logo-img
السیاسات و الشروط
رياض الحسني ( 55 سنة ) - ألمانيا
منذ 8 أشهر

تفسير صفة الأواب لله وعلاقتها بالعباد

السلام عليكم جاء في الدعاء المنسوب الى الامام الحسين (ع) : "يا تواب يا أوّاب " السؤال : كيف يكون الله أوّاب وهي صيغة مبالغة من آيب أي عائد وهي صفة للعبد الذي يؤوب الى ربه كثيراً فيوصف بالعبد الأواب ؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم، أهلاً وسهلاً بكم في تطبيقكم تطبيق المجيب. إنَّ كلمة "أوّاب" في اللغة العربية هي صيغة مبالغة من "آيب"، أي الراجع والعائد، وهي تُستخدم في القرآن الكريم لوصف العبد الذي يُكثر الرجوع إلى الله، كما في قوله تعالى: "نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (ص: 30). لكن عندما يُوصف الله سبحانه وتعالى بـ "أوّاب" في الدعاء، لا يكون المعنى نفسه الذي يُوصف به العبد، لأن الأسماء والصفات الإلهية وإن وُجدت بألفاظ تُشابه صفات المخلوقين، إلا أن معانيها تتناسب مع كماله وجلاله سبحانه. ففي هذا السياق، يمكن فهم "أوّاب" عندما يوصف به الله تعالى على أحد الوجوه التالية: 1. أنه الذي يفتح لعباده باب التوبة ويقبل أوبتهم إليه مرارًا وتكرارًا، فهو من يعود برحمته على العائدين إليه، فيكون أوّابًا لعباده، أي يُعيد عليهم رحمته ومغفرته كلما رجعوا إليه. 2. أنه يُرجِع العباد إلى طريقه بالحكمة والابتلاء والتوفيق، فمن ضلّ منهم أعاده بلطفه وهدايته، فهو سبحانه المُعيد لعباده إلى الحق، فيكون "أوّابًا" بمعنى المُعيد لعباده إلى رحمته وطاعته. 3. أنه يرجع بفضله وكرمه على عباده بعد خطئهم وزللهم، فمن أساء ثم تاب، عاد الله عليه بالمغفرة، ومن ضل ثم استهدى، أكرمه بالنور، فهو أوّابٌ لعباده في العطاء والمغفرة والهداية. إذن، في حق العبد، الأوّاب هو الذي يعود إلى الله، وفي حق الله، الأوّاب هو الذي يعود برحمته ومغفرته على عباده، أو يُعيدهم إلى طريق الحق برحمته وتدبيره. وهذا من روعة اللغة العربية وسعة معاني الأسماء الإلهية التي تفيد الكمال المطلق لله سبحانه.

3