وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ابني الكريم: أود أن أهنئك على التزامك بالصلاة في هذا العمر الصغير، وهذا شيء جميل ومبارك، والصلاة هي عمود الدين وهي وسيلة للتواصل مع الله (سبحانه وتعالى)، ولذا من المهم أن نؤديها بشكل صحيح وبخشوع.
ومن المهم أن تتعلم كيفية أداء الصلاة بشكل صحيح، وهذا يتطلب بعض الوقت والصبر، فحاول أن تتعلم من والدتك أو من شخص موثوق به كيفية أداء الركوع والسجود بشكل صحيح، ويمكنك أيضًا مشاهدة فيديوهات تعليمية موثوقة تساعدك في ذلك.
أما بالنسبة للعصبية ورفع الصوت على والدتك، فمن المهم أن تتذكر أن بر الوالدين من أعظم الأعمال في الشريعة الإسلامية المقدسة، فحاول أن تتحلى بالصبر والهدوء عندما تتحدث مع والدتك، فإذا شعرت بالغضب، خذ نفسًا عميقًا وحاول أن تهدأ قبل الرد،
وأعلم أن الغضَب او عصبية الانسان حالة نفسيّة، تبعث على هياج الإنسان، وثورته قولاً أو عملاً، وقد تكون مذمومة وكما عُبر عنها بأنها مفتاح الشرور، ورأس الآثام، وداعية الأزَمات والأخطار، وقد تكاثرت الآثار في ذمّه والتحذير منه: روي عن الإمام الصادق (عليه السلام: ( الغضب مفتاح كلّ شر ) وإنّما صار الغضب مفتاحاً للشرور، لِما ينجم عنه من أخطار وآثام، كالاستهزاء، والتعيير، والفُحش، والضرب، والقتل، ونحو ذلك من المساوئ.
وقال الصادق (عليه السلام): سمعت أبي يقول: أتى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رجلٌ بدويّ، فقال: إنّي أسكن البادية، فعلِّمني جوامع الكلام. فقال: آمرك أنْ لا تغضب. فأعاد الأعرابي عليه المسألة ثلاث مرات، حتّى رجع الى نفسه، فقال: لا أسأل عن شيء بعد هذا، ما أمرني رسول اللّه إلّا بالخير ... المزید.) .
واعلم- ابني الكريم- أنّ بر الوالدين من أهم القضايا الأخلاقية التي يجب الحذر منها والتعامل معها بدقة.
يقول تعالى: {وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً﴾(الإسراء: ٢٣).
فينبغي عدم الرد عليهما وعدم رفع الصوت في محضرهما ومعاشرتهما بالمعروف وإن كان ظالمين.
ففي الرواية عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان من دعائه لأبويه: "اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرهما بر الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالدي وبري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن، حتى أوثر على هواي هواهما. الصحيفة السجادية".
وهنالك روايات كثيرة في بر الوالدين نورد منها:
١- عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "وقد سأله ابن مسعود عن أحب الأعمال إلى الله تعالى -: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين".
٢- وعنه (صلى الله عليه وآله) لرجل قال له: "جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان، قال: ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما".
٣- وعنه (صلى الله عليه وآله): "من سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه".
٤- وعن الإمام علي (عليه السلام): "بر الوالدين من أكرم الطباع".
وفقكم اللّٰه لكل بر وأبعد عنكم كل مكروه ورزقكم الخير كله بالنبي وآله (صلوات اللّٰه عليهم أجمعين).
دمتم بحفظ الله ورعايته.