وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، لا يمكن أن يقاس نور القلب و نور الإيمان بالمرطبات وغيرها؛ إذ لكل خصائصه، من خصائص المرطبات العمل على ترطيب وتحسين البشرة، أما الإيمان فمن خصائصه ينير القلب، ويمكن أن يظهر هذا النور على بعض وجوه المؤمنين نتيجةً لإخلاصهم الشديد، حيث يصفهم الله تعالى (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّـهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّـهِ) (البقرة: ١٦٥).
نذكر لك بعض الأعمال التي تنير القلب:
من الأعمال الإيمانيّة التي تنعكس على الوجه، وتضفي لمسه روحانية في نفس المؤمن صلاة الليل، بالإضافة إلى أن تكون على وضوء وطهارة طوال اليوم، وقراءة القرآن الكريم، وخصوصاً صلاة الليل فقد ورد في فضلها روايات عدّة منها:
١- عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَن كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» (تهذيب الكمال، ج٤، ص٣٧٩).
٢- وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله): صلاة الليل نور» فقال ابن الكواء: ولا ليلة الهرير؟ قال: «ولا ليلة الهرير».(ميزان الحكمة، الريشهري د، ج٢، ص١٦٥٥). وليلة الهرير هي إحدى ليالي معركة صفين حينما خرج الامام علي (عليه السلام) لحرب معاوية (لعنه الله).
٣- وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) - لمّا سئل: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجهاً؟ «لأنّهم خَلَوا بربهم فكساهم الله من نوره» (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٨٤، ص١٥٩).
٤- وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «صلاة الليل تبيّض الوجه، وصلاة الليل تطيّب الريح، وصلاة الليل تجلب الرزق» (ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص١٦٥٥).
وأمّا قراءة القرآن الكريم، فبغض النظر عن الروايات الكثيرة في فضل قراءته، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل». (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٧١، ص١٩٢).
فلا يعقل من يجعل القرآن خليله لا يكتسب النور منه وهو كلام الله تعالى الذي أنار به قلب نبيه (صلى اللّه عليه وآله).
بعد ذكر هذه الروايات اعلمي ابنتي، أن هنالك مسألة مهمة، وهي أنّ نور القلب أهم بكثير من بياض الوجه، فلا يجعل العمل العبادي من أجل تحصيل بياض الوجه أو نور للوجه، فهذا قد يؤدي إلى الغرور أو الرياء العياذ بالله تعالى فعلينا الحذر، ومع ذلك الكثير من الناس نشاهدهم لديهم بشرة بيضاء لكن بعضهم القلب ينفر منهم، وفي مقابل ذلك نشاهد القلب يميل إلى اصحاب البشرة السمراء، وبمجرد ما نراهم نقول: ما شاء الله على نور وجهه، ولقد كانت بعض صفات الأئمة تميل إلى السمرة، لكن في مقابل ذلك نور الإمامة.
فالأساس هو القلب كما قال تعالى: {أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (الانعام: ١٢٢).
فالإيمان الذي يتحلى به المؤمن يظهر على ملامحه، فيسر كل من نظر إليه.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.