البحث عن الحق بين المذاهب
السلام عليكم لنفترض ان هناك شخص حديث عهد في الإسلام ويريد البحث عن الحق بين اهل السنة والجماعة والشيعة انا مُدرك ان البحث طويل وعميق لكني اريد تفصيل ممُل للمسألة ف ماهي الخطوات وماهي البداية وماهي المصادر وأماكن البحث وهل يوجد مكان يجمع جميع الاحاديث المتفق عليها بين المذهبين لعله يفيدني ف أنا اريد شرح وتفصيل كامل للموضوع وجزاكم الله خير الجزاء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياكم الله أخي الكريم وتقبل الله أعمالكم بأحسن القبول بدايةً لا بُدَّ أن نقول جزاكَ الله خيرَ الجزاء على هذا السؤال العميق والجاد، وهو بِحق من أهم الأسئلة التي يسألها المخلصون في طلب الحقيقة. وسَنُجيبُكَ بإذنِ الله تعالى تفصيلاً عمَّا سألت، وسنقسم الجواب إلى مراحل مرتبة بحيث يكون أوضح وأدق، مع ذكر المصادر التي يمكن الرجوع إليها في كل مرحلة. المرحلة الأولى: لماذا نبحث عن الحق؟ إنّ طلبَ الحق فريضةٌ على كُلِّ إنسان، فإنّ معرفة الحق تعني إتباع الطريق الصحيح الموصل إلى الله تعالى، والعمل بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله)، قال تعالى: { وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ }. ﴿٨٤ المائدة﴾ فمَن أراد النجاة لا بد أن يتحرّى الصدق والإنصاف ويُخلص النيّة لله تعالى، ويُبعد الهوى والتعصّب، والله سبحانه وعد مَن يطلب الحق بإخلاص أن يهديه إليه. إضافةً إلى أنّ إتباع الحق يجعل الإنسان في حالة إطمئنان وشعور بالأمن من الخطر المحتمل، خطر أن أكون على غير الحق فأكونَ مُعرَّضاً إلى الهلاك في الآخرة. لهذا ليسَ هناك سبيلٌ للشعور في الأمان والإطمئنان إلا بالوصول إلى الحق واتباعه. المرحلة الثانية: تصحيح النية يجب على الإنسان الذي عرَفَ أنّ الإسلام حق وعرفَ أنّ اللهَ عزَّ وجل حق أنْ يُخلصَ في نيته في طريق البحث عن الحق، فلا ينبغي ان تكونَ نية الباحث عن الحق منجرةً لأحد الاطراف على حسابِ باقي الأطراف، وإلا سيكون هذا البحث عن الحق بحثاً غير منصف، بل ولن يوصل إلى النتيجة التي يُطمأنُّ بها، بحيث أقول في نهاية البحث هيّ هذه النتيجة التي وصلتُ لها والتي أتيقن من أنّها هيّ الحق وأنّ الله تعالى لو كان المطلوبُ غير ذلك لعذرني لأني بذلت غايةَ جهدي في البحث عن الحق وهذا ما وصلت له. المرحلة الثالثة: المعرفة العامة بأساسيات كل فريق ينبغي للباحث عن الحقيقة أن يطلعَ بشكل عام على أساسيات كل مذهب من المذاهب الإسلامية التي يبحث عنها، فمثلاً إذا كانَ يحتمل أن المذهب الحق إما هو المذهب الشيعي أو المذهب السني أو المذهب الإباضي أو الإسماعيلي فيجب على الباحث الإطلاع على المبادئ الرئيسية لهذه المذاهب كأصول الدين وفروعها عندهم. فبعضهم يقول بالإمامة ، وبعضهم لا يقول بلإمامة ، وبعضهم يقول بأنّ النبي (صلى الله عليه وآ له) مضى ولم يعين الخليفة من بعده وترك مهمة إختيار الخليفة للمسلمين من بعده من خلال الإنتخاب، والبعض الآخر لا يقبل بذلك. وهذا البحث يقودونا إلى المرحلة الرابعة والمهمة والتي هيّ: المرحلة الرابعة: الخلاف الجوهري بين الفرق من خلال الإطلاع العام على أساسيات المذاهب الإسلامية التي يحتمل الباحث أنّ الحق في احدها سيصل الباحث إلى الخلاف الجوهري مابين هذه المذاهب. فمثلاً في سؤالكم يظهر أنّ الحق لديكم محصور إما أن يكون مع المذهب الشيعي الجعفري أو مذهب السنة والجماعة، وفي هذين المذهبين الفارق الجوهري بينهما موجود في عدة مواضع أهمها الإمامة، فأهل السنة لا يقولون بالإمامة، وأما الشيعةُ الإمامية يقولون بالإمامة. وبيان الخلاف بشكل مختصر: إنّ الإمامةَ هي المحور الأكبر للخلاف بين الشيعة والسنة، وهي الأساس الذي يُبنى عليه الفقه والرواية والتفسير. فالشيعة تقول إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) بطبيعة أنّ من مهمته الرئيسية حفظ الدين الذي أرسله به الله عزّوجل فلا بُدَّ أن يُنصِّبَ خليفةً له من بعده، حتى يحافظ على استمرارية الرسالة، ويميز ما هو من الدين وما ليسَ من الدين، فنحنُ رأينا الخلاف بعد وفاةِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمثلاً كيفية الصلاة، السنة يتكتفون بالصلاة أما الشيعة تسبل يديها، ولا يعقل أن يكون كل منهما هو الصحيح. ونجد أنّ السنة تغسل أرجلها في الوضوء والشيعة تمسح أرجلها. هذه المسائل التي هيّ من اساسيات الدين اختلف فيها المسلمون من بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا يشهد على ضرورة وجود شخصية لديها مقدار من العلم بحيث أنّها لا تُخطئ ولا تشتبه في شيء من الدين، بحيث ترجع إليها الأمة لتأخذَ دينها منها. وهذه الشخصية هيّ الإمام عند المذهب الشيعي الإمامي الإثني عشري. أما المذهب السني فيقول أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قد مات ولم يعين الخليفة من بعده، وترك إختيار الخليفة من بعده لاصحابه و للأمة. المرحلة الخامسة: تحليل المدعيات والأدلة في هذه المرحلة الباحث يجب عليه أن يحلل دعوى كل فريق ومذهب على حدى، وأن يحصل على المعلومات من أصحاب النظرية لا من الفريق المقابل، فيذهب إلى الشيعة ويسألهم عن نظريتهم في الإمامة، ويذهب إلى السنة ويسألهم عن نظريتهم في خلافة النبي (صلى الله عليه وآله). ثم بعد ذلك يحلل كل دعوى بشكل جيد ويتأمل بها، ويحلل الادلة المذكورة، وبعد ذلك يكون قد وصل إلى مرحلة يستطيع أن يميز الحق من الباطل، ويتبنى مذهباً من هذين المذهبين عن قناعةٍ وإطمئنانٍ وبحث. فيصلُ إلى مرحلة الإطمئنان والإعتقاد الراسخ. ننصح بمراجعة الكتب الآتية: 1- كتاب المراجعات 2- كتاب عقائد الإمامية 3- كتاب المُرسِل والرسول والرسالة 4- كتاب ليالي بيشاور 5- كتاب ثُمَّ اهتديت بهذا المقدار نكتفي، ونرجو أن نكون أوضحنا الجواب بشكل واضح، كما نرجو أن ترسل لنا مواضع التوقف والأفكار التيلم تتضح لديكم، وسنكون إن شاء الله في خدمتكم في الإجابة عنها. وفقكم الله لكل خير ودمتم في رعاية الله