logo-img
السیاسات و الشروط
مصطفى ( 18 سنة ) - العراق
منذ 4 أشهر

عصمة النبي في القرآن الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، انا في نقاش مع صديق لي من المذهب السني حول عصمة النبي، استشهَدَ لي بآيات توبيخ من الله وعتاب على النبي من قبله، الآن نتناقش حول اول 3 ايات من سورة الفتح، قلت له بأن غفران الله للنبي هنا بمقصد ارضاء المشركين عنه وغفران عمله من منظورهم، فاجابني إذًا يجب يتم الله نعمته على رسوله ويهديه صراطًا مستقيمًا وينصره بالنسبة لهم، لأن تلك الأمور جاءت معطوفة بحرف العطف "و" على المغفرة، ولن يراه المشركين على الهدى والنعمة إلا عندما يكون مثلهم على ضلالة وطريق السوء! افيدونا.


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إبني العزيز حيّاكَ الله وأكرمك على حرصك في الدفاع عن مقام النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله)، والبحث في هذه القضايا العقدية الدقيقة، وأحسنت في إشارتك إلى أن العتاب في القرآن لا يدل على المعصية بذاتها، بل هو بمعنى آخر قد يكون لمقام التعليم أو الشفقة على الأمة أو حتى رداً على تصورات الآخرين، لا على ذات النبي (صلى الله عليه وآله). سنقوم بالإجابة عن الإشكال المذكور بما يلي: أولاً: الآية الشريفة ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا • لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا • وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾ (سورة الفتح، 1-3) قال العلامة الطباطبائي (قدس سر) في تفسيره الميزان: (" وبالجملة هذا الاشكال نعم الشاهد على أن ليس المراد بالذنب في الآية هو الذنب المعروف وهو مخالفة التكليف المولوي، ولا المراد بالمغفرة معناها المعروف وهو ترك العقاب على المخالفة المذكورة فالذنب في اللغة على ما يستفاد من موارد استعمالاته هو العمل الذي له تبعة سيئة كيفما كان، والمغفرة هي الستر على الشئ، وأما المعنيان المذكوران المتبادران من لفظي الذنب والمغفرة إلى أذهاننا اليوم أعني مخالفة الامر المولوي المستتبع للعقاب وترك العقاب عليها فإنما لزماهما بحسب عرف المتشرعين. ") وقال (قدس سره): (" فالمراد بالذنب - والله أعلم - التبعة السيئة التي لدعوته صلى الله عليه وآله وسلم عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون) الشعراء: 14، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: (ويتم نعمته عليك - إلى أن قال - وينصرك الله نصرا عزيزا). ") المصدر: تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، الجزء ١٨، الصفحة ٢٥٤. ثم ذكر السيد (قدس سره): (" والتدبر في سياق الآيتين بالبناء على ما تقدم من معنى قوله: (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) يعطي أن يكون المراد بقوله: (ويتم نعمته عليك) هو تمهيده تعالى له صلى الله عليه وآله وسلم لتمام الكلمة وتصفيته الجو لنصره نصرا عزيزا بعد رفع الموانع بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وبقوله: (ويهديك صراطا مستقيما) هدايته صلى الله عليه وآله وسلم بعد تصفية الجو له إلى الطريق الموصل إلى الغاية الذي سلكه بعد الرجوع من الحديبية من فتح خيبر وبسط سلطة الدين في أقطار الجزيرة حتى انتهى إلى فتح مكة والطائف. وبقوله: (وينصرك الله نصرا عزيزا) نصره له صلى الله عليه وآله وسلم ذاك النصر الظاهر الباهر الذي قلما يوجد - أو لا يوجد - له نظير إذ فتح له مكة والطائف وانبسط الاسلام في أرض الجزيرة وانقلع الشرك وذل اليهود وخضع له نصارى الجزيرة والمجوس القاطنون بها، وأكمل تعالى للناس دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الاسلام دينا. ") المصدر: تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، الجزء ١٨، الصفحة 258. وقد نقلَ السيد أجوبة وتوجيهات عديدة لكثيرٍ من علمائنا الأعلام منها ما قبِلَ بها ومنها ما ناقشه، فتستطيعون مراجعتها للاستفادة أكثر. وأيضاً ينبغي ملاحظة حال الواو في اللغة العربية، فالواو لا تدلُ دائماً على الترتيب أو السببية أو التلازم، وإنما تدل على الجمع فقط. ذكر ابن عقيل الهمداني في شرحه للألفية: (" فالواو: لمطلق الجمع عند البصريين، فإذا قلت: " جاء زيد وعمرو " دل ذلك على اجتماعهما في نسبة المجئ إليهما، واحتمل كون " عمرو " جاء بعد " زيد "، أو جاء قبله، أو جاء مصاحبا له، وإنما يتبين ذلك بالقرينة، نحو: " جاء زيد وعمرو بعده، وجاء زيد وعمرو قبله، وجاء زيد وعمرو معه "، فيعطف بها: اللاحق، والسابق، ومصاحب. ومذهب الكوفيين أنها للترتيب، ورد بقوله تعالى: (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى) ") المصدر: شرح ابن عقيل، ابن عقيل الهمداني، الجزء ٢، الصفحة ٢٢٦. فالمعنى المقتنص من الآية الشريفة يمكن أن يكون هكذا: (" لقد فتحنا لك فتحاً مبيناً، والنتائج التي ستترتب: 1- سيُظهر الله براءتك مما يُظن أنه ذنب (غفران مجازي) 2- وسيُتمّ نعمته عليك 3- وسيهديك دائماً للصراط المستقيم 4- وسينصرك نصراً عزيزاً ) والذي نريد أن نقوله إنّ العطف هنا للتعدد لا للتلازم أو التبعية حتى يرد إشكال السائل. فنحنُ كشيعة نعتقد بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله، فهو المهدي الهادي، فعندما يقول الله تعالى: (" ويهديك صراطًا مستقيماً ") فهذا لا يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في ضلالة سابقاً (حاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله)، بل الهداية هنا استمرار وتعزيز لهدايته القائمة، كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ (سورة محمد، 17) نرجو أن يكون الجواب واضحاً لديكم، ونحنُ في خدمتكم في توضيح أي فكرة لا تكونُ واضحةً لديكم. وفقكم الله لكل خير ودمتم في رعاية الله