ابو عبيدة بن الجراح
ما رأي الشيعة ب أبي عبيدة بن الجراح؟ و ما هي انجازاته؟ و ما موقفه بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام؟
أَبو عُبيدةَ: عامر بن عبد الله بن الجَرّاح بن هلال بن أهيب بن ضَبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة، اشتهر بكنيته ونسبه إلى جدّه،وينتمي أبو عبيدة إلى قبيلة بني الحارث القرشية.وكان أبوه عبد الله من قادة قريش في حرب الفجار.وأمه أيضاً من قريش وقد دخلت في الإسلام بعد ذلك.
نقل أنّ أبا عبيدة أسلم، وقد جاء إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم مع الأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون.وهذا هو القول المشهور، ولكن هناك قول آخر يقول: أنّ أبا عُبيدة أسلم في بداية الإسلام على يد أبي بكر.قال ابن الأثير في كتابه أسد الغابة: وهو من العشرة الذين بشرهم رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم بالجنة وشهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم.
قال حسان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام في وصف أبي عبيدة الجراح، أنه لما وصلنا إلى مسجد الغدير في رحلتنا من المدينة إلى مكة نظر عليه السلام إلى ميسرة المسجد فقال عليه السلام: ذاك موضع قدم رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم حيث قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، ثم نظر إلى الجانب الآخر، فقال: ذاك موضع فسطاط المنافقين وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة الجرّاح، فلمّا رأوه رافعاً يده قال بعضهم أنظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون! فنزل جبرئيلعليه السلام بهذه الآيه: ﴿ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون إنّه لمجنون وما هو إلاّ ذكر للعالمين﴾.
تنقل المصادر التاريخية أنّ لأبي عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطاب الدور الكبير في وصول أبي بكر إلى خلافة المسلمين، فلم يكن من المهاجرين في سقيفة بني ساعدة إلا عمر بن الخطاب وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح الذين استطاعوا أن يشقوا صف الأنصار ويجعلوهم مغلوبين على أمرهم، فهما أول من بايع أبا بكر ودعوا بعض الناس إلى بيعته وأرغموا البعض الآخر على البيعة.
لم يقبل كل المسلمين خلافة أبي بكر، ومنهم بنو هاشم ومن وقف معهم من المهاجرين والأنصار، وكان لأبي عبيدة دور كبير في إرغام هؤلاء المخالفين على الدخول في بيعة أبي بكر والتسليم إلى الأمر الواقع.ولهذا بقي من رجال الدولة الكبار حتى وفاته،وكان عمر يقول في أيامه الأخيرة: لو كان أبوعبيدة حاضراً لجعلته خليفة عليكم.
وفي ص 271 قال:
أصحاب الصحيفة وأصحاب العقبة
سليم بن قيس قال: شهدت أبا ذر بالربذة حين سيره عثمان وأوصى إلى علي عليه السلام في أهله وماله، فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان . فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله . قال لنا: ( سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين، فإنه زر الأرض الذي تسكن إليه ولو فقدتموه أنكرتم الأرض وأهلها ) . فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: حق من الله ورسوله؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: ( حق من الله ورسوله، أمرني الله بذلك ) . فلما سلمنا عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة - حين خرجا من بيت علي عليه السلام من بعد ما سلمنا عليه - فقالا لهم: ما بال هذا الرجل، ما زال يرفع خسيسة ابن عمه وقال أحدهما: إنه ليحسن أمر ابن عمه وقال الجميع: ما لنا عنده خير ما بقي علي قال: فقلت: يا أبا ذر، هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها؟ فقال: أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع، وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة الوداع . قلت: فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت؟ قال: في حجة الوداع . قلت: أخبرني - أصلحك الله عن الاثني عشر أصحاب العقبة المتلثمين الذين أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وآله الناقة، ومتى كان ذلك؟ قال: بغدير خم مقبل رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع . قلت: أصلحك الله، تعرفهم؟ قال: أي والله، كلهم . قلت: من أين تعرفهم وقد أسرهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حذيفة؟ قال: عمار بن ياسر كان قائدا وحذيفة كان سائقا، فأمر حذيفة بالكتمان ولم يأمر بذلك عمارا . قلت: تسميهم لي؟ قال: خمسة أصحاب الصحيفة، وخمسة أصحاب الشورى وعمرو بن العاص ومعاوية .
يبدو من الاخبار ان ابا عبيدة كان من اصحاب الصحيفة وهي التي اتفق بها جماعة من الصحابة على ان يزووا الخلافة عن علي (عليه السلام) فقد ورد في كتاب سليم بن قيس ص ٣٤٥قوله:
ما قاله أصحاب الصحيفة الملعونة عند موتهم
كلام معاذ بن جبل وما رآه عند الموت
عن أبان قال: سمعت سليم بن قيس يقول: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي ثم الثمالي ختن معاذ بن جبل - وكانت ابنته تحت معاذ بن جبل - وكان أفقه أهل الشام وأشدهم اجتهادا . قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون، فشهدته يوم مات - وكان الناس متشاغلين بالطاعون - قال: فسمعته حين احتضر وليس في البيت معه غيري - وذلك في خلافة عمر بن الخطاب - يقول: ويل لي ويل لي ويل لي ويل لي فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذون ويتكلمون ويقولون الأعاجيب . فقلت له: تهذي رحمك الله؟ فقال: لا . فقلت: فلم تدعو بالويل؟ قال: لموالاتي عدو الله على ولي الله فقلت له: من هو؟ قال: لموالاتي عدو الله عتيقا وعمر على خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب . فقلت: إنك لتهجر؟ فقال: يا بن غنم، والله ما أهجر هذا رسول الله وعلي بن أبي طالب يقولان: يا معاذ بن جبل، أبشر بالنار أنت وأصحابك الذين قلتم: ( إن مات رسول الله أو قتل زوينا الخلافة عن علي فلن يصل إليها )، أنت وعتيق وعمر وأبو عبيدة وسالم . فقلت: يا معاذ، متى هذا؟ فقال: في حجة الوداع، قلنا: ( نتظاهر على علي فلا ينال الخلافة ما حيينا ) . فلما قبض رسول الله قلت لهم: ( أنا أكفيكم قومي الأنصار، فاكفوني قريشا ) . ثم دعوت على عهد رسول الله إلى الذي تعاهدنا عليه بشير بن سعيد وأسيد بن حضير، فبايعاني على ذلك . فقلت: يا معاذ، إنك لتهجر؟ قال: ( ضع خدي بالأرض ) . فما زال يدعو بالويل والثبور حتى قضى .
كلام أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة عند الموت قال سليم: قال لي ابن غنم: ما حدثت به أحدا قبلك قط - لا والله غير رجلين، فإني فزعت مما سمعت من معاذ . فحججت فلقيت الذي ولى موت أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، فقلت: أو لم يقتل سالم يوم اليمامة؟ قال: بلى، ولكن احتملناه وبه رمق. قال: فحدثني كل واحد منهما بمثله سواء، لم يزد ولم ينقص أنهما قالا كما قال معاذ .
كلام أبي بكر عند الموت قال أبان: قال سليم: فحدثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر . فقال: اكتم علي، وأشهد أن أبي عند موته قال مثل مقالتهم، فقالت عائشة: إن أبي ليهجر كلام عمر عند الموت قال محمد: فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان فحدثته بما قال أبي عند موته وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتمن علي . فقال لي ابن عمر: اكتم علي، فوالله لقد قال أبي مثل مقالة أبيك ما زاد ولا نقص . ثم تداركها عبد الله بن عمر وتخوف أن أخبر بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام، لما قد علم من حبي له وانقطاعي إليه، فقال: إنما كان أبي يهجر توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لهذا الحديث فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فحدثته بما سمعت من أبي وبما حدثنيه ابن عمر عن أبيه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبيك وعن أبي عبيدة وعن سالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر . فقلت: من هو ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بعض من يحدثني . قال: فعلمت من عنى . فقلت: صدقت يا أمير المؤمنين، إنما حسبت إنسانا حدثك، وما شهد أبي - وهو يقول هذا - غيري . قال سليم: فقلت لعبد الرحمن بن غنم: مات معاذ بالطاعون، فبم مات أبو عبيدة بن الجراح؟ قال: بالدبيلة .
وفي ص 352قال:
موت أصحاب الصحيفة على الجاهلية هذا ما خطه بيده أبان عن لسان سليم: ( إن القوم - وهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأنس وسعد وعبد الرحمن بن عوف - شهدوا على أنفسهم عند مماتهم: أنهم ماتوا على ما مات عليه آبائهم في الجاهلية