وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي، ج١٢، ص(١٧٣-١٧٤):
ثم تأتي الآية الأخرى لتقول: إن إرادتنا ومشيئتنا اقتضت احتواء المستضعفين بلطفنا وكرمنا {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} وأن تشملهم رعايتنا ومواهبنا تكون بيد الحكومة ومقاليد الأمور: {ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
ويكونون أولي قوة وقدرة في الأرض {ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} ما أبلغ هاتان الآيتان، وما أعظم ما فيهما من رجاء وأمل!
إذ جاءتا بصورة الفعل المضارع والاستمرار، لئلا يتصور أنهما مختصتان بالمستضعفين من بني إسرائيل وحكومة الفراعنة، إذ تبدآن بالقول: {ونريد أن نمن ... المزید}
أي إن فرعون أراد أن يجعل بني إسرائيل شذر مذر ويكسر شوكتهم ويبير قواهم وقدرتهم، ولكننا أردنا - ونريد - أن ينتصروا ويكونوا أقوياء!
فرعون يريد أن تكون الحكومة بيد المستكبرين إلى الأبد.
ولكنا أردنا أن تكون بيد المستضعفين، فكان كما أردنا.
والتعبير ب "نمن" كما أشرنا إلى ذلك من قبل، معناه منح الهبات والنعم، وهو يختلف تمام الاختلاف مع "المن" المراد به عد النعم لتحقير الطرف المقابل، وهو مذموم قطعاً.
ويكشف الله في هاتين الآيتين الستار عن إرادته ومشيئته بشأن المستضعفين، ويذكر في هذا المجال خمسة أمور بعضها مرتبط ببعض ومتقاربة أيضا:
الأول: قوله تعالى: {ونريد أن نمن...} لنشملهم بالمواهب والنعم.. الخ.
الثاني: قوله: {ونجعلهم أئمة}.
الثالث: قوله: {ونجعلهم الوارثين} أي المستخلفين بعد الفراعنة والجبابرة.
الرابع: قوله: {ونمكن لهم في الأرض} أي نجعلهم يحكمون في الأرض وتكون السلطة والقدرة وغيرهما لهم وتحت تصرفهم.
والخامس: إن ما كان يحذره الأعداء منهم وما عبأوه لمواجهتهم يذهب أدراج الرياح، وتكون العاقبة لهم {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}.
هكذا لطف الله وعنايته في شأن المستضعفين.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.