السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان زوجكِ إنساناً صالحاً ومتديناً فحفزيه على الاستقلال بالسكن بهدوء ودون إثارة مشكلة مع التمكن من ذلك، فإنّ في ذلك خير لكم ولابنائكم لأنّ وجودكم بين أمثال هولاء والاستمرار بالكلام والضحك فنتيجه الخسران في الدنيا والآخرة، وسيؤثر حتماً على تربية ابنائكم تربية صحيحة، وأمّا مع عدم التمكن من ذلك حالياً فعليكِ بالصبر والالتزام بدينك والحفاظ على تربية أولادكم تربية صحيحة مبتنية على الالتزام بما أمر الله تعالى والانتهاء عما نهى عنه.
وحاولي أن تكوني الطرف الذي يؤثر بالآخرين ولا يتأثر بسلوكهم السيء أبداً واجعلي أمامك بعض النساء الصالحات اللاتي جعلهن الله قدوة للصالحين في الإيمان والمعرفة والصبر على الأذى والعمل الصالح رغم أنّ البيئة التي كانت تعيشها بعضهن كانت أسوأ مما تعيشينه بكثير ومن تلك النساء من ذكرهن الله تعالى في كتابه العزيز وخلد ذكرهن لصبرهن وإيمانهن، فقال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. التحريم ١١.
ولا يغيب عنكِ الأجر الذي أعده الله تعالى للصابرين حيث قال تعالى: قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ. الزمر: ١٠.
وجاء في الرواية عن الامام الصادق عليه السلام: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان.
وروي عن الإمام علي عليه السلام: أيها الناس عليكم بالصبر، فإنّه لا دين لمن لا صبر له.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: أوحى الله تعالى إلى داود: أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة وأعلمها أنها قرينتك في الجنة، فانطلق إليها فقرع الباب عليها، فخرجت وقالت: هل نزل في شئ؟ قال: نعم، قالت: وما هو؟ قال: إن الله تعالى أوحى إلي وأخبرني أنك قرينتي في الجنة، وأن أبشرك بالجنة، قالت: أو يكون اسم وافق اسمي؟ قال: إنّكِ لأنت هي! قالت: يا نبي الله ما أكذبك، ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به. قال داود: أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو؟ قالت: أما هذا فسأخبرك به، أخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ما كان، ولا نزل بي ضر وحاجة وجوع كائنا ما كان، إلا صبرت عليه، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة، ولم أطلب بدلا، وشكرت الله عليها وحمدته، فقال داود عليه السلام : فبهذا بلغت ما بلغت. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين.
ولا يعني الصبر أن نغض الطرف عن سوء عمل الآخرين بل يجب علينا أن نأمر بالمعروف وننهاهم عن المنكر ما أمكننا ذلك ودون أن يعود بالضرر علينا. فإن لم ينتهوا عن المنكر فالأحوط وجوباً أن تبرزي لهم كراهتك لفعلهم وانزعاجك منه.
نسأل الله تعالى أن يفرج عنكم واعانكم ووفقكم لمراضيه بحق النبي الكريم وآله الطيبين الطاهرين.
دمتم في رعاية الله وحفظه.