خادمة مولاتي الزهراء عليها السلام
( 18 سنة )
- العراق
منذ 3 أشهر
السيدة رقية وكيف سلبت اقراطها وهي ترتدي الحجاب
السلام عليكم
لدي امر محير جداً دائما ما نسمع بالقصائد الحسينيه هو سلب اقراط السيدة رقية عليها السلام كيف سلبت اقراطها وهي ترتدي الحجاب اذا كانت لم تصل سن التكليف فهي بنت الامام الحسين وبنات الائمة يعرفن بالعفة والحشمة اما اذا كان قد تعدى العدو الحدود وخلع الحجاب واخذ الاقراط فهذا غير هين على الله تعالى ان ترى الناس بنت الحسين ومن ذرية الزهراء من غير حجاب اما اذا كان هذا شيء لم يرد عن الأئمة فلماذا يذكرونه وفيه اهانه الى السيدة رقية عليها السلام
نرجو من حضرتكم توضيح هذه الامر جزاكم الله خيراً
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، أجاب علمائنا على هذا السؤال، منهم الشيخ الفاضل محمد صنقور، في مقالة مفصلة، حول (مقدارُ ما سُلبَ من نساء أهل البيت (عليهم السلام))، نذكرها ملخصة:
وهو أن المقدارُ الذي يمكن التثبُّتُ من صحَّتِه بل ووقوعِه هو أنَّ جماعة من جيش عمر بن سعد اقتحموا بعد مقتل الحسين (عليه السلام) مخيمَه فانتهبوا ما فيها من متاعٍ وحُللٍ ووَرْسٍ وفرُشٍ وحُليٍّ وما أشبه ذلك، ثم مالوا إلى مَن صادفوه من النساء فجاذبوهنَّ ما على ظهورهنَّ من الملاحِف فربَّما غُلبت المرأةُ على ملحفتِها، وقع ذلك قبل أنْ يصلَ عمرُ بن سعد - قائد الجيش - فيمنعُ هؤلاء الأوباش من السلب ويوكِّلُ جماعةً من جُندِه بحراسة الخيمة التي فيها النساء بعد أنْ أُحرقت سائرُ الخيام.
هذا هو المقدارُ الذي يُمكن التثبُّتُ من وقوعِه، فقد نصَّ على ذلك أكثرُ المؤرِّخين من الفريقين إنْ لم يكن جميعُهم، أعني مَن تصدَّى لبيان تفاصيل ما وقَعَ يوم الطف.
ولتوثيق ذلك أنقلُ لكم بعضاً من النصوص المُتضمِّنة لهذه التفاصيل:
الإرشاد: "وانتهبوا رحلَه وإبلَه وأثقالَه وسلبوا نساءَه. قال حميدُ بن مسلم: فواللهِ لقد كنتُ أرى المرأةَ من نسائِه وبناتِه وأهلِه تُنازعُ ثوبَها عن ظهرها حتى تُغلبَ عليه فيُذهبُ به منها ... المزید وجاءَ عمرُ بنُ سعد فصاح النساءُ في وجهِه وبكينَ فقال لأصحابه: لا يدخلُ أحدٌ منكم بيوتَ هؤلاء النسوة، ولا تعرضوا لهذا الغلامِ المريض، وسألتْه النسوةُ ليسترجع ما أُخذ منهنَّ ليتسترنَ به فقال: مَن أَخذ من متاعهنَّ شيئًا فليردَّه عليهنَّ، فواللهِ ما رَدَّ أحدٌ منهم شيئًا، فوكَّل بالفسطاط وبيوتِ النساء وعليِّ بن الحسين جماعةً ممَّن كانوا معه وقال: احفظوهم لئلا يخرجَ منهم أحدٌ، ولا تُسيئن إليهم"(١).
أنساب الأشراف: "ومال الناسُ على الوَرس والحُلل والإبل فانتهبوها وأخذ الرحيلُ بنُ زهير الجعفي، وجريرُ بن مسعود الحضرمي، وأُسيد بن مالك الحضرمي أكثرَ تلك الحُلل والورس. وأخذ أبو الجنوب الجعفي جملًا .. وجاذبوا النساء ملاحفَهُنَّ عن ظهورهِنَّ فمنَع عمرُ بنُ سعد مِن ذلك فأمسكوا"(٢).
والظاهرُ من النصوص التي أوردنا بعضَها أنَّ الذي تمَّ سلبُه من النساء أو من بعضِهنَّ هي الملاحف كما نصَّ على ذلك البلاذري في أنساب الأشراف، واللهوف لابن طاووس(٣)، ورواية الصدوق في الأمالي(٤)، وكما هو ظاهرُ أكثرِ النصوص التي عبَّرت بمثل: "تُنازع ثوبَها عن ظهرِها حتى تُغلبَ عليه فيُذهبُ به منها" كما في الإرشاد للمفيد، وتجارب الأمم لابن مسكويه(٥)، وتاريخ الطبري(٦)، فإنَّ المراد من الثوب هو المِلحفة أو ما أشبه ذلك فهي التي تكون على الظهر.
ومن ذلك يتَّضح مرادُ السيِّد ابن طاووس من قوله: "فخرجنَ حواسرَ مسلَّبات"(٧) فالمرأةُ الحاسر هي التي حسَرتْ عنها دِرعها كما عن الفراهيدي في كتاب العين(٨).
سلبُ الأقراط:
هل تمَّ سلبُ نساء أهل البيت (عليهم السلام) ما عليهنَّ من أقراطٍ وخلاخيل وخواتم؟
لم أقفْ رغم التتبُّع على مَن عمَّم ذلك سوى ابن نما الحلِّي (رحمه الله) في كتابه مثير الأحزان قال: "ثم اشتغلوا بنهبِ عيال الحسين (عليه السلام) ونسائِه حتى تُسلبَ المرأةُ مقنعتَها من رأسِها أو خاتمَها من إصبعِها أو قُرطَها من أُذنها وحجلَها من رجلِها، وجاء من سنبس إلى ابنة الحسين (عليهما السلام) وانتزع مِلحفتَها من رأسِها"(٩).
وقد تبيَّن ممَّا تقدَّم وَهنُ هذا الخبر وعدم صحَّة الاعتدادِ به، هذا مضافًا إلى أنَّ القضايا التاريخيَّة إنَّما يتمُّ التثبُّتُ من صحَّتها بتعاضد النصوص أو احتفاف النصِّ بشواهدَ وقرائنَ تقتضي الوثوق أو لا أقل من الظنِّ القويِّ بصحَّته، والنصُّ المذكور فاقدٌ فيما تفرَّدَ به لكلا الأمرين.
وعليه فليس لنا ما يُصحِّح البناء على تعميم وقوع السلب لحليِّ النساء مِن على أبدانِهن ليس لأنَّ جيشَ عمر بن سعد يتورَّعُ عن مِثل هذه الموبِقة بل لأنَّه لم نقْفْ على ما يَصحُّ التعويلُ عليه لإثبات ذلك، فمجرَّد الإمكان وتوقُّعِ الحدوث لا تَثبُتُ به الوقائع التاريخيَّة وإنَّما تثبتُ بالأخبار الحسِّيَّة الواصلة والمتعاضدة والمُثبتَة في مصادرَ معتبرة نسبيًّا وهذا ما تفتقدُه هذه الدعوى.
[مقالة الشيخ محمد صنقور، (بتصرف)].
دمتم في رعاية الله وحفظه.
_______________________________
(١) الإرشاد، الشيخ المفيد، ج٢، ص١١٣.
(٢) أنساب الأشراف، البلاذري، ج٣، ص٢٠٤.
(٣) اللهوف، ابن طاووس، ص ٧٨.
(٤) الأمالي، الشيخُ الصدوق، ص٢٢٩.
(٥) تجارب الأمم، ابن مسكويه، ج٢، ص٨١.
(٦) تاريخ الطبري، الطّبري، ج٤، ص ٣٤٦.
(٧) اللهوف، ابن طاووس، ص٧٨.
(٨) العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، ج٣، ص١٣٤.
(٩) مثير الأحزان، ابن نما الحلِّي، ص٥٨.