احمد ( 28 سنة ) - السعودية
منذ 3 سنوات

ابو عبيدة بن الجراح

ما رأي الشيعة ب أبي عبيدة بن الجراح؟ و ما هي انجازاته؟ و ما موقفه بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام؟


أَبو عُبيدةَ: عامر بن عبد الله بن الجَرّاح بن هلال بن أهيب بن ضَبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة، اشتهر بكنيته ونسبه إلى جدّه،وينتمي أبو عبيدة إلى قبيلة بني الحارث القرشية.وكان أبوه عبد الله من قادة قريش في حرب الفجار.وأمه أيضاً من قريش وقد دخلت في الإسلام بعد ذلك. نقل أنّ أبا عبيدة أسلم، وقد جاء إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم مع الأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون.وهذا هو القول المشهور، ولكن هناك قول آخر يقول: أنّ أبا عُبيدة أسلم في بداية الإسلام على يد أبي بكر.قال ابن الأثير في كتابه أسد الغابة: وهو من العشرة الذين بشرهم رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم بالجنة وشهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم. قال حسان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام في وصف أبي عبيدة الجراح، أنه لما وصلنا إلى مسجد الغدير في رحلتنا من المدينة إلى مكة نظر عليه السلام إلى ميسرة المسجد فقال عليه السلام: ذاك موضع قدم رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم حيث قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، ثم نظر إلى الجانب الآخر، فقال: ذاك موضع فسطاط المنافقين وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة الجرّاح، فلمّا رأوه رافعاً يده قال بعضهم أنظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون! فنزل جبرئيلعليه السلام بهذه الآيه: ﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون إنّه لمجنون وما هو إلاّ ذكر للعالمين﴾. تنقل المصادر التاريخية أنّ لأبي عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب الدور الكبير في وصول أبي بكر إلى خلافة المسلمين، فلم يكن من المهاجرين في سقيفة بني ساعدة إلا عمر بن الخطاب وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح الذين استطاعوا أن يشقوا صف الأنصار ويجعلوهم مغلوبين على أمرهم، فهما أول من بايع أبا بكر ودعوا بعض الناس إلى بيعته وأرغموا البعض الآخر على البيعة. لم يقبل كل المسلمين خلافة أبي بكر، ومنهم بنو هاشم ومن وقف معهم من المهاجرين والأنصار، وكان لأبي عبيدة دور كبير في إرغام هؤلاء المخالفين على الدخول في بيعة أبي بكر والتسليم إلى الأمر الواقع.ولهذا بقي من رجال الدولة الكبار حتى وفاته،وكان عمر يقول في أيامه الأخيرة: لو كان أبوعبيدة حاضراً لجعلته خليفة عليكم. وفي ص 271 قال: أصحاب الصحيفة وأصحاب العقبة سليم بن قيس قال: شهدت أبا ذر بالربذة حين سيره عثمان وأوصى إلى علي عليه السلام في أهله وماله، فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان . فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله . قال لنا: ( سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين، فإنه زر الأرض الذي تسكن إليه ولو فقدتموه أنكرتم الأرض وأهلها ) . فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: حق من الله ورسوله؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: ( حق من الله ورسوله، أمرني الله بذلك ) . فلما سلمنا عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة - حين خرجا من بيت علي عليه السلام من بعد ما سلمنا عليه - فقالا لهم: ما بال هذا الرجل، ما زال يرفع خسيسة ابن عمه وقال أحدهما: إنه ليحسن أمر ابن عمه وقال الجميع: ما لنا عنده خير ما بقي علي قال: فقلت: يا أبا ذر، هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها؟ فقال: أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع، وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة الوداع . قلت: فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت؟ قال: في حجة الوداع . قلت: أخبرني - أصلحك الله عن الاثني عشر أصحاب العقبة المتلثمين الذين أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وآله الناقة، ومتى كان ذلك؟ قال: بغدير خم مقبل رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع . قلت: أصلحك الله، تعرفهم؟ قال: أي والله، كلهم . قلت: من أين تعرفهم وقد أسرهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حذيفة؟ قال: عمار بن ياسر كان قائدا وحذيفة كان سائقا، فأمر حذيفة بالكتمان ولم يأمر بذلك عمارا . قلت: تسميهم لي؟ قال: خمسة أصحاب الصحيفة، وخمسة أصحاب الشورى وعمرو بن العاص ومعاوية . يبدو من الاخبار ان ابا عبيدة كان من اصحاب الصحيفة وهي التي اتفق بها جماعة من الصحابة على ان يزووا الخلافة عن علي (عليه السلام) فقد ورد في كتاب سليم بن قيس ص ٣٤٥قوله: ما قاله أصحاب الصحيفة الملعونة عند موتهم كلام معاذ بن جبل وما رآه عند الموت عن أبان قال: سمعت سليم بن قيس يقول: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي ثم الثمالي ختن معاذ بن جبل - وكانت ابنته تحت معاذ بن جبل - وكان أفقه أهل الشام وأشدهم اجتهادا . قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون، فشهدته يوم مات - وكان الناس متشاغلين بالطاعون - قال: فسمعته حين احتضر وليس في البيت معه غيري - وذلك في خلافة عمر بن الخطاب - يقول: ويل لي ويل لي ويل لي ويل لي فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذون ويتكلمون ويقولون الأعاجيب . فقلت له: تهذي رحمك الله؟ فقال: لا . فقلت: فلم تدعو بالويل؟ قال: لموالاتي عدو الله على ولي الله فقلت له: من هو؟ قال: لموالاتي عدو الله عتيقا وعمر على خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب . فقلت: إنك لتهجر؟ فقال: يا بن غنم، والله ما أهجر هذا رسول الله وعلي بن أبي طالب يقولان: يا معاذ بن جبل، أبشر بالنار أنت وأصحابك الذين قلتم: ( إن مات رسول الله أو قتل زوينا الخلافة عن علي فلن يصل إليها )، أنت وعتيق وعمر وأبو عبيدة وسالم . فقلت: يا معاذ، متى هذا؟ فقال: في حجة الوداع، قلنا: ( نتظاهر على علي فلا ينال الخلافة ما حيينا ) . فلما قبض رسول الله قلت لهم: ( أنا أكفيكم قومي الأنصار، فاكفوني قريشا ) . ثم دعوت على عهد رسول الله إلى الذي تعاهدنا عليه بشير بن سعيد وأسيد بن حضير، فبايعاني على ذلك . فقلت: يا معاذ، إنك لتهجر؟ قال: ( ضع خدي بالأرض ) . فما زال يدعو بالويل والثبور حتى قضى . كلام أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة عند الموت قال سليم: قال لي ابن غنم: ما حدثت به أحدا قبلك قط - لا والله غير رجلين، فإني فزعت مما سمعت من معاذ . فحججت فلقيت الذي ولى موت أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، فقلت: أو لم يقتل سالم يوم اليمامة؟ قال: بلى، ولكن احتملناه وبه رمق. قال: فحدثني كل واحد منهما بمثله سواء، لم يزد ولم ينقص أنهما قالا كما قال معاذ . كلام أبي بكر عند الموت قال أبان: قال سليم: فحدثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر . فقال: اكتم علي، وأشهد أن أبي عند موته قال مثل مقالتهم، فقالت عائشة: إن أبي ليهجر كلام عمر عند الموت قال محمد: فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان فحدثته بما قال أبي عند موته وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتمن علي . فقال لي ابن عمر: اكتم علي، فوالله لقد قال أبي مثل مقالة أبيك ما زاد ولا نقص . ثم تداركها عبد الله بن عمر وتخوف أن أخبر بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام، لما قد علم من حبي له وانقطاعي إليه، فقال: إنما كان أبي يهجر توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لهذا الحديث فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فحدثته بما سمعت من أبي وبما حدثنيه ابن عمر عن أبيه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبيك وعن أبي عبيدة وعن سالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر . فقلت: من هو ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بعض من يحدثني . قال: فعلمت من عنى . فقلت: صدقت يا أمير المؤمنين، إنما حسبت إنسانا حدثك، وما شهد أبي - وهو يقول هذا - غيري . قال سليم: فقلت لعبد الرحمن بن غنم: مات معاذ بالطاعون، فبم مات أبو عبيدة بن الجراح؟ قال: بالدبيلة . وفي ص 352قال: موت أصحاب الصحيفة على الجاهلية هذا ما خطه بيده أبان عن لسان سليم: ( إن القوم - وهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأنس وسعد وعبد الرحمن بن عوف - شهدوا على أنفسهم عند مماتهم: أنهم ماتوا على ما مات عليه آبائهم في الجاهلية ... المزید ) . في بحار الأنوار ج 28 ص 101 قال: قال حذيفة: ثم انحدرنا من العقبة، وقد طلع الفجر فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتوضأ وانتظر أصحابه حتى انحدروا من العقبة واجتمعوا، فرأيت القوم بأجمعهم وقد دخلوا مع الناس وصلوا خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما انصرف من صلاته التفت فنظر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يتناجون فأمر مناديا فنادى في الناس لا تجتمع ثلاثة نفر من الناس يتناجون فيما بينهم بسر، وارتحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس من منزل العقبة . فلما نزل المنزل الاخر رأى سالم مولى حذيفة أبا بكر وعمر وأبا عبيدة يسار بعضهم بعضا، فوقف عليهم، وقال أليس قد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا تجتمع ثلاثة نفر من الناس على سر واحد، والله لتخبروني فيما أنتم، وإلا أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى اخبره بذلك منكم، فقال أبو بكر: يا سالم عليك عهد الله وميثاقه لئن خبرناك بالذي نحن فيه وبما اجتمعنا له، إن أحببت أن تدخل معنا فيه دخلت وكنت رجلا منا، وإن كرهت ذلك كتمته علينا، فقال سالم: لكم ذلك وأعطاهم بذلك عهده وميثاقه، وكان سالم شديد البغض والعداوة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد عرفوا ذلك منه . فقالوا له إنا قد اجتمعنا على أن نتحالف ونتعاقد على أن لا نطيع محمدا فيما فرض علينا من ولاية علي بن أبي طالب بعده فقال لهم سالم: عليكم عهد الله وميثاقه إن في هذا الامر كنتم تخوضون وتتناجون؟ قالوا أجل علينا عهد الله وميثاقه أنا إنما كنا في هذا الامر بعينه لا في شئ سواه، قال سالم: وأنا والله أول من يعاقدكم على هذا الامر، ولا يخالفكم عليه، إنه والله ما طلعت الشمس على أهل بيت أبغض إلى من بني هاشم ولا في بني هاشم أبغض إلى ولا أمقت من علي بن أبي طالب فاصنعوا في هذا الامر ما بدا لكم فاني واحد منكم، فتعاقدوا من وقتهم على هذا الامر ثم تفرقوا . فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسير أتوه فقال لهم: فيما كنتم تتناجون في يومكم هذا وقد نهيتكم من النجوى؟ فقالوا: يا رسول الله ما التقينا غير وقتنا هذا، فنظر إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) مليا ثم قال لهم: (( أَنتُم أَعلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَن أَظلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ )). ثم سار حتى دخل المدينة واجتمع القوم جميعا وكتبوا صحيفة بينهم على ذكر ما تعاهدوا عليه في هذا الامر، وكان أول ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأن الامر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم، ليس بخارج منهم، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلا: هؤلاء أصحاب العقبة وعشرون رجلا آخر، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح وجعلوه أمينهم عليها . قال: فقال الفتى يا أبا عبد الله يرحمك الله هبنا نقول إن هؤلاء القوم رضوا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة لأنهم من مشيخة قريش، فما بالهم رضوا بسالم وهو ليس من قريش ولا من المهاجرين ولا من الأنصار وإنما هو عبد لامرأة من الأنصار؟ قال حذيفة: يا فتى إن القوم أجمع تعاقدوا على إزالة هذا الامر عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) حسدا منهم له وكراهة لامره، واجتمع لهم مع ذلك ما كان في قلوب قريش من سفك الدماء، وكان خاصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا يطلبون الثأر الذي أوقعه رسول الله بهم من على من بني هاشم، فإنما كان العقد على إزالة الامر عن علي (عليه السلام) من هؤلاء الأربعة عشر، وكانوا يرون أن سالما رجل منهم . فقال الفتى: فخبرني يرحمك الله عما كتب جميعهم في الصحيفة لأعرفه، فقال حذيفة حدثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة أبي بكر أن القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك، وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يدبرونه في ذلك، حتى اجتمع رأيهم على ذلك فأمروا سعيد بن العاص الأموي . فكتب هو الصحيفة باتفاق منهم، وكانت نسخة الصحيفة: " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أنفق عليه الملاء من أصحاب محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المهاجرين والأنصار الذين مدحهم الله في كتابه على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، اتفقوا جميعا بعد أن أجهدوا في رأيهم، وتشاوروا في أمرهم، وكتبوا هذه الصحيفة نظرا منهم إلى الاسلام وأهله على غابر الأيام، وباقي الدهور، ليقتدي بهم من يأتي من المسلمين من بعدهم . أما بعد فان الله بمنه وكرمه بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) رسولا إلى الناس كافة بدينه الذي ارتضاه لعباده، فأدى من ذلك، وبلغ ما أمره الله به، وأوجب علينا القيام بجميعه حتى إذا أكمل الدين، وفرض الفرائض، وأحكم السنن، اختار الله له ما عنده فقبضه إليه مكرما محبورا من غير أن يستخلف أحدا من بعده، وجعل الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيه ونصحه لهم، وإن للمسلمين في رسول الله أسوة حسنة، قال الله تعالى (( لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ )) وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يستخلف أحدا لئلا يجري ذلك في أهل بيت واحد، فيكون إرثا دون سائر المسلمين، ولئلا يكون دولة بين الأغنياء منهم، ولئلا يقول المستخلف إن هذا الامر باق في عقبه من والد إلى ولد إلى يوم القيامة . والذي يجب على المسلمين عند مضى خليفة من الخفاء أن يجتمع ذو والرأي والصلاح فيتشاوروا في أمورهم، فمن رأوه مستحقا لها ولوه أمورهم، وجعلوه القيم عليهم، فإنه لا يخفى على أهل كل زمان من يصلح منهم للخلافة . فان ادعى مدع من الناس جميعا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) استخلف رجلا بعينه نصبه للناس ونص عليه باسمه ونسبه، فقد أبطل في قوله، وأتى بخلاف ما يعرفه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخالف على جماعة المسلمين . وإن ادعى مدع أن خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إرث، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) . يورث، فقد أحال في قوله، لان رسول الله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة . وإن ادعى مدع أن الخلافة لا تصلح إلا لرجل واحد من بين الناس وأنها مقصورة فيه، ولا تنبغي لغيره، لأنها تتلو النبوة، فقد كذب لان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " . وإن ادعى مدع أنه مستحق للخلافة والإمامة بقربه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم هي مقصورة عليه وعلى عقبه، يرثها الولد منهم عن والده، ثم هي كذلك في كل عصر وزمان لا تصلح لغيرهم، ولا ينبغي أن يكون لاحد سواهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فليس له ولا لولده، وإن دنا من النبي نسبه، لان الله يقول - وقوله القاضي على كل أحد: (( إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقَاكُم )) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم وكلهم يد على من سواهم " . فمن آمن بكتاب الله وأقر بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد استقام وأناب، وأخذ بالصواب، ومن كره ذلك من فعالهم فقد خالف الحق والكتاب، وفارق جماعة المسلمين فاقتلوه، فان في قتله صلاحا للأمة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جاء إلى أمتي وهم جميع ففرقهم فاقتلوه، واقتلوا الفرد كائنا من كان من الناس، فان الاجتماع رحمة، والفرقة عذاب، ولا تجتمع أمتي على الضلال أبدا، وإن المسلمين يد واحدة على من سواهم، وأنه لا يخرج من جماعة المسلمين إلا مفارق ومعاند لهم، ومظاهر عليهم أعداءهم فقد أباح الله ورسوله دمه وأحل قتله " . وكتب سعيد بن العاص باتفاق ممن أثبت اسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة في المحرم سنة عشرة من الهجرة، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم . ثم دفعت الصحيفة إلى أبي عبيدة بن الجراح فوجه بها إلى مكة فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة إلى أو ان عمر بن الخطاب، فاستخرجها من موضعها، وهي الصحيفة التي تمنى أمير المؤمنين (عليه السلام) لما توفي عمر فوقف به وهو مسجى بثوبه، قال: ما أحب إلى أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى . ثم انصرفوا وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس صلاة الفجر، ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس، فالتفت إلى أبي عبيدة بن الجراح فقال له: بخ بخ من مثلك وقد أصبحت أمين هذه الأمة؟ ثم تلا (( فَوَيلٌ لِلَّذِينَ يَكتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيدِيهِم ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيلٌ لَهُم مِمَّا كَتَبَت أَيدِيهِم وَوَيلٌ لَهُم مِمَّا يَكسِبُونَ )) لقد أشبه هؤلاء رجال في هذه الأمة (( يَستَخفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَستَخفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُم إِذ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرضَى مِنَ القَولِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعمَلُونَ مُحِيطًا )). ثم قال لقد أصبح في هذه الأمة في يومي هذا قوم ضاهوهم في صحيفتهم التي كتبوها علينا في الجاهلية وعلقوها في الكعبة وإن الله تعالى يمتعهم ليبتليهم، ويبتلي من يأتي بعدهم، تفرقة بين الخبيث والطيب، ولولا أنه سبحانه أمرني بالاعراض عنهم للامر الذي هو بالغه لقد متهم فضربت أعناقهم . قال حذيفة: فوالله لقد رأينا هؤلاء النفر عند قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه المقالة وقد أخذتهم الرعدة فما يملك أحد منهم من نفسه شيئا ولم يخف على أحد ممن حضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك اليوم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إياهم عنى بقوله، ولهم ضرب تلك الأمثال بما تلا من القرآن .

4