وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، مما لا شك فيه أنّ الدعاء والتضرع إلى الله (عزّ وجل) يرد القضاء، وإن أبرم القضاء إبراماً، ووسيلة مفتوحة لنا لقضاء حاجتنا، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) - لزرارة -: «ألّا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟» قلت: بلى، قال: «الدعاء يرد القضاء، وقد أبرم إبراما - وضم أصابعه -» (الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٧٠).
وقال تعالى: ﴿وقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ﴾ (غافر :٦٠).
فحاشا لله أن يغلق بابه.
وجاء في دعاء الافتتاح (الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه ولا يرد سائله).
وجاء في دعاء كوشن الكبير (يامن بابه مفتوح للطالبين).
لكن ابنتي الكريمة، أريدك أن تعلمي أنّ الدعاء ليس مجرد وسيلة لتحقيق ما نريده على الفور، بل هو أعظم من ذلك، أنّه وسيلة للاقتراب من الله، والتسليم لحكمته ورحمته التي قد لا ندركها في اللحظة نفسها.
نعم، هنالك الكثير من الأدعية الواردة عن الأئمة (سلام الله عليهم) لقضاء الحوائج، لكن قضاء الحاجة لا يعتمد على قراءة الدعاء فقط، بل هنالك مقدمات ضرورية قبل الدعاء، وفي أثناء الدعاء، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّ اَللَّهَ (عزَّ وجلَّ) لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً بِظَهْرِ قَلْبٍ سَاهٍ، فَإِذَا دَعَوْتَ فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ ثُمَّ استيقن بالإجابة» (الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٧٣).
لذلك ذكر علماؤنا الأبرار آداب للدعاء، كما أولى الإمام الصادق (عليهالسلام) المزيد من الاهتمام، في الدعاء والابتهال إلى الله؛ لأنه من أنجع الوسائل وأعمقها، في تهذيب النفوس، واتصالها بالله تعالى، وقد أثرت عنه كوكبة من الأحاديث، في فضل الدعاء وآدابه، وأوقات استجابته، وغير ذلك مما يرتبط بالدعاء
واستجابته نذكرها اختصاراً على شكل نقاط:
١- التوجه إلى القبلة.
٢- الوضوء قبل الدعاء.
٣- الصدقة قبل الدعاء.
٤- قراءة الصلاة على محمد وآل محمد (صلى اللّٰه عليه وآله).
٥- الدعاء بإخلاص وخشوع.
٦- الدعاء تحت قبة الإمام الحسين (عليه السلام)، من الأمور المجربة لقضاء الحوائج، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ زَارَهُ عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ ثَوَابَ أَلْفِ حَجَّةٍ، وَأَلْفِ عُمْرَةٍ أَلاَ وَمَنْ زَارَهُ، فَقَدْ زَارَنِي وَمَنْ زَارَنِي فَكَأَنَّمَا زَارَ اَللَّهَ وَحَقٌّ عَلَى اَللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ، إلا وَإِنَّ اَلْإِجَابَةَ تَحْتَ قُبَّتِهِ وَاَلشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَاَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ» (وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج١٤، ص٤٥٢).
وذكر دعاء سريع الإجابة في كتاب مفاتيح الجنان، ونص الدعاء كما يلي:
«اللّٰهُمَّ إني أَطَعْتُكَ في أَحَبِّ الْأَشْياءِ إِلَيْكَ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَلَمْ أَعْصِكَ في أَبْغَضِ الْأَشْياءِ إِلَيْكَ وَهُوَ الْكُفْرُ، فَاغْفِر لي ما بَيْنَهُما، يَا مَنْ إِلَيْهِ مَفَرِّي آمِنِّي مِمَّا فَزِعْتُ مِنْهُ إِلَيْكَ. اللّٰهُمَّ اغْفِرْ لي الْكَثِيرَ مِنْ مَعاصِيكَ، وَاقْبَلْ مني الْيَسِيرَ مِنْ طاعَتِكَ، يَا عدتي دُونَ الْعُدَدِ، وَيَا رجائي وَالْمُعْتَمَدَ، وَيَا كهفي وَالسَّنَدَ، وَيَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ، يَا قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ اللّٰهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ؛ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَنِ اصْطَفَيْتَهُمْ مِنْ خَلْقِكَ وَلَمْ تَجْعَلْ في خَلْقِكَ مِثْلَهُمْ أَحَداً، أَنْ تصلي عَلىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتَفْعَلَ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ اللّٰهُمَّ إني أَسْأَلُكَ بِالْوَحْدانِيَّةِ الْكُبْرىٰ، وَالْمُحَمَّدِيَّةِ الْبَيْضاءِ، وَالْعَلَوِيَّةِ العُلْيا، وَبِجَمِيعِ مَا احْتَجَجْتَ بِهِ عَلىٰ عِبادِكَ، وَبِالاسْمِ الذي حَجَبْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْكَ إِلّا إِلَيْكَ، صَلِّ عَلىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَاجْعَلْ لي مِنْ أمري فَرَجاً وَمَخْرَجاً، وارزقني مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أحتسب، إِنَّكَ تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ. ثم اطلبوا حاجتكم بعد الدعاء».
ودمتم في رعاية الله وحفظه.