أسباب موافقة الإمام الحسين على ذهاب العباس لجلب الماء
السلام عليكم
عندي سؤال حول موافقة الامام الحسين عليه السلام على طلب الامام العباس عليه السلام حين طلب منه الذهاب لجلب الماء مع علم الامام الحسين عليه السلام ان الخطورة عالية واحتمالية الاستشهاد محتومة وان الاعداء لا يرحمون ، لماذا وافق على طلبه وجعله يذهب ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياكَ الله عزيزي وتقبل أعمالكَ بأحسن القبول
في الواقع سؤال جيد، وهو يدخل في باب فهم التخطيط الإلهي في واقعة كربلاء.
والذي نقوله في الجواب:
أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان يعلم بالمصير المحتوم للعباس (عليه السلام) بمقتضى عقيدتنا بالإمامة، والذي يفيد بأنّ الإمام المعصوم مُسدد من السماء ويتلقى بعض الإخبارات عن بعض الأحداث التي ستحدث في المستقبل.
لكن الإمام الحسين (عليه السلام) كانَ يتحرك ضمن تخطيط إلهي دقيق، وكانَ يعملُ بمقتضى السياق الطبيعي لا ضمن السياق الغيبي.
فموافقة الإمام الحسين (عليه السلام) على خروج أبي الفضل العباس (عليه السلام) لم تكن تخلّياً عنه، بل كانت جزءاً من الخطة الإلهية لكشف الظلم، وإبراز عظمة الإيمان الذي كانَ يتحلى به العباس(عليه السلام)، وإبراز نموذج الطاعة المطلقة للإمام المعصوم الذي تحلى به العباس، لتبقى هذه القصة رمزاً خالداً في الوفاء والإيثار.
ولتوضيح الجواب أكثر نقول:
إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن ليمنع أصحابه من نيل مقامهم العظيم والذي هو مقام الشهادة.
فالإمام الحسين (عليه السلام) يَعلمُ أنَّ الشهادة قضاءٌ محتوم، ولهذا لا يمنعها بل هو في أعلى درجات التسليم بها كونها من قضاء الله المحتوم، فالإمام الحسين (عليه السلام) يعلم أنّ الله عزّ وجل إن قضى أمراً وحتمه فلا يمكن أن يحولَ شيءٌ دونَ تحقيقه.
والإمام العباس (عليه السلام) لم يكن مجرد جندي، بل هو رمزٌ للوفاء والصبر والفداء، وكان وصوله إلى هذا المقام جزءاً من الامتحان الإلهي له وللأمة كلها.
وبالتالي فذهاب العباس إلى شط الفرات ووقوع ما جرى عليه كانَ جزءً من طريقِ وصوله إلى هذا المقامِ العظيم.
فضلاً عن أنّه لو لم يذهب أبو الفضل العباس (عليه السلام) لجلب الماء، لما انكشفَ الظلمُ الأموي للعالمِ أجمع في أبشعِ صورةٍ تقشعرُ لها الأبدان، حيث أن الجيش الأموي قامَ بمنع الماء عن النساء والأطفال، بل وقتلَ حتى مَن جاء فقط لجلب الماء والذي كانَ هو العباس بنُ علي بنُ أبي طالب (عليه السلام).
وهذا يكشف للعالم حجم الجريمة التي ارتكبها جيش ابن زياد وسوء العقيدة التي كانوا يعتقدون بها، ويجعل الحجة عليهم قائمة أمام الإسلام والتاريخ والإنسانية، فأيُّ مسلمٍ يمكن أن تصل به الفجارةُ أن يمنعَ الماء عن الأطفال والنساء وعن سبطَ النبي (عليه السلام) ومَن معه من أصحابه الذين فيهم صحابةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من شرب الماء؟!.
وفقكم الله لكل خير
ودمتم في رعاية الله