السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1-أنا الإبن الأصغر و عدنا ابًا عن جَد معدوم الإحترام للإبن الأصغر و متأثرين بمثال(صغير القوم خادمهم) و هذا يطبقوا بالحرف الواحد ، اي صغير بالعائلة يهينوا و
يضربوا و يتعاملون ويا كالخادم و اسوء
2- من تصير مشكلة مع أشخاص بلا اخلاق و أنا صاحب الحق اهلي يقولون لي اسكت حتى نتجنب المشاكل ، و احنا نتعارك و واحد ياكل الثاني بالبيت و بالخارج الي يهينا لازم نسكت و نحترمه اجباري بحجة الابتعاد عن المشاكل ،(الحُكم الشرعي شنو ، و شنو الحل)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب.
ولدي العزيز، أشكر لك صدقك في عرض مشكلتك، وأدرك كم هو مؤلم أن يُعامَل الإنسان بغير ما يستحق، خاصة من أقرب الناس إليه.
لكن يا بني، لا بد أن نبدأ حديثنا من حيث أراد الله لنا أن نبدأ، من منهج الرحمة والبر، منهجٍ قرن فيه سبحانه طاعته بطاعة الوالدين، وجعل برّهما مفتاحًا من مفاتيح الجنة، حتى وإن قسوا أو جاروا.
وإليك يا بني بعض التوجيهات التي تعينك على التعامل مع هذا الابتلاء بحكمة وصبر، لعلّ الله يجعل لك فيه أجرًا ونورًا وطريقًا إلى الإصلاح والراحة بإذنه تعالى:
أولًا: منزلة الأب في الإسلام
اعلم يا بُني أن الوالد له حرمة عظيمة في الإسلام، فقد قرن الله طاعته بطاعته، فقال سبحانه: {وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً * وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً}، (سورة الإسراء، آية ٢٣-٢٤)
وورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق: " وَ أَمَّا حَقُّ أَبِيكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ أَصْلُكَ وَ أَنَّهُ لَوْلاَهُ لَمْ تَكُنْ فَمَهْمَا رَأَيْتَ فِي نَفْسِكَ مِمَّا يُعْجِبُكَ فَاعْلَمْ أَنَّ أَبَاكَ أَصْلُ اَلنِّعْمَةِ عَلَيْكَ فِيهِ فَاحْمَدِ اَللَّهَ وَ اُشْكُرْهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَ لاٰ قُوَّةَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ. " (الخصال ج ٢، ص ٥٦٤)
ومع كل هذا، فإن ذلك لا يعني السكوت عن الظلم أو الإهانة بلا حدود، لكن الإسلام يدعونا إلى الحكمة في الإصلاح، والرحمة في التغيير، لا إلى التصادم وردّ الإهانة بإهانة.
ثانيًا: كيف تتعامل مع والدك بحكمة وصبر؟
إليك بعض الحلول التي يمكن أن تعينك إن شاء الله:
١. اختر وقت هدوء الوالد، واجلس معه بجوّ من المحبة، بلا لوم ولا عتاب، وعبّر له عن مشاعرك بلطف، وقل له مثلًا: أبتاه، أنا أحبك وأريد رضاك، لكن أحيانًا أشعر أني لا أُعامل بعدل، وهذا يؤذيني…
فإن القلوب تميل إلى الكلمة الطيبة، وربما هو لا يشعر بما يصدر منه.
٢. داوم على الجلوس معه في أوقات الراحة، وشاركه في اهتماماته، فإن الإنسان بطبعه يلين عندما يرى من يحترمه رغم تقصيره، وسيفتح الله بينكما أبواب الود.
٣. تسلّح بالصبر، واحتسب أمرك عند الله.
اعلم يا بني أن صبرك هذا سيكون في ميزان حسناتك، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
الله سبحانه وتعالى يختبرنا أحيانًا في حياتنا بأمور قد تكون ثقيلة على نفوسنا، ولكن تذكر دائمًا أن الصبر هو مفتاح الفرج، وأن الله مع الصابرين. كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. (سورة الزمر، آية 10)
فاصبر واحتسب ما تواجهه من صعوبات، سواء في تعاملك مع والدك أو في غيرها من التحديات الحياتية، فالله لا يضيع أجر الصابرين، فإذا صبرت، فإن الله سيجازيك بأجر عظيم، وستجد فرجًا قريبًا، بقدر ما هو خير لك، ولا يعلمه إلا هو
٣. إن لم تنفع محاولاتك، فاستعن بشخص حكيم من العائلة – كعم أو خال أو أخ كبير – تثق بحكمته وخلقه، ليكلّم والدك بطريقة غير مباشرة، ويبين له أثر هذه المعاملة عليك، من غير أن يظهر أنك شكوته.
٥. تذكّر يا بني أن الإحسان إلى من أساء إليك هو خُلق رفيع من أخلاق أهل البيت عليهم السلام،
فقد كانوا يواجهون الجفاء بالصفح، ويقابلون القسوة بالرحمة، ويعلّموننا أن أعظم النفوس هي التي تسمو فوق الأذى وتبتغي وجه الله في كل موقف.
فلا تجعل في قلبك حقدًا أو كراهية، وادفع الإساءة بالإحسان، وكن أنت سبب الخير والصلاح في بيتك، واجعل نيتك إصلاح الحال وكسب رضا الله، فإن الله إذا رضي عن عبدٍ أصلح له شأنه، وفتح له أبواب البركة من حيث لا يحتسب.
وأخيرًا يا بني،
قد يكون الله قدّر لك أن تكون مفتاح الرحمة في قلب أبيك، فتُصبح بخلقك الحسن وصبرك الجميل سببًا في تغيّره وهدايته، وهذا خير وأبقى من أن تنتصر لنفسك في لحظة زعل.
فاثبت على الحلم، وادعُ له بإخلاص، وواصل إحسانك إليه، فإنك إن أكرمت والدك رغم قسوته، أكرمك الله بكرم لا ينفد، ورفعك في أعين الخلق، وفتح لك أبواب بركته من حيث لا تحتسب
أسأل الله أن يُلين قلب والدك، ويجعل لك في صبرك نورًا، وفي برّك رفعة، وفي دعائك استجابة، وأن يعوّضك عن كل لحظة ألمٍ بأضعاف من رحمته ولطفه، إنه أرحم الراحمين.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.