدوه، فكيف بصديقه وأهله؟
يتجلى هذا المفهوم في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام)، الذي أوصى بالإحسان إلى قاتله عبد الرحمن بن ملجم، فقال: "أطعموه مما تأكلون، واسقوه مما تشربون، ولا تمثّلوا بالرجل".
وقال (عليه السلام): "ومن لا يضع السلام مواضعه هذه، فلا سلام ولا إسلام ولا تسليم"، مشيرًا إلى أن السلام يجب أن يصدر من قلب صادق لا يحمل الشر. كما قال: "وكان كاذبًا في سلامه، وإن أفشاه في الخلق"، أي أن من يسلم بلسانه وهو يحمل البغضاء، فلا قيمة لسلامه.
السلام في الصلاة:
عند قولنا في التسليم: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فإننا نسلم على الحاضرين من المصلين إن كنا في جماعة، كما نسلم على الملائكة المحيطين بنا، وعلى جميع عباد الله الصالحين من أول الخلق إلى آخر الزمان.
وفي قولنا أثناء الصلاة: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين", نكون قد شملنا أنفسنا وعباد الله جميعًا، وهذا السلام إذا قُبل من الله تعالى، بلّغه إلى الأنبياء والمرسلين، فيردونه علينا، فيبقى أثره وبركته ملازمة للمصلي أبدًا.
وقد ورد في الروايات أن الله يسلم على المصلي إذا سلّم على عباده، فتكون نهاية الصلاة ختامًا بسلام من الله، ومن عباده، ولعباده.
دروس عملية من هذا الفهم:
روايات أهل البيت (عليهم السلام) لا تعلّمنا الفقه فقط، بل تهدينا إلى الأخلاق والمعاني السلوكية الرفيعة.
الصلاة الحقيقية لا تتحقق بقلب معلق بغير الله؛ لأن الانشغال بغيره يبعد المصلي عن لُبّ الصلاة وروحها.
الصلاة معراج المؤمن، أي أنها طريقه من عالم الخلق إلى الخالق، وبعدها لا يشغله الناس عن الله.
التسليم في ختام الصلاة ينبغي أن يكون بأدب مع التفات القلوب إلى النبي وآله، لا مجرد ترديد كلمات.
السلام الصادق يصل أثره إلى الأنبياء والمرسلين، ويعود على المصلي بالبركة الدائمة.
المسلم الحقيقي هو من يأمنه الناس على أنفسهم، فلا يصدر منه أذى، حتى لعدوه.
على المؤمن أن يترك في الناس أثرًا طيبًا، لا سيما في أهله، بدعوة إلى معروف أو نهي عن منكر، أو بخلق حسن.
دعاؤنا لكم بالتوفيق والسداد، ودمتم سالمين.