( 25 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن

السلام عليكم في الزيارة نقول (أني بكم مؤمن وبإيابكم موقن) فماذا يقصد بإيابكم هل يقصد الرجوع بعد حكم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ام معنى اخر


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته اشهد : أي احلف والقسم ، وتأتي بمعنى أعلم ، كما تقول : اشهد ان لا إله إلّا الله وقوله تعالى : ( شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ) أي بيّن واعلم ، وقد ورد في زيارة وارث : « واشهدوا الله وملائكته وأنبياء ورسله إني بكم مؤمن » أي : أجعلهم شهوداً على إيماني بكم فإنّهم أشهاد عدول لا ترد شهادتهم ، ولا تخفى عليهم السرائر ، ولا تغيب عنهم مطويات القلوب والضمائر ، وقد وصف الله تعالى نفسه بكونه شهيداً وشاهداً في مواضع من كتابه ، وكذا الملائكة والأنبياء بقوله : ( وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ ) (١، وروي في قوله : ( لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) إنّ الاُمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء ويطلب الأنبياء بالبيّنة على أنّهم قد بلّغوا فيؤتى باُمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيشهدون لهم . وروي عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : « إيّانا عنى فرسول الله شاهد علينا ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجّته في أرضه » . قوله : « بِكُمْ مُؤْمِنٌ » أي بحقيقة نورانيّتكم ، ومراتب علومكم وأسراركم الخاصّة بكم ، والإيمان التصديق والإذعان . وفي الجامعة : « أشهد الله وأُشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به » . قوله : « وَبِاِيابِكُمْ مُوقِنٌ » يحتمل أن يتعلّق بمؤمن أي مؤمن بكم وبإيابكم إلى الدُّنيا في زمن الرجعة . روى عن الإمام الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ) قال : ليؤمنن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولينصرن عليّاً أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : نعم والله من لدن آدم وهلّم جرّا فلم يبعث الله نبيّاً ولا رسولاً إلّا رُدَّ جميعهم إلى الدُّنيا حتّى يقاتلوا بين يدي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام . وعن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : « ما بعث الله نبيّاً من لدن آدم فهلم جرا إلّا ويرجع إلى الدُّنيا وينصر أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو قوله : ( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ( وَلَتَنصُرُنَّهُ ) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام » . ويؤيّده ما في زيارة العباس عليه‌السلام : « إني بكم وبإيابكم من المؤمنين » . ويحتمل أن يتعلّق بقوله موقن أي مؤمن بكم وموقن بإيابكم ، وهذا أظهر ، وفي الكلام تصريح بثبوت رجعتهم عليهم‌السلام إلى الدنيا لمّا وعدهم الله من الدولة والنصرة ، كيف وقد روي : « إنّ عمر الدُّنيا مئة ألف عام لهم عليهم‌السلام منها ثمانون ألفاً يتمحض لهم الدولة والسلطة » . وهذه أي الرجعة من ضروريّات مذهبنا معاشر الإمامية وقد دلّت عليها والحاصل : إنّ هذا أمر ممكن يمكن تعلّق القدرة الإلهية به ، وقد أخبر به الصادقون المعصومون قطعاً فيجب الاعتقاد به ، ولو من باب التسليم المأمور به بقوله تعالى : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) . وبجملة من الأخبار المعتبرة فلا تستمع إلى الملاحدة الذين يلقون الشبهات إلى الضعفاء باستبعاد هذا الأمر وإنكاره ، وما هذا إلّا كاستبعاد المعاد ونحوه من الضروريات ، وظاهر الأخبار بل صريح كثير منها أنّهم عليهم‌السلام يرجعون إلى الدُّنيا بأشخاصهم وأجسادهم التي كانوا عليها ، فلا تلتفت إلى الجهلة الذين يؤولون هذه الأخبار إلى خلاف ظاهرها من غير برهان قاطع ، متابعة لهوى أنفسهم وسوء آرائهم فيقولون : إنّ المراد رجعة حقائقهم وصفاتهم ، في هياكل متجدّدة وأجساد غير ما كانوا عليه في الأزمنة السابقة . نعم ، اختلف الأخبار ظاهراً في كيفيّة الرجعة ، وترتيب من يرجع من الأئمة عليهم‌السلام ولا حاجة بنا مهمّة إلى الجمع بينهما بعد تسليم أصل الرجعة ، وليعلم أنّ الرجعة لا تصدق على ظهور القائم عليه‌السلام فإنه عليه‌السلام : حيّ موجود الآن لا شك في حياته يظهر بعد ذلك متى شاء الله فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً . فإذا مضى من أوّل ظهوره تسع وخمسون سنة خرج الحسين عليه‌السلام وهو صامت إلى أن تمضي إحدى عشرة سنة فتقتله امرأة من بني تميم لها لحية كلحية الرجل تسمّى ( سعيدة ) وهي شقيّة ، فيتولّى الحسين عليه‌السلام تجهيزه فيقوم بالأمر بعده ، فالرجعة من زمن خروج الحسين عليه‌السلام إلى أن يرفع مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر الأئمة عليهم‌السلام إلى السماء ، وذلك بعد كمال دينهم وسلطنتهم كما وعدهم الله .

2