وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، من المعلوم أنّ نبي الله آدم (عليه السلام) سبق كل الحضارات، وهو أول خليفة لله جعله تعالى في الأرض، ونشر تعاليمه سبحانه، والإيمان به، حيث عاش النبي آدم (عليه السلام) على بعض التقادير ألف سنة وهي الألفية الأولى قبل الميلاد، ثم انحدر منه سلسلة النبوات إلى النبي إدريس (عليه السلام) الذي هو ثالث الأنبياء بعد آدم وشيث (عليهما السّلام)، والذي يقارب زمن نشوء الحضارة السومرية سنة ٤٥٠٠ قبل الميلاد؛ لأن مقومات نشؤ الحضارة بدأت من النبي إدريس (عليه السلام) من الخط بالقلم وخياطة الثياب، ونظر في علم النجوم وعلم الحساب وغيرها.
وكشف العلماء الفرنسيون في أواخر القرن التاسع عشر عن أنقاض لكش، وعثروا بينها على لوح نقش عليها تاريخ الملوك السومريين، وفي أيامنا هذه كشف "وُلى" الأستاذ بجامعة بنسلفانيا وكثيرون غيره من العلماء عن مدينة أور العتيقة حيث أنشأ السومريون كما يلوح حضارة لهم قبل عام ٤٥٠٠ ق. م.
(كتاب قصة الحضارة، ول ديورانت، ج٢، ص١٤، المكتبة الشاملة).
وإن كان يحتمل أن يكون لنبي الله آدم (عليه السلام) مدخليه في بداية نشوء الحضارة والتطور وكذلك النبي شيث، حيث أدرك النبي إدريس من حياة آدم (عليهما السّلام) ٣٦٨ سنة، وقيل ٣٠٨ سنوات.
تعلّم علوم شيث بن آدم (عليهما السّلام)، وتولّى سدانة بعض المعابد، ولما طعن في السن بعثه اللّه للنبوّة، فقام بإرشاد الناس في بابل، وأمرهم بعبادة اللّه وتوحيده، ونهاهم عن مخالفة شرائع آدم (عليه السّلام) وشيث، فلم يؤمن به إلّا القليل من أهل بابل، فرحل وشيعته إلى مصر واستوطنوها، فقام بها بنشر دعوته وهدايتهم عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهبه اللّه معرفة لغات أهل زمانه، فكان يكلّم جميع الناس بألسنتهم، وعلّمه الباري شتّى فنون العلم والمعرفة، كالفلك والنجوم والحكمة والحساب والطب والأدب والشعر وعلم الهيئة، بالإضافة إلى القراءة والكتابة، فكان أوّل من كتب بالقلم.
قام بتخطيط المدن، وشجّع الناس على بنائها حتى بلغت الّتي شيّدت في زمانه ١٨٨ مدينة.
قسّم الأرض إلى أربعة أقسام، وعيّن لكل قسم معمور منها ملكاً يحكمهم بموجب شرائع وقوانين تناسب سكانها، والملوك هم: ايلدوس، وزوس، واسقلبيوس، وزوس أمون.
قام ولأول مرة ببناء الهياكل لتمجيد اللّه سبحانه وتعالى، وأمر ببناء الأهرام بصعيد مصر، وصوّر فيها مختلف العلوم والصناعات وآلاتها ومميزاتها؛ حرصاً منه على بقائها للأجيال من بعده.
(أعلام القرآن، عبد الحسين الشبستري، ص٦٩-٧٣).
ويتحصل من مجمل ما تقدم أنّ من المحتملات الكبيرة أنّ زمن نشوء حضارة السومريين، مقارب لزمن نبي الله إدريس (عليه السلام)، لما قام به من إنجازات لم تذكر لنبي الله شيث (عليه السلام) أو غيره، ويحتاج الأمر المزيد من البحث والأدلة، لكن هذا يكفي في إثبات تقدم زمن الأنبياء (عليهم السلام) على الحضارة، بل لهم الفضل في تعليم الأمة والتطور ونشوء البلدان الحضارات، وسن القوانين الإلهية لقيادة الإنسان قيادة صحيحة وآمنة.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.