السلام عليكم
اني جاي احاول قدر المستطاع ازكي نفسي و دائماً مشاكل ويا امي عندي حاجة صار 4 سنوات ومحد يدري بيها بس ربي وادعي بالخفاء وكلش متعبتني ما اسيطر على مشاعري اضل ضايجة وعرك ويا امي اني ما انكر مرات اضوجها+ اعرف بعالم الجن ودائماً اتگلي انتِ مزيج بين انسان وشيطان امي كلش متدينة فا اتفاجأ من تحجي هيج حتى اسكت ما ادافع من غير انو تدعي عليه بعدم الرضى مثلاً اكون مصلية الليل تدعي الله لا يتقبل شسوي اني كل همي رضا ربي؟احسها متأثره بسبب السحر ويؤثرون عليهاعليه اذا اگدر اكتب مشكلتي وياهم حتى اعرف الحكم الصح
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، أولاً، أسأل الله أن يربط على قلبك ويشرح صدرك ويعينك على ما تمرين به. إن ما تعيشينه من صراع داخلي بين طلب رضا الله والسعي لتزكية النفس، وبين الآلام النفسية بسبب المشاكل مع والدتك، أمر يحتاج إلى الصبر، لكن اعلمي أن الله مطّلع على نيتك وهمّك وسعيك، وهو أرحم بك من نفسك.
ثانياً: ابنتي، إن رضا الله عزّ وجل لا يُنال بسخط الوالدين، ولهذا أمرنا سبحانه ببرّهما والإحسان إليهما، حتى في حال صدور ما يؤذي من أحدهما، فقال تعالى: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ، وَلا تَنْهَرْهُما، وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: ٢٣).
ولا شك أنّ الردّ على الأم أو رفع الصوت عليها أمرٌ لا يجوز شرعاً، لكن هذا لا يعني أن تصمتي عن الظلم أو تكتمي مشاعرك تماماً، بل من حقك التعبير عن ألمك وجرحك، على أن يكون ذلك بلطف وأدب وهدوء، دون صياح أو إساءة، فهذا لا يُنافي البر، بل هو توازن حكيم بين صون النفس وصون حرمة الأم، وبه تنالين رضا الله بإذنه سبحانه.
ثالثا: إن دعاء الوالدة بعدم رضاها قد يكون ناتجًا عن غضبٍ مؤقت، والله تعالى لا يستجيب دعاء الظالم على المظلوم، فإن كنتِ بريئة مما تتهمك به، فلا تخافي من دعائها، بل الجئي إلى الله بصدق، واطلبي منه أن يلين قلبها ويصلح ما بينكما، وأكثري من الدعاء لها بظهر الغيب، فإن الدعاء للوالدين حتى في حال القسوة بابٌ عظيم للفتح والرحمة من الله.
أمّا إن كنتِ قد أخطأتِ في حقها أو ظلمتها، فاحذري، فإنّ دعاء الأم في هذه الحالة مستجاب، ويُخشى عليكِ من الوقوع في العقوق، والعاق لا يشمّ ريح الجنة، فضلاً عن دخولها، فقد روي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فِي كَلاَمٍ لَهُ: إِيَّاكُمْ وَعُقُوقَ اَلْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ رِيحَ اَلْجَنَّةِ تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَلاَ يَجِدُهَا عَاقٌّ وَلاَ قَاطِعُ رَحِمٍ ... المزید» (الکافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٣٤٩).
فالعقوق قد يكون بقولٍ جارح، أو فعلٍ مؤذٍ، أو حتى نظرة ازدراء.
فإن شعرتِ أنك قصّرتِ في حقها أو أسأتِ لها، فبادري إلى التوبة النصوح، واطلبي عفوها ولو بكلمةٍ طيبة أو لمسة حنان، فإن قلوب الأمهات وإن قست في لحظة الغضب، فإنها تذوب بدعاء صادق أو دمعة ندم، والله سبحانه يقبل التائبين ويحبّ المصلحين.
رابعًا: من الجانب الروحي والنفسي:
١. حديث أمك عنك بأنك "مزيج من إنسان وشيطان" فهو مجرد كلام ولا نظن أنها تعنيه إطلاقاً، مضافاً أنه لا واقع له أبداً، ولكن تذكّري يا ابنتي أن هذا الوصف لا يعبّر عن حقيقتك أمام الله عز وجل، فالله لا ينظر إلى ظاهر الناس وكلامهم، بل ينظر إلى القلوب والنيات. ولو كنتِ كما تصفك، لما كنتِ تحافظين على صلاة الليل، ولا سعيتِ إلى تزكية نفسك، ولا لجأتِ إلى الله بالدعاء والشكوى.
فلا تجعلي كلامها يعرّفك لنفسك، بل عرّفي نفسك بما يراكِ الله عليه: مؤمنة مجاهدة، تحاول وتخطئ، وتعود وتتوب، وهذا هو طريق المحبوبين عند الله.
٢. أمّا عن ظنّك بتأثر والدتك بـ" السحر أو عالم الجن"، فأنصحك يا ابنتي بعدم الانشغال كثيرًا بهذه الأمور، ولا تُكثري من الظنون حولها، فإن كثرة التفكير في هذه المواضيع قد تفتح على النفس أبوابًا من الوسواس والتوهّم والقلق، وتُفسد صفاء القلب والعلاقة مع من حولك.
وقد ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) النهي عن تتبّع أمور السحر والجن وكثرة الظنون فيها، لأنها قد تجرّ الإنسان إلى باب الخرافة والاتهام بالباطل، والله تعالى يقول:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ …} (الحجرات: ١٢)، فثقي بالله، وتمسّكي بذكره، وادعي لوالدتك بالشفاء والهداية، بدل أن تظنّي بها سوءًا، فالدعاء أنفع من الظن، والرحمة أقرب إلى القلوب من الخوف والتوجّس.
٣. اعلمي يا ابنتي أن كثيرًا من الأمهات الطيّبات، وإن كنّ متديّنات ومحبّات لأولادهن، لكن قد يقعن في فورة الغضب في كلامٍ قاسٍ أو جارح، دون أن يُدركن أثره العميق في نفس الابنة، فلا تفسّري كل ما يُقال وقت الغضب على أنه حقيقة مطلقة تعبّر عنك، فالأم قد تندم لاحقًا، وقد تكون كلماتها نابعة من ضيق أو ضغط داخلي، لا من حقيقة شعورها بك. وتذكّري أنّ تقييمك الحقيقي لا يصنعه كلام الناس، بل تصنعه علاقتك مع الله، وسعيك للإصلاح، وصبرك على الأذى، فالله لا يضيع أجر المحسنين
ما تفعلينه الآن:
١. أكثري من دعاء التوسل، وادعي لأمك بأن يلين قلبها، وأكثري من الاستغفار لها.
٢. إذا شعرتِ أنك لا تستطيعين السيطرة على مشاعرك، فلا تكتمي همّك وحدك، بل عبّري عنه بطريقة آمنة.
الجئي إلى الكتابة، فهي تُفرّغ ما في داخلك دون أن تجرح أحدًا، أو تحدّثي مع من تثقين بدينه وحكمته، سواء كان من العائلة أو من أهل الإيمان والمعرفة.
فمجرّد الحديث أحيانًا يُخفّف كثيرًا من العبء، ويمنحك رؤية أوضح لحلّ المشكلة، ويدفع عنك شعور الوحدة أو العجز.
٣. اجتهدي في برّ والدتك بالأفعال، حتى إن وجدتِ صعوبة في التعبير بالكلام، أو كانت العلاقة بينكما متوترة.
فأفعال البرّ من خدمة، واهتمام، ومراعاة، وستر، والدعاء لها، كلّها من علامات الصلاح والبرّ الحقيقي، والله يراها ويُثيبك عليها، ولو لم تُقدَّر منك في الظاهر.
وتذكّري أن البرّ عبادة، والعبادة تُؤدى لله لا للناس، فافعلي الخير لله، وسيجعل الله لبرّك أثرًا في قلبها ولو بعد حين
ابنتي، أنتِ في اختبارٍ إلهي، وربما تكونين ممتحنة من حيث لا تشعرين، فاصبري واحتسبي، وأحسني الظنّ بالله، ولا تيأسي من رحمته، وثقي بأن كل دمعةٍ سكبَتْها عيناكِ وأنتِ تصلّين وتطلبين رضا الله، هي مسجّلة عنده، محفوظة في كتابٍ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وستفرحين يومًا حين ترى روحك نتيجة ما صبرتِ عليه، فكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ وَكَمَا تَصْنَعُ يُصْنَعُ بِكَ وَمَا قَدَّمْتَ إِلَيْهِ تَقْدَمُ عَلَيْهِ غَداً لاَ مَحَالَةَ» (تحف العقول، ج١، ص١٥٤).
فاستمري في زرع الخير، والنية الطيبة، والسعي نحو الإصلاح، وستُثمر هذه النبتة نورًا وسلامًا في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
أسأل الله أن يشرح صدرك، ويقوّي قلبك، ويجعل لك من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وأن يُرضي عنك والدتك، ويرضيكِ برضاه، ويجعلك من الصابرات المحسنات اللاتي يُباهي بهنّ ملائكته.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.