وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال الشيخ علي الكوراني: بعد النداء السماوي يبدأ المهدي عليه السلام بالاتصال ببعض حوارييه وأنصاره، ولكن بشكل سري، ويكثر الحديث منه في العالم ويلهج الناس بذكره " ويشربون حبه " كما تذكر الأحاديث، ويتخوف أعداؤه من ظهوره فينشطون في البحث عنه. ويشيع عند الناس أنه يسكن المدينة المنورة، فتستدعي حكومة الحجاز أو القوى الخارجية جيش السفياني من سورية، من أجل ضبط الوضع الداخلي في الحجاز، وإنهاء صراع القبائل فيه على السلطة. ويدخل هذا الجيش إلى المدينة المنورة فيلقي القبض على كل هاشمي تصل يده إليه، ويقتل الكثير منهم ومن شيعتهم، ويحبس الباقين " ويبعث (اي السفياني) بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا، ويهرب المهدي والمنصور منها، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلا أخذ وحبس. ويخرج الجيش في طلب الرجلين، ويخرج المهدي منها على سنة موسى عليه السلام خائفا يترقب، حتى يقدم مكة ".
وفي مكة يواصل المهدي عليه السلام اتصالاته ببعض انصاره. حتى يبدأ حركته المقدسة من الحرم الشريف في ليلة العاشر من محرم بعد صلاة العشاء، حيث يلقي بيانه الأول على أهل مكة، فيحاول أعداؤه قتله، ولكن أنصاره يحيطون به ويدفعونهم عنه، ويسيطرون على المسجد، ثم يسيطرون على مكة.
وفي صبيحة اليوم العاشر من محرم يوجه الإمام المهدي عليه السلام بيانه إلى شعوب العالم بلغاتهم المختلفة، ويدعوهم إلى نصرته. ويعلن أنه سيبقى في مكة حتى تحدث المعجزة التي وعد بها جده المصطفى صلى الله عليه وآله، وهي الخسف بالجيش الذي يتوجه إلى مكة للقضاء على حركته.
وبالفعل تقع المعجزة الموعودة بعد فترة قصيرة حيث يتوجه جيش السفياني إلى مكة " حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به. وذلك قول الله عز وجل " ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب " " حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم. ويلحق بهم من خلفهم لينظر ما فعلوه فيصيبهم ما أصابهم ".
وبعد معجزة الخسف هذه، يتوجه الإمام المهدي عليه السلام من مكة، بجيشه المكون من بضعة عشر ألفا، إلى المدينة المنورة فيحررها بعد معركة مع القوات المعادية التي تكون فيها. وبتحرير الحرمين يتم له فتح الحجاز والسيطرة عليه.
وتذكر بعض الروايات أنه يتوجه بعد فتح الحجاز إلى جنوب إيران، حيث يلتقي بجيش الإيرانيين وجمهورهم بقيادة الخراساني وشعيب بن صالح، فيبايعونه، ويخوض معهم عند البصرة معركة مع قوات معادية ينتصرون فيها نصرا مبينا.
ويدخل الامام بعد ذلك إلى العراق، ويصفي أوضاعه الداخلية، فيقاتل بقايا قوات السفياني ويهزما، ويقاتل فئات الخوارج المتعددة ويقتلهم، ويتخذ العراق مركز دولته، والكوفة عاصمته. ويكون ذلك قد وحد اليمن والحجاز وإيران والعراق وبلاد الخليج تحت حكمه.
وتذكر الأحاديث أن أول حرب يخوضها الإمام المهدي عليه السلام بعد فتحه العراق تكون مع الترك " أول لواء يعقده يبعثه إلى الترك فيهزمهم " والظاهر أن المقصود بالترك الروس، حيث يكونون خرجوا ضعفاء من الحرب العالمية مع الروم أي الغربيين.
ثم يعد الإمام المهدي عليه السلام جيشه الكبير ويزحف به نحو القدس، فيتراجع أمامه السفياني حتى ينزل جيش المهدي في " مرج عذراء " قرب دمشق، وتجري المفاوضات بينه وبين السفياني فيكون موقف السفياني أمامه ضعيفا، خاصة وان التيار الشعبي العام يكون إلى جانب الإمام المهدي عليه السلام، ويكاد السفياني ان يسلم الامر إليه، كما تذكر الروايات، ولكن الذين وراءه من اليهود والروم ووزرائه يوبخونه،يعبئون قواتهم يخوضون المعركة الكبرى مع الإمام المهدي وجيشه، والتي تمتد محاورها من عكا في فلسطين إلى أنطاكية في تركيا ساحليا، ومن طبرية إلى دمشق والقدس داخليا. وينزل فيها الغضب الإلهي على قوات السفياني واليهود والروم، فيقتلهم المسلمون حتى لو اختبأ أحدهم وراء حجر لقال الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله. وينزل النصر الإلهي على الإمام المهدي والمسلمين فيدخلون القدس فاتحين.
ويتفاجأ الغرب المسيحي بهزيمة اليهود وهزيمة قواته المساعدة لهم، على يد المهدي عليه السلام، فيستشيط غضبا ويعلن الحرب على الإمام المهدي، ولكنه يتفاجأ بنزول المسيح عليه السلام من السماء في القدس، وببيانه الذي يوجهه إلى العالم والمسيحيين خاصة، ويكون نزوله عليه السلام آية للعالم يفرح بها المسلمون والشعوب المسيحية.
ويبدو أن المسيح عليه السلام هو الذي يقوم بالوساطة بين المهدي عليه السلام والغربيين، فيتفقون على عقد هدنة سلام مدتها سبع سنوات " بينكم وبين الروم أربع هدن، تتم الرابعة على يد رجل من أهل (آل) هرقل، تدوم سبع سنن. فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور بن غيلان: يا رسول الله، من إمام الناس يومئذ؟ قال: المهدي من ولدي، ابن أربعين سنة، كأن وجهه كوكب دري، في خده الأيمن خال، عليه عباءتان قطوانيتان، كأنه من رجال بني إسرائيل.
يستخرج الكنوز، ويفتح مدائن الشرك ".
ولعل السبب في أن الغربيين ينقضون هذه الهدنة بعد سنتين كما تذكر بعض الروايات، هو تخوفهم من التيار الشعبي الذي يحدثه المسيح عليه السلام في شعوبهم، فيدخل الكثيرون في الاسلام، ويظهر الكثيرون تأييدهم للإمام المهدي عليه السلام. فيقوم الروم بهجوم مباغت على منطقة بلاد الشام وفلسطين بنحو مليون جندي " ثم يغدرونكم فيأتونكم تحت
ثمانين راية كل راية اثنا عشر ألفا " وتواجههم قوات المسلمين، ويعلن المسيح موقفه إلى جانب الإمام المهدي عليهما السلام، ويصلي خلفه في القدس.
وتدور المعركة معهم على نفس محاور معركة فتح القدس تقريبا، من عكا إلى أنطاكية، ومن دمشق إلى القدس ومرج دابق، وتكون الهزيمة الساحقة على الروم، والنصر المبين للمسلمين.
وبعد هذه المعركة ينفتح الباب أمام المهدي عليه السلام لفتح أوروبا والغرب المسيحي. ويبدو أن كثيرا من بلادها يتم فتحها بثورات شعوبها، حيث تقوم الشعوب بإسقاط حكوماتها المعادية للمسيح والمهدي عليهما السلام، وتقيم فيها حكومات موالية للمهدي عليه السلام.
وبعد فتح المهدي الغرب ودخوله تحت حكمه. واسلام أكثر أهله، يتوفى المسيح عليه السلام فيصلي عليه الإمام المهدي والمسلمون، ويقيم الإمام المهدي عليه السلام مراسم دفنه والصلاة عليه بشكل علني على مرأي من الناس ومسمع، كما تذكر الروايات الشريفة، حتى لا يقول الناس فيه كما قالوا أول مرة، ويكفنه بثوب من نسج أمه الصديقة مريم عليها السلام، ويدفنه إلى جانب قبرها الشريف في القدس.
وبعد فتحه العالم، وتوحيده في دولة اسلامية واحدة. يعمل الإمام المهدي عليه السلام في تحقيق الاهداف الإلهية في شعوب الأرض، في المجالات المختلفة. فيقوم بتطوير الحياة المادية وتحقيق الغنى والرفاهية لجميع الناس. وبتعميم الثقافة ورفع مستوى الوعي الديني والدنيوي.
عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ٢١-25