السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ شهور وأنا أسأل الله أن يرزقني الزواج من شخص معين، وألح في الدعاء باسمه واتوسل بأهل البيت ليلاً ونهاراً، لكنني أخشى أن يكون في ذلك نوع من التعلق غير الصحيح أو قلة التسليم لمشيئته تعالى. هل من الأفضل أن أستمر في الدعاء باسمه، أم أدعو الله أن يرزقني الخير حيث كان؟ وما الضابط الشرعي في الدعاء لشخص معين بالزواج منه؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، دعاؤك بالزواج من شخص معين أمر مشروع، ولا حرج فيه شرعًا، خاصة إذا كنتِ تجدين فيه الصفات التي ترغبين بها في شريك الحياة. لكن هناك ضوابط مهمة يجب مراعاتها حتى لا يتحول الأمر إلى تعلق غير سليم أو اعتراض – ولو بغير قصد – على مشيئة الله.
الضوابط الشرعية والموازنة الصحيحة:
1. عدم الجزم بأن هذا الشخص هو الخير المطلق لكِ:
لا أحد يعلم الغيب إلا الله، فقد ترين أن هذا الشخص مناسب لكِ، لكن الله يعلم ما لا تعلمين. ومن الأفضل أن يكون الدعاء بصيغة: اللهم إن كان في فلان خير لي في ديني ودنياي وآخرتي، فاجمعني به على الخير، وإن كان غير ذلك، فارزقني ما هو خير لي منه. وهذه الصيغة فيها تفويض لله، فلا يمنعكِ التعلق باسم معين، لكنه يبقي قلبكِ مطمئنًا لما يختاره الله لكِ.
2. عدم تحول الدعاء إلى تعلق زائد:
إذا كنتِ تجدين في نفسكِ هوسًا أو انشغالًا دائمًا بفكرة الزواج منه لدرجة تؤثر على عبادتك أو حياتك اليومية، فهنا يجب إعادة التوازن. والتعلق الحقيقي ينبغي أن يكون بالله، وليس بأشخاص قد لا يكونون نصيبًا في النهاية.
3. الدعاء يجب أن يكون نقيًا، مبنيًا على الرغبة الصالحة لا التملك أو الأنانية.
4. القبول بقضاء الله مهما كان:
الدعاء لا يعني ضمان الاستجابة وفقًا لرغبتك، بل هو طلب الخير من الله، وعليكِ أن تكوني مستعدة لتقبل أي نتيجة بطمأنينة. فقد يؤخر الله الاستجابة لحكمة، أو يعوضكِ بشيء أفضل، أو يمنحكِ هذا الشخص في الوقت المناسب.
هل تستمرين في الدعاء باسمه أم تغيرين الصيغة؟
إذا كان الدعاء لا يجعلكِ متعلقة به تعلقًا زائدًا، ولا يسبب لكِ حزنًا أو انشغالًا مبالغًا فيه، فلا بأس بالاستمرار.
أما إذا شعرتِ أن قلبك بدأ يميل إلى التعلق الشديد به لدرجة عدم تقبل أي بديل، فمن الأفضل تعديل الدعاء ليكون: "اللهم ارزقني الزوج الصالح الذي يكون لي قرة عين، واجعل لي الخير حيث كان".
كلمة أخيرة:
الثقة بالله والتسليم لأمره هو مفتاح السعادة والراحة النفسية. اسألي الله الخير وألحّي في الدعاء، لكن اتركي مساحة لقضاء الله ليختار لكِ الأفضل، فهو أعلم بما ينفعكِ في الدنيا والآخرة.
جعلكِ الله من السعيدات برزقه واختياره، ورزقكِ ما تتمنين وزيادة، في الوقت الذي يكون فيه الخير لكِ.
دمتم في رعاية الله وحفظه.