وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ابنتي الكريمة، إن معنى العفّة هو: صفة نفسانيّة في البشر.
ويمكن التعرّف إليها من خلال آثارها التي تظهر على الإنسان، وهذه الآثار ذكرَتها بعض الروايات، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الصبر عن الشهوة عفّة»(١).
وعنه (عليه السلام): «العفاف زهادة»(٢).
وهي صون النفس وتنزيهها عن كلّ أمرٍ دنيّ. وعنه (عليه السلام): «العفاف يصون النفس وينزهها عن الدنايا»(٣).
هذه كلّها من آثار العفّة التي تشير إليها.
ومتعلّقات العفّة كثيرة نشير هنا إلى بعضها:
أ- العفّة عن إظهار الحاجة الماديّة:
يقول تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ ... المزید﴾(٤).
وعن أمير المؤمنين(عليه السلام): «العفاف زينة الفقر»(٥).
ب- العفّة في تشديد الحجاب:
يقول تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(٦).
ج- العفّة عن الشهوة:
يقول تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ.﴾(٧).
وهذه العفّة يجب أن تزداد كلّما ازدادت المرأة جمالاً، فقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «زكاة الجمال العفاف»(٨).
د- العفّة عن أكل الحرام:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إذا أراد الله بعبدٍ خيراً، أعفّ بطنه وفرجه»(٩).
وهذا ينعكس على طلب الإنسان للدنيا، فعنه (عليه السلام): «على قدر العفّة تكون القناعة»(١٠).
وبالنسبة لثمرات العفّة، فقد أشارت الروايات إلى العديد من الثمرات والبركات التي تترتّب على العفّة، نذكر منها:
١- حسن المظهر والتصرف:
ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «من عفّت أطرافه، حسنت أوصافه»(١١).
وعن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): «أمّا لباس التقوى فالعفاف، إنّ العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً من الثياب، يقول الله ﴿... وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ...﴾(١٢)(١٣).
٢ـ الوقاية:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لكاد العفيف أن يكون ملكاً من الملائكة»(١٤).
فهذه الرواية تشير إلى أنّ العفّة سبب في ترك المعاصي والقرب من الله تعالى، بحيث يصبح سلوكه كلّه طاعة لله تعالى وكأنّ العفيف ملك من الملائكة، وكلمة أمير المؤمنين (عليه السلام): «ثمرة العفّة الصيانة»(١٥)، تشير إلى ذلك أيضاً.
٣ـ الثواب العظيم:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «طوبى لمن تحلّى بالعفاف»(١٦).
وعنه (عليه السلام): «ما المجاهد الشهيد في سبيل الله، بأعظم أجراً ممّن قدر فعفّ»(١٧).
ودمتم موفقين.
___________________________________
(١) مستدرك الوسائل، ج١١، ص٢٦٣.
(٢) ميزان الحكمة، ج٣، ص٢٠٠٦.
(٣) عيون الحكم والمواعظ، ص٢١.
(٤) البقرة: ٢٧٣.
(٥) نهج البلاغة، ج٤، ص١٥، الحكمة ٦٨.
(٦) النور: ٦٠.
(٧) النور: ٣٣.
(٨) مستدرك الوسائل، ج٧، ص٤٦.
(٩) ميزان الحكمة، ج١، ص٨٤٢.
(١٠) عيون الحكم والمواعظ، ص٣٢٧.
(١١) عيون الحكم والمواعظ، ص٤٦٤.
(١٢) الأعراف: ٢٦.
(١٣) بحار الأنوار، ج٦٨، ص٢٧٢.
(١٤) نهج البلاغة، الحكمة ٤٦٦.
(١٥) عيون الحكم والمواعظ، ص٢٠٨.
(١٦) موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ فادي النجفي، ج٧، ص٢١٥.
(١٧) نهج البلاغة، الحكمة ٤٦٦.