صدى ( 21 سنة ) - العراق
منذ شهرين

فاطمة والميراث في الإسلام

سلام عليكم سؤال لماذا طالبة فاطمة (عليها السلام) بالميراث وهي تعلم أن الأنبياء لايرثون مثل سليمان لم يرث من داود يعني أكيد أن الرسول (صلّى الله عليه وآله) حدثها أن الميراث من الأنبياء هو صدقة عنهم. لماذا لم يقل لها لا تطالب في الورث أو أن ورثه صدقة؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ابنتي الكريمة، هنالك اشتباه كبير. الجواب على هذا السؤال نختصره في أمرين، وإلا فالأمر يتطلب بحثاً وتحقيقاً؛ لبيان ما اختلقوه على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): الأمر الأول: ١- أنّ السيدة الزهراء (سلام الله عليها) معصومة، فلا يصدر منها شيء مخالف للشرع أو القرآن، وإلا لما كانت (عليها السلام) سيدة نساء العالمين وغيرها من الأحاديث الدالة على فضلها، بل إن الله تعالى يرضا لرضاها ويغضب لغضبها، وهذا فيه دلالة كبيرة، أن فعلها لا يخالف إرادة الله تعالى وشرعه. ٢- صدر عن السيدة الزهراء (عليها السلام) ما يخالف كلام المانعين لحقها، ومطابق للقرآن الكريم، في خطبتها الفدكية "تعدّ الخطبة الفدكية الصادرة من جانب سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد وفاة أبيها عندما أجمع القوم على منعها فدكاً، من أهم ما يدل على مظلومية ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغصب حقها و ... المزید، وقد أوردها غير واحد من المحدثين والمؤرخين بين موالف ومخالف، منهم: - أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر (٢٠٤ ـ ٢٨٠ هـ). - أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري (المتوفّى ٣٢٣هـ). - الشريف المرتضى (٣٥ب ـ ٤٣٦هـ). - محمّد بن علي بن الحسين الصدوق (٣٠٦ـ٣٨١هـ). - محمّد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠هـ). - ابن أبي الحديد (المتوفّى ٦٥٥هـ). وغيرهم. والخطبة هي: لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم…ثم قالت: « أيها الناس اعلموا: إني فاطمة وأبي محمد (صلى الله عليه وآله) أقول عوداً وبدواً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً…وأنتم الآن تزعمون: أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟ ! أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية: أني ابنته. أيها المسلمون أغلب على إرثي؟ يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك، ولا إرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} (النمل: آية ١٦)، وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} (مريم: آية ٥-٦)، وقال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ لله} (الأنفال: آية ٧٥)، وقال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (النساء: آية ١١) وقال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)} (البقرة: آية ١٨٠). وزعمتم: أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم هل تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة»(١). الأمر الثاني: ما نسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في مسألة عدم إرث فاطمة (عليها السلام) " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " لم يصدر من النبي (صلى الله عليه وآله)، ولمعرفة أنّ هذا الحديث صدر من النبي (صلى اللّه عليه وآله)، فلابد من عدم مخالفة الحديث لكتاب الله الكريم، وهذه ضابطة يذكرها أصحاب الاختصاص لمعرفة صحة الحديث من سقيمه، ومع ذلك فإن فيه احتمالان: الأول: أن يكون قوله: " ما تركناه " مبتدأ، و " صدقة " خبره، وعليه فمدلول الحديث أن الأنبياء جميعاً لا يورثون، وما تركوا فهو صدقة، وليس لورثتهم شيء بعنوان الإرث. وهذا المعنى مخالف لعمومات القرآن في الإرث. والثاني: أن يكون قوله: " ما تركناه " مفعولاً ثانياً لقوله: " لا نورث" ومفعوله الأول محذوفاً ويصير حاصل المعنى على هذا الاحتمال: إنا لا نورث أحداً؛ مما تركناه بعنوان الصدقة، وبعبارة أخرى أن ورثة الأنبياء لا يرثون من الصدقات التي تكون عند الأنبياء بعد وفاتهم شيئاً. وهذا الاحتمال متعين لموافقته للكتاب كما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله(٢). فيتبين أنّه كان من نتائج الاجتماع في السقيفة هو غصب فدك والإرث عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) وغصب حقوقها بفتوى منتسبة إلى حديث مختلع لم يسمعه من النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ابنته ولا أخيه ووصيه، وكان الهدف من هذه الفتوى لغصب حقوق الإمام علي ابن أبي طالب وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليهما السلام) وإرثهما، حيث كانت هذه فتوى سياسية صدرت عن الخليفة ينفرد بها.. تخالف القرآن والسنة والعقل والعرف أفتى بها وأيدها المنافقين في المدينة(٣).     وفي الوقت نفسه أكدت المصادر التاريخية أنّ أرض فدك كانت خالصة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآلة)؛ لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب(٤)، وأن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآلة) قد أعطاها لفاطمة (عليها السلام) وقال لها هي لي خاصة دون المسلمين (٥). ودمتم موفقين. _____________________________________ (١) الاحتجاج، أحمد بن علي الطبرسي، ص١٣٢-١٣٩، بتصرف. (٢) حديث نحن معاشر الأنبياء - الشيخ المفيد - الصفحة ١٩. (٣) للمزيد من التفاصيل حول ذلك ينظر: محمد باقر الكجوري، الخصائص الفاطمية، ترجمة جمال أشرف، (قم المقدسة: مطبعة شريعة، ١٩٦٠)؛ محسن بن محمد بن عبد الكريم بن علي بن محمد الأمين العاملي، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، (بيروت: دار المتعارف، ١٩٨٣)، ج٥؛ إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، د.ت). (٥) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، (بيروت: مؤسسة الأعلمي، ٢٠٠٦)، ج٢، ص٣٠٣. (٥) أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الصدوق، عيون أخبار الرضا (بيروت: مؤسسة الأعلمي، ١٤٠٤)، ج٢، ص٢١١.

1