( 15 سنة ) - ليبيا
منذ 3 سنوات

اكبر الكبائر

وقال رسول الله ﷺ : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " حديث صحيح السؤال: ما الأخطار التي تجلبها كل كبيرة من الكبائر الواردة في الحديث علي الفرد والجماعة؟


ممّا لا شكّ فيه أنّ الذنوب والمعاصي لها آثار مدمّرة على الفرد والمجتمع بشكل عام سواءً المادية منها والمعنوية، فهي إضافة إلى ما تحمله من آثار وضعية سيئة تتركها على لوحة النفس والوجود، إلا أنّها تحمل في طيّاتها أيضاً مخالفةً صريحةً للفطرة القائمة على وجوب شكر المنعم فـ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [سورة الرحمن، 60]! فمن غير اللائق في الأخلاق والوجدان أن يقابل الإنسان نعم الله تعالى التي لا تُعدّ ولا تُحصى بالعصيان بدل الشكر والعرفان، لذلك نهانا الله تعالى عن ارتكاب الذنوب والابتعاد عنها. وورد جملة من تلك الآثار في كتاب الله تبارك وتعالى وروايات أهل البيت (عليهم السلام )، ولابدّ أن يعرف الإنسان وتتّضح لديه طبيعة هذه الآثار الخطيرة التي تحول بينه وبين ارتقائه المعنوي والوصول إلى كماله المنشود. عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: "أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب [ ... المزید] وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به". [الكافي: ج2، ص 269] ولقد تحدّث القرآن الكريم والروايات الشريفة عن الأخطار الانحرافية الناتجة عن ارتكاب الذنوب، فكشف لنا عن أكثرها خطورة تأثيراً، فمنها: 1- الظلمة في القلب فإنّ الطاعة نور والذنب ظلمة، وكلّما قويت الظلمة ازدادت حيرة صاحب الذنب، فلا تزال الذنوب توهن قلبه حتى تتكوّن الحُجب عليه {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين، 14] "، فتظهر آثار ذلك على حياته بوضوح. عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبداً". [الكافي: ج2، ص 271] ٢-الحيلولة دون الترقّي إلى مراتب الكمال يتفاضل الناس في الدرجات، فالذنوب تخرج صاحبها من دائرة عُليا إلى دائرة أدنى، بل تخرجه من دائرة الإيمان، فعن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: "قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" [الكافي: ج5، ص123]. وتعمل الذنوب والمعاصي على إضعاف همّة القلب وإرادته وتثبيطه عن الطاعة حتى يؤول به الأمر من الاستثقال إلى الكراهية والنفور، فلا ينشرح صدره لطاعة ولا يتحرّج ويضيق من معصية ويصير جسوراً مقداماً على الخطايا، جباناً رعديداً على الحسنات. عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: "إن الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم". [الكافي: ج2، ص272] ٣- الذلّ وعقدة الحقارة صاحب الذنب ذليل حقير، والذنوب والمعاصي لا تورث أهلها إلا الذلّ والمَهانة، {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [سورة النساء، 14]، {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [سورة البقرة، 61]. أمّا العزّة فهي بيد الله تعالى وحده وتتجلّى في طاعته عزّ وجلّ، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [سورة فاطر،10] عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الدعاء: "اللهم فكما أسأت فأحسنت إلي، فإذا عدت فعد علي، فاعمرني بطاعتك ولا تخزني بمعصيتك.." [الصحيفة السجادية: دعاؤه (عليه السلام) في الاستعاذة من البلايا ومذامّ الأخلاق]. عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنّه قال: ما من أحد يتيه إلا من ذلّة يجدها في نفسه، وفي حديث آخر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه [الكافي، ج2، ص312]. وغيرها من الآثار التي ذكرها العلماء في كتبهم منها كتاب جامع السعادات للنراقي ومنها كتاب مرآة الكمال للمامقاني و كتاب الذنوب الكبيرة و الصغيرة للسيد داستغيب …

1