logo-img
السیاسات و الشروط
( 42 سنة ) - السعودية
منذ 3 أشهر

توضيح حول بنات النبي محمد صلى الله عليه وآله

ورد في ادعية شهر رمضان النهارية (اللهم صلى على رقية بنت نبيك... اللهم صلى على ام كلثوم بنت نبيك ...) هل كان للنبي (صلى الله عليه وآله) بنات غير الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام؟ وإن لم يكن له بنات فمن هؤلاء البنات؟ ولماذا قيل عنهم في الدعاء إنهم بنات النبي (صلى الله عليه وآله)؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ابنتي الكريمة، إن كثيراً من حقائق التاريخ قد تعرّضت لأَنواع من التحريف والتزيف، لأَهداف مختلفة: من سياسية، ومذهبية، وفئوية، وغيرها. وأنّ تحقيق كلّ ما يحتاج إلى التحقيق منها أمر يخرج عن حدود طاقة الفرد، ويطول فيه المقام. حيث وقع الخلاف حول زينب ورقية وأم كلثوم: هل هن بنات النبي حقًا، أم ربيباته؟ مع إشكالية زواج رقية وأم كلثوم بعثمان؟ وتوضيح ذلك يحتاج إلى بسط في القول، في حدود ما يسمح لنا به المجال والوقت، شرط أن لا نرهق القارئ بالنصوص الكثيرة والمتشعّبة، بل نكتفي بالقول السديد، وبالمختصر المفيد، إن شاء الله تعالى. لكن لا بأس بتلخيص ما ذكره السيد جعفر مرتضى العاملي، في مؤلفه "بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه". ملاحظة مهمة: من الثابت عندنا أن السيدة خديجة لم تتزوج أحداً قبل النبي (صلى الله عليه وآله)، فيبطل قول من ادعى أنّ الحارث ابن أبي هالة ابن إلى السيد خديجة وربيب لرسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ لأنّها كانت باكراً عندما تزوجت رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولعل هذه الدعوى قد صنعتها يد السياسة، أو أنها قد جاءت لتكريس فضيلة لعائشة أم المؤمنين، مفادها: أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يتزوج بكراً غيرها، وغيرها من المبررات. ولدت خديجة من النبي عبد الله بن محمد، ثم أبطأ عليه الولد من بعده، وكانت قريش إذا ولد الرجل، ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا: هذا الأبتر، فأنزل الله: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾، ثم ولدت له زينب، ثم ولدت له رقية، ثم ولدت له القاسم، ثم ولدت الطاهر، ثم ولدت المطهر، ثم ولدت الطيب، ثم ولدت المطيب، ثم ولدت أم كلثوم، ثم ولدت فاطمة، وكانت أصغرهم. صُغرى بنات النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إذا تطرقنا إلى صغرى بنات النبي (صلى الله عليه وآله) يتبين أن زينب ورقية هل كانتا ربيبتي أو ابنتيه كفاطمة (عليها السلام): قال الجرجاني: إنّه قد صحّ عنده: أنّ رقيّة كانت أصغر بنات النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، حتى من فاطمة (عليها السلام). ويرى بعض آخر: أنّ أُمّ كلثوم كانت هي الأصغر من الكلّ. وقال أبو عمر: كانت فاطمة هي وأُختها أُمّ كلثوم أصغر بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واختلف في الصغرى منهما. وقال ابن السرّاج: سمعت عبيد الله الهاشمي يقول: وُلدت فاطمة في سنة إحدى وأربعين من مولد النبيّ. وأضاف في الاستيعاب: وقد قيل: إنّ رقيّة أصغر منها. وقال فريق آخر: الأَكثر على أنّ فاطمة أصغرهنّ سنّاً؛ ورآه بعض آخر: أنّه هو الصحيح. فإذا صحّ أنّ رقيّة أو أُمّ كلثوم كانت أصغر من فاطمة، فلابد من الرجوع إلى تاريخ ولادة فاطمة (عليها السلام)، فبينما نرى البعض يذكر: أنّها قد وُلدت قبل البعثة. فإنّ البعض الآخر يقول: إنّها وُلدت في سنة البعثة. وبعضهم الآخر يقول: وُلدت سنة إحدى وأربعين. وفريق ثالث يقول: في السنة الثانية من البعثة. أمّا نحن نقول: إنّها (عليها السلام) قد وُلدت في السنة الخامسة من البعثة. فكيف تكون رقيّة قد تزوّجت في الجاهلية بابن أبي لهب، ثمّ لَمَّا بُعث رسول الله أسلمت، فطلّقها زوجها ليتزوَّجها عثمان، ثمّ تحمل، وتسقط في السفينة حين الهجرة إلى الحبشة في السنة الخامسة بعد البعثة؟! وقد وافقنا على ما نذهب إليه في تاريخ ميلاد فاطمة (عليها السلام) جماعة فقالوا: إنّ فاطمة قد وُلدت في السنة الخامسة من البعثة. ويدلُّ على ذلك ما يلي: ١- غير واحد قد نصّ على أنّ أولاد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كلّهم قد وُلدوا بعد النبوّة، باستثناء عبد مناف عند بعضهم. ٢- هناك روايات كثيرة أوردها جماعة من الحفّاظ والعلماء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، كلّها تدلّ على أنّ نطفة فاطمة (عليها الصلاة والسلام) قد انعقدت من ثمر جاء به جبرئيل من الجنّة إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، حين الإسراء والمعراج، الذي كان في السنة الثانية، أو الثالثة من البعثة على ما هو الأَظهر والأَرجح. فيتلخص على هذا القول: إن زينب ورقية بنتا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وكانتا أصغر من السيدة فاطمة، فتكون بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربع، وأمّا إذا ثبت أن زينب ورقية كانتا ربيبتي الرسول (صلى الله عليه وآله) فبنات رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) اثنان، أو واحدة وهي فاطمة. فإذا كنّا نريد أن نكون أكثر دقّة في حكمنا على الروايات التاريخية، فإنّنا لابُدّ أن نفترض أنّ التسليم بولادة بنات للنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من خديجة، وأنّهنّ قد متن وهنّ صغيرات، ولم يتزوّجن من أحد، فإذا كان عثمان قد تزوّج بمن اسمها رقيّة، وبعد موتها تزوّج بمن اسمها أُمّ كلثوم، فلابد أن يكنّ لسن بنات للنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وإن تشابهت الأسماء. وإذا كانت رقيّة وأُمّ كلثوم اللتين تزوّجهما عثمان إنّما كانتا ربيبتين لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم). ويقال لربيبة الرجل: إنّها ابنته، فإنّه يصحّ أن يقال  لمن يتزوّج تلك الربيبة: أنه صهر لذلك الرجل. فقد اتّضح: أنّ دعوى زواج عثمان، وأبي العاص بن الربيع ببنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ليس لها ما يبرِّرها على صعيد البحث العلمي والموضوعي. وإذا أردنا أن نفرط بحسن الظنّ، ونبتعد بهذه القضية عن دائرة الإعلام السياسي الذكي والمدروس؛ فإنّنا لا بُدّ أن تفترض ـ حسبما ألمحنا إليه سابقاً ـ أنّه قد حصل اشتباه من الرواة، بسبب تشابه الأَسماء إذ أنّ بنات النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد وُلدن وفارقن الحياة وهنّ صغيرات. ودمتم في رعاية الله وحفظه.

1