السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسألكم عن الآية الكريمة التي تقول (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) هل هذه الآية الكريمة تخص أصحاب الكساء فقط ام تشمل نساء النبي أيضا و ما دليلكم العقلي و القرآني و الروائي احتاج الى تفصيل دقيق و واضح
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
أولًا: التحليل العقلي:
- الإرادة الإلهية في الآية إرادة تكوينية لا تشريعية
الإرادة التشريعية تعني طلب الفعل من المكلَّفين، مثل الأمر بالصلاة والصيام، ولكن الناس قد يطيعون وقد يعصون.
بينما الإرادة التكوينية تعني وقوع الشيء حتمًا كما أراده الله، مثل خلق الكون.
في الآية، نجد أن الله يريد إذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم تطهيرًا، وهذا أمر تكويني، أي أنهم معصومون من الرجس، وهذا لا يتناسب مع نساء النبي لأن القرآن ذكر أن بعضهن قد عصين.
ثانيًا: الدليل القرآني:
- الآية جاءت بأسلوب الالتفات في الضمائر في سورة الأحزاب، الخطاب موجّه لنساء النبي بضمائر المؤنث: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ... المزید}
ولكن عند آية التطهير، تغيّر الضمير إلى المذكر:
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ (بالمذكر) الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ (بالمذكر) تَطْهِيرًا}
هذا يدل على أن المخاطبين في الآية ليسوا نساء النبي، بل هم مجموعة أخرى.
- كلمة (أهل البيت) في الاستعمال القرآني واللغوي
في اللغة العربية، "أهل البيت" لا يُطلق على الزوجات، بل على الأقارب الأقرب نسبًا.
في القرآن، عندما ذُكرت زوجة إبراهيم (عليه السلام) قيل لها: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} (هود: ٧٣)، ولكن هذا استثناء نادر، بينما الاستخدام الشائع هو للأقارب بالدم.
- وجود سياق عام لا ينفي الخصوصية:
البعض يقول إن الآية جاءت في سياق الحديث عن نساء النبي، لكن هذا لا يعني أنهن مشمولات فيها.
هناك الكثير من المواضع في القرآن حيث يكون هناك انتقال في المواضيع داخل السياق الواحد.
ثالثًا: الدليل الروائي:
- حديث الكساء:
الروايات الصحيحة والمتواترة عند السنة والشيعة تؤكد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أدخل عليًا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) تحت كسائه، وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا».
لو كانت نساؤه مشمولات، لذكرهن النبي وأدخلهن تحت الكساء، ولكنه لم يفعل.
- روايات أمهات المؤمنين أنفسهن:
أم سلمة، إحدى زوجات النبي، سألت النبي: "ألستُ من أهل البيت؟" فقال (صلى الله عليه وآله): «أنتِ على خير، ولكن هؤلاء أهل بيتي».
مما يدل على أن الزوجات لسن مشمولات في آية التطهير:
- روايات الصحابة:
ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وزيد بن أرقم وغيرهم من الصحابة أكدوا أن الآية نزلت في أصحاب الكساء دون غيرهم.
الخلاصة:
آية التطهير تختص بأصحاب الكساء فقط (النبي، علي، فاطمة، الحسن، والحسين عليهم السلام)، والدليل على ذلك:
١. عقليًا: الإرادة التكوينية تعني العصمة، وهو أمر لا ينطبق على نساء النبي.
٢. قرآنيًا: تغيير الضمير، واستخدام "أهل البيت"، وانتقال الموضوعات في السياق.
٣. روائيًا: حديث الكساء، وروايات أمهات المؤمنين والصحابة، التي تنص على اختصاص أهل الكساء بالآية.
وبالتالي، فإن الاستدلال بأن نساء النبي مشمولات في الآية لا يستقيم لا عقليًا ولا نقليًا.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.