logo-img
السیاسات و الشروط
yousif Ali ( 19 سنة ) - العراق
منذ شهرين

علاقة الله بالزمن و مفهوم حركة الله

سؤال عن علاقة الله بالفيزياء. الله غير متزمن، فما حاجته بذكر الزمن بما يتعلق بأحداث له دورٌ بها كما في القرآن "إنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض َ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ". و غيرها من الآيات التي لا يسعني مجال للكتابة عنها. إضافةً الى سؤال عجزته عن حله . الا وهو اذا كان الله قادراً على الحركة بمفهومها المادي بذاته فأنه محدود و هذا خلاف وصفه لنفسه. او انه عاجز على ذلك كونه ليس مادياً و ذلك ايضاً خلاف و صفه وكلاهما ينقضان كماله


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته جواب السؤال الأول: اعلم أنّ الزمان ـ على ما تقرر في مباحث الطبيعيات ـ هو مقدار الحركة، أي هو العدد التقديري للحركة بحسب قبلٍ وبعدٍ، وهو قائم بالمتحركات لا بذات الواجب تعالى. والواجب من حيث ذاته، بسيط الحقيقة، أحديّ الذات، لا يعتريه تدرّج ولا تغيّر، لاستلزامهما الإمكان والنقص، وقد ثبت بالدليل أنّ ذاته عين الكمال الصرف. وإنّما يُذكر الزمان في مقام بيان الأفعال الصادرة عنه لا من حيث ذاته، بل من حيث صدور الأثر في عالم الطبيعة، والمجال الزماني. فالقول بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، إنما هو تعبير عن تقدير التعلّقات الفعلية على مراتب القوّة والفعل، بحسب استعداد المحال القابلة، لا بحسب ذاته البسيطة. فالزمان في حقّه تعالى إضافيٌ تعليقي، لا حقيقيّ ذاتي، أي نسبة ملاحَظة من جهة المتغير لا من جهة المؤثر. وبعبارةٍ أُخرى: حين نقول إن الله تعالى "فعل كذا في زمن كذا"، فإننا لا نقصد أن الزمان ظرفٌ حقيقيّ لفعله تعالى، بحيث يكون هو واقعاً في الزمان، كما هو حال الموجودات المادية، بل المقصود أن الفعل الصادر منه، أي الأثر في الخارج، قد تحقّق بمرتبة من مراتب الزمان، لا أن الفاعل تأثر بالزمان. فالزمان في هذه الحال يكون إضافة بين الفعل والمفعول، ناتجة عن تغيّر المفعول لا تغيّر الفاعل. وهو ما يُسمّى بـ"الإضافة التعليقية"، أي التي تنشأ من جهة تعلّق الفعل بالممكنات الزمانية، لا من جهة تغيّر في ذات الفاعل. ومثال ذلك: كقولنا "كتب الكاتب في ساعة"، فليست "الساعة" وصفًا للكاتب من حيث هو كاتب، بل وصفٌ لفعل الكتابة من حيث ظهوره في وقت معيّن. فالزمان هنا تابع للفعل والمادة القابلة، لا للفاعل. وهكذا يُفهم أن الزمان في حق الله معتبرٌ من جهة المتغيرات والممكنات التي تستقبل أفعاله، لا من جهة ذاته المتعالية عن التغير. جواب السؤال الثاني: هذا الترديد باطل من أصله، لتضمنه للمغالطة في المفهوم. فإنّ القدرة المطلقة لا تعني التسلّط على المحالات الذاتيّة، بل تعني إمكان الفعل والترك في ما له جهة إمكان ذاتي. وأمّا الحركة الذاتية ـ التي هي خروج الشيء من القوّة إلى الفعل ـ فإنها تستلزم الامكان الذاتي، لأن المتحرك لا بد له من قابلية التغير. والواجب تعالى ليس بالقوة في شيء من جهاته، فكيف يصح أن يُفرض عليه الخروج من القوة إلى الفعل؟ بل هو فعلٌ محض ووجودٌ صرف، والحركة إنما تلحق ما فيه شوائب العدم والنقص. فالقول بأن الله "لا يقدر على الحركة" إن أُريد به نفي كمال، فهو باطل، لأن القدرة لا تتعلّق بالمحال، كما لا تتعلّق بخلق شريك له، أو بخلق صخرة لا يستطيع حملها، فكل ذلك مما لا تتعلّق به القدرة أصلاً، لا لقصور في الفاعل، بل لاستحالة المتعلّق. فالتحرّك لا يكون كمالاً إلا في حقّ ما هو بالقوّة، أما مَن كان كماله عين ذاته، فلا يليق به التغير. والحركة إنما تليق بالمركّب، لا بالبسيط الحق. إذن، الزمان والحركة مفهومان تابعان للمادة، والمادة حدّ النقص. والواجب تعالى بسيط الحقيقة، لا حدّ له، فامتناع الحركة عليه هو من كماله لا من نقصه، وورود الزمان في النصوص إنما هو على نهج المجاز العقلي، بلحاظ آثار الفعل لا الذات.