وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أبنتي الكريمة، أفهم جيداً مشاعركِ وألمكِ بسبب الظروف الصعبة التي عشتها، وتحمل مسؤوليات كبيرة في عمر صغير، وهذا ليس بالأمر السهل أبداً، فإنّ فقدان حنان الأم وابتعادها عنكم ترك أثره في قلبكِ، وهذا شعور مؤلم للغاية، ولكن تذكري أن الله (سبحانه وتعالى) يعلم بحالكِ ويطلع على نيتكِ وصبركِ وتعبكِ لأجل عائلتكِ ومرض والدكِ وأخوتكِ.
أما عن دعاء والدتكِ عليكِ، فاعلمي أن الله عز وجل عادل ورحيم، ولا يستجيب دعاء الظالم على المظلوم، وخاصة إذا كنتِ لم تؤذيها وإنما تكلمتِ بما في قلبكِ من ألم وحرقة وظلم بسبب غيابها. الله تعالى لا يظلم أحداً وهو أرحم بكِ من أمكِ ومن نفسكِ: "{•• وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف: 49]، الدعاء يُستجاب إذا كان الإنسان مظلوماً وصادقاً، أما دعاء الأم على بنتها ظلماً أو بدافع الغضب وبدون حق، فذلك لا يستجاب عند الله تعالى ، وخصوصاً أن الوضع عندكِ واضح، وأنكِ لم تفعلي حراماً ولم تعصي أمكِ عمداً، بل أنتِ فقط مجروحة وظروفكِ قاسية.
حاولي رغم كل شيء أن لا تحملي في قلبكِ كراهية شديدة أو غضب تجاهها، وادعي الله أن يصلح حالكِ ويجبر كسركِ ويرزقكِ سعادة وسَعة صدر، ويحنن قلب والدتكِ عليكِ، وإن استطعتِ ابقي على الحد الأدنى من الاحترام الغائب بفعل الظروف، ليس من أجلها فقط بل من أجل نفسكِ وأجركِ عند الله سبحانه ، و أنتِ قوية وصبورة، والله معكِ ولن يضيع أجركِ وصبركِ أبداً.
أسأل الله أن يعوضكِ خيراً ويجبر قلبكِ بحق نبيه الكريم وآله الطيبين الطاهرين.