ريتاج علي ( 23 سنة ) - العراق
منذ شهر

طرق فعالة لدعاء الحوائج المستعصية

السلام عليكم اني طالبة وداصلي صلاة لليل مواضبة عليها من زمان وصلاة الغفيلة ايضا ومداشوف نتيجة القضاء حاجتي +كل صلوات سؤالي شنو الشي الي يحجب الدعاء واريد ادعية او طريقه للحوائج المستعصية واذكرونه بدعاء


وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ابنتي الكريمة، مما لا شك فيه أنّ الدعاء والتضرع إلى الله (عزّ وجل) يرد القضاء، وإن أبرم القضاء إبراماً، فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) - لزرارة -: «ألّا أدلك على شيء لم يستثنِ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قلت: بلى، قال: الدعاء يرد القضاء، وقد أبرم إبراما - وضم أصابعه -» (الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٧٠). فحاشا لله أن يغلق بابه، فقد جاء في دعاء الإفتتاح: (الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه ولا يرد سائله). وجاء في دعاء كوشن الكبير: (يامن بابه مفتوح للطالبين). وهو تعالى من دعانا إلى دعائه وضمن لنا الاجابه، حيث قال: {وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: ١٨٦). لكن ابنتي الكريمة، أريدك أن تعلمي أنّ الدعاء ليس مجرد وسيلة لتحقيق ما نريده على الفور، بل هو أعظم من ذلك، أنّه وسيلة للاقتراب من الله، والتسليم لحكمته ورحمته التي قد لا ندركها في اللحظة نفسها. لذا يتبادر إلى أذهاننا سؤال وهو: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا بالطريقة التي نتوقعها؟ وقبل الجواب على هذا السؤال، أشير لك إلى تنبيه مهم وهو: أن نفس الاستمرار على هذه العبادات والتوفيق لها وخصوصاً صلاة الليل، هو سبب للتوفيق، ففي الرواية أن الشخص يذنب أو يكذب، يحرم من صلاة الليل. جاء عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «إِنَّ اَلرَّجُلَ لَيَكْذِبُ اَلْكَذِبَةَ فَيُحْرَمُ بِهَا صَلاَةَ اَللَّيْلِ فَإِذَا حُرِمَ صَلاَةَ اَللَّيْلِ حُرِمَ بِهَا اَلرِّزْقَ». (تهذيب الأحکام، ج٢، ص١٢٢). فهذا التوفيق يحتاج إلى شكر لله تعالى. أمّا الجواب على السؤال السابق، فيمكن ذكر بعض أسباب بطء الاستجابة: ١- حباً بسماع صوت الداعي: توجد روايات تؤكد أنّ الله تعالى يؤجل الإجابة حبا بسماع صوت عبده ونجواه، روي عن أبي جعفر (عليه السلام) كان يقول: «كَانَ يَقُولُ إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ يَسْأَلُ اَللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) حَاجَةً فَيُؤَخِّرُ عَنْهُ تَعْجِيلَ إِجَابَتِهِ حُبّاً لِصَوْتِهِ وَ اِسْتِمَاعِ نَحِيبِهِ» (الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٨٨). ٢- تعظيم لأجر الداعي: فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام): «لا يقنطنك إبطاء إجابته، فإنّ العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل وأجزل لعطاء الآمل» (ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، الصفحة ٨٨٤). ٣- دفع ما هو أعظم مما دعي الداعي: روي عن الإمام علي (عليه السلام): «وربما سألت الشيء فلم تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته وفيه هلاك دينك لو أوتيته» (ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص ٨٨٤). ٤- الدعاء والعمل: بعض الدعوات والمطالب مرتبطة بسعي الإنسان فلا يصل إليها إلّا بالسعي اللائق بحال الدعوات والمطالب. روي عن الصادق (عليه السلام) قال: «الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر» (وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج ٧، ص ١٤٥). أي الرامي من قوس بلا وتر يسقط سهمه ولا يصيب؛ وهكذا الإنسان الذي يدعو الله سبحانه ولا يعمل بأوامره، لا يجيب الله دعاءه، ليس بخلاً حاشا الله تعالى، بل لأن هذا الدعاء مرتبط بعمل وسعي الداعي، فيخيب مقصود الداعي، لعدم علمه برتباط الداعء بالعمل في بعض المطالب، فوجه الشبه في هذا الحديث هو عدم إمكان الانتفاع بالدعاء بدون العمل. فالدعاء والعمل جناحا النجاح في الحياة، وأحد طرق الاستجابة السريعة إلى الدعاء، فلا غنى لأحدهما عن الآخر. والدعاء هو صلة بين العبد وربه، وتعبير عن التوكل والخضوع، والعمل هو الجهد والسعي لتحقيق الأهداف في الحياة أو نيل المراد. فمن أراد النجاح في الدراسة مثلاً عليه أن يجهد نفسه في القراءة مع الدعاء والخضوع إلى الله تعالى، ولا يكتفي بالدعاء، وترك الدراسة أو العمل وهكذا. هذه الثنائية المتكاملة تجسد مفهوم التوازن الذي دعا إليه الإسلام، حيث يُدمج بين الروحانية والحركة المادية المطلوبة من الإنسان. ٥- الله يعلم ما لا نعلم: أحيانًا ندعو بشيء نراه خيرًا لنا، لكنه في الحقيقة قد يحمل ضررًا، أو لا يكون في مصلحتنا، حيث قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)﴾. وهذا ما نقرأه في دعاء الافتتاح المنسوب إلى عثمان بن سعيد العمري الذي هو أحد نواب القائم ( عجّل الله تعالى فَرَجه): «فَإن أبطأ عَنّي عَتَبتُ بِجَهلي عَلَيكَ وَلَعَلَّ الَّذي أبطَأ عَنّي هُوَ خَيرٌ لي لِعِلمِكَ بِعاقِبَةِ الأمور» (دعاء الافتتاح). فمهما تأخرت عنك استجابة الدعاء فلا تقنطي أو تفتحي باب الوسوسة إلى الشيطان، واعلمي أنّ الله أرحم بكِ من نفسكِ، وأنّ كل ما يصيبكِ له أجر عظيم، فعليك باليقين بالله تعالى، خذي أسوة لك ولكل المؤمنين، نبي الله أيوب الذي صبر على ما مر به من ابتلاء قال عنه تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (ص: ٤٤). فمع كونه نبي من أنبياء الله تعالى فقد ابتلي سبع سنوات، لكن لم يقنط حشاه، بل صبر، لعلمه بحكمة الله تعالى، فقد روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «إنّ أيوب (عليه السلام) ابتلي سبع سنين من غير ذنب وإنّ الأنبياء لا يذنبون؛ لأنّهم معصومون مطهرون، لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً» (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٤٤، ص ٢٧٥) وقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) دعاء عظيم الشأن، فيه درس في التوكل والإيمان بالله تعالى، يمكن أن نستفيد منه، أنّه كان يقول في دعائه: «اللهم مُنَّ عليَّ بالتوكل عليك، والتفويض إليك، والرضا بقدرك، والتسليم لأمرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما قدمت، يا رب العالمين» (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٩٢،ص ٢٩٢) ‏‎ ومع ذلك - ابنتي - عليك بالإلحاح في الدعاء، فإنّ الإلحاح في الدعاء من الأمور التي لها الأثر في إجابة الدعاء، والإلحاح في الدعاء، وكثرة السؤال من الله، فقد روي ذلك الإمام الصادق (عليه السلام): «إن الله (عزَّ وجلَّ) كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة، وأحب ذلك لنفسه، إن الله (عزَّ وجلَّ) يحب أن يسأل، ويطلب ما عنده» (أصول الكافي، الشيخ الكليني، ج ٢، ص٤٧٥). وروي عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) أنه قال:«اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند دعوة المظلوم، فإنها ليس لها حجاب دون العرش» (وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج ٧، ص ٦٥). قضى الله تعالى حاجتكم لما فيه الخير والصلاح لدينكم ودنياكم، بحقّ النبي وآله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين). ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.