متعلم على سبيل نجاة ( 25 سنة ) - العراق
منذ شهر

دلالة آية المباهلة على فضل أمير المؤمنين عليه السلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال الى سماحة آية الله السيد علي الميلاني دامت بركاته يستشكل بعض أبناء العامة على أن الآية الكريمة (فمن حاجك فيه ... وأنفسنا وانفسكم) لا تدل على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا فضيلة وذلك لأن الله تعالى يقول في اية أخرى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم ..) فهل تدل على أن المخاطبين بهذه الآية الكريمة هم نفس النبي صلى الله عليه وآله ، وكذلك نحو قوله تعالى (والله جعل لكم من انفسكم ازواجا ..) فهل نساء النبي صلى الله عليه وآله هن نفس النبي صلى الله عليه وآله.


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فإن الإشكال الوارد حول لفظ (أنفسنا) في آية المباهلة مردود من وجوه: أولًا: اللغة لا تعتمد على اللفظ المجرد فقط، بل على السياق والمقام والقرائن، فكلمة (أنفسكم) في الآيات الأخرى تفيد معنى "من جنسكم" أو "من مجتمعكم"، ولا يُفهم منها المساواة من حيث الكيان، فالنبي صلى الله عليه وآله ليس "نفس" قومه ذاتا، ولا الزوجة "نفس" الزوج، وإنما من نوعه. أما في آية المباهلة، فالسياق مختلف، فالمقام مقام دعاء ولعن على الكاذبين، ولا يليق أن يُدخِل النبي صلى الله عليه وآله في هذا الموقف الخطير إلا من كان في أعلى درجات الطهارة والصدق والتوحيد، ولذلك لم يأتِ بأحد من الصحابة، بل اقتصر على علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فقد روى ذلك كبار علماء السنة، قال ابن كثير في تفسيره (2/49): فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين، وقال: هؤلاء أهلي. فتشاور وفد نجران فيما بينهم: هل يجيبونه إلى ذلك؟ فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا، هم وأولادهم وأهلوهم، فصالحوه وبذلوا له الجزية. وفي "منهاج السنة" (7/123)، قال ابن تيمية: أما أخذه علياً وفاطمة والحسن والحسين في المباهلة، فحديث صحيح رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص، قال في حديث طويل: لما نزلت هذه الآية: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمة وحسنًا وحسينًا فقال: اللهم هؤلاء أهلي. ثانياً: الحدث نفسه وما ترتب عليه يكشف عن أن (أنفسنا) في الآية ليست مجرد تعبير بلاغي، بل منصبٌ تشريفيٌ عظيمٌ، لا يُعطى إلا لمن بلغ مقاماً خاصًا من القرب من رسول الله، حتى يُعدّ بمنزلة نفسه. ثالثًا: هذا الاصطفاء، الذي قرره القرآن، وفسّره النبي عمليا، وأقرّه جمهور المفسرين، يدل على أن لعلي عليه السلام منزلة استثنائية، وأنه لم يكن جزءً عابرًا من الأمة، بل نفس رسول الله بمعنى المقاربة في المقام والولاية والطهارة، ولذلك كانت هذه الآية من أقوى الأدلة على فضله وولايته. فإسقاط دلالة الآية عبر مقارنة لفظية مع آيات أُخرى، تغافلٌ عن السياق والقرائن، وتجاهلٌ للحديث الصحيح، فلا يصمد هذا الاعتراض أمام منهج علمي منصف.