وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته
مرحباً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، يذكر صاحب تفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج١٣، ص(٣٥١):
أما المراد من "الجلباب" فقد ذكر المفسرون وأرباب اللغة عدة معان له:
١- أنه "الملحفة"، وهي قماش أطول من الخمار يغطي الرأس والرقبة والصدر.
٢- أنه المقنعة والخمار.
٣- أنه القميص الفضفاض الواسع (١).
ومع أن هذه المعاني تختلف عن بعضها، إلّا أنّ العامل المشترك فيها أنّها تستر البدن.
وتجدر الإشارة إلى أنّ "الجلباب" يقرأ بكسر الجيم وفتحها، إلّا أنّ الأظهر أنّ المراد هو الحجاب الذي يكون أكبر من الخمار وأقصر من العباءة، كما ذكر ذلك صاحب لسان العرب.
والمراد من (يدنين) أن يقربن الجلباب إلى أبدانهن ليكون أستر لهن، لا أن يدعنه كيف ما كان بحيث يقع من هنا وهناك فينكشف البدن، وبتعبير أبسط: أن يلاحظن ثيابهن ويحافظن على حجابهن.
أمّا ما استفاده البعض من أنّ الآية تدل على وجوب ستر الوجه أيضاً، فلا دليل عليه، والنادر من المفسرين من اعتبر ستر الوجه داخلا في الآية(٢).
وعلى كل حال، فيستفاد من هذه الآية أن حكم الحجاب بالنسبة للحرائر كان قد نزل من قبل، إلا أن بعض النسوة كن يتساهلن في تطبيقه، فنزلت الآية المذكورة للتأكيد على الدقة في التطبيق.
ولما كان نزول هذا الحكم قد أقلق بعض المؤمنات مما كان منهن قبل ذلك، فقد أضافت الآية في نهايتها {وكان الله غفوراً رحيماً} فكل ما بدر منكن إلى الآن كان نتيجة الجهل فإن الله سيغفره لَكُنَّ، فتبن إلى الله وارجعن إليه، ونفذن واجب العفة والحجاب جيداً.
بعد الأمر الذي صدر في الآية السابقة للمؤمنات، تناولت هذه الآية بعداً آخر لهذه المسألة، أي أساليب الأراذل والأوباش في مجال الإيذاء، فقالت: لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً.
واما العباءة فيقول الأستاذ عبَّاس بغدادي في كتابه "بغداد في العشرينيات" (ص١٤٣) واصفاً حال المرأة العراقية ذاك الحين:
(أمَّا العبي النِّسائيَّة، فكانت من النوع الحريري الأسود ... المزید وإنَّ العباءة كلّها منسوجة مثل إيزارات اليهوديات والمسيحيات.....
والمرأة المحتشمة تلبس عباءتين: داخلية تُلبس على الكتف، وخارجية على الرأس مع (البوشية) الَّتي تغطي الوجه ولا تمنع الرؤية، وهي سوداء عدا بوشيات اليهوديات والمسيحيات، فهي مصنوعة من الحرير والكلبدون، ويمكن رفعها إلى الأعلى....)
وينقل لنا التأريخ أنّ حجاب الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) وابنتها العقيلة (عليها السلام ) كان هو الأكمل إلى درجة أنّ الزهراء (عليها السلام) لم تظهر أمام الرجال وهي بحجابها في غير الضرورة فهي القائلة عندما سألها النبي (صلى الله عليه وآله): «أي شيء خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل». فضمها إليه، وقال: «ذرية بعضها من بعض».
وكان في ذلك الزمان الرداء وهو يُلْبَس فوق الثِّياب كالجُّبَّة والعَباءة.
وأيضاً المِلْحَفَةُ: وهو رداءٌ تلتحف به المرأةُ فوق ثيابها كالعبائة أو أكثر منها ستراً.
ودمتم موفقين.