logo-img
السیاسات و الشروط
علي كامل ( 19 سنة ) - العراق
منذ 6 أشهر

العلاقة بين القدر والدعاء في تحقيق الأهداف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل حياتنا مكتوبة بمعنى ان كل شيء يحصل لنا مكتوب مثل كيف نموت او اي شيء يحصل لنا في حياتنا هل هوه مكتوب و اذا مكتوب لماذا نحن ندعوا اللّه اي يحقق لنا شيء مثل النجاح


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذا سؤال يتبادر لذهن كل انسان وهو: هل أنّنا نسير على مخطط جاهز رسم لنا قبل أن نأتي إلى هذا العالمة؟ أم أنّنا نبني مسيرتنا ونبني تأريخنا بأيدينا، وإرادتنا؟ أو الأمر ليس كذلك، بل هل هناك خارطة جاهزة لا سبيل لإرادتنا ولا لاختيارنا في صنعها ونحن نسير عليها؟ وفي مقام الجواب على هذا السؤال نقول: إنّ عالمنا هذا يسمى بعالم الخلق، وعالم الخلق خاضع لقانون الأسباب والمسببات المادية، وليس السبب المباشر فيه الأمر الإلهي، بل هناك أسباب ومسببات مادية، وليس معنى هذا الكلام أنّ الله ليس بإمكانه ذلك، بل بإمكانه أن يوجد جسد الإنسان في عالم الخلق والمادة، وأن يخلق فعلي، وكلامي، وصلاتي، ومشي من دون أي واسطة ولكنه حيث علم أن صلاح الوجود المادي يتوقف على حركه الأسباب والمسببات المادية، ولا يمكن ان يكتب له صلاح الا بالحركة والحركة تعتمد على سلسلة من الأسباب المادية والمسببات المادية، إذاً هذا العالم المادي متحرك حركته تحتاج الى سلسلة من الأسباب المادية لذلك ربط الله المسببات في هذا العالم باسباب مادية، وبوسائط مادية مع إمكانه أنْ يخلقه بلا وسائط لذلك سمي هذا العالم الذي يعتمد على وسائط مادية لكي يتحرك بعالم الخلق، وهذه الوسائط من وظيفة الإنسان أن يوجدها فإذا أراد ولداً فعليه بالزواج وما يتبعه من حركات مادية، وهكذا إذا أراد أنْ يكون طبيباً، وهذا في مقابل عالم الأمر الذي لا توجد فيه وسائط مادية، بل المؤثر المباشر فيه أمر الله تبارك وتعالى الذي هو عالم المجردات عن المادة كعالم الملائكة، فهو يرتبط بأمر الله بشكل مباشر، والقضاء فيه حتمي((عباد مكرمون لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون)) فالقضاء هناك في عالم الملائكة قضاء حتمي لا يقبل التغيير هذا العالم يحتاج الى وسائط مادية فالمفيض للوجود هو الله وإذا عرفنا الفرق بين العالمين ولكل عالم قانونه الخاص كما تقدم. فنقول: إنّ هذه المسألة من المسائل الدقيقة في العقيدة ولابد أن يفهمها الإنسان بشكل لا يسلب سلطان الله من جهة ولا يسلب إختيار الإنسان من جهة، وهذه الوسطية الدقيقة ذكرها أهل البيت (عليهم السلام)، فإن القوة والقدرة من الله تعالى، وهو الذي يمدّ العباد بالقوة، والاختيار بيد المكلف فإن بيده أن يستعمل هذه القوة في الطاعات أو في المعاصي، والله تعالى حذره من استخدام هذه القوة في المعصية وأن يصرفها في غير المحرمات، بل يصرفها لما فيه نفعه وصلاحه. ولأجل اتضاحها نضرب مثالاً تقريبياً ذكره السيد الخوئي (رضوان اللّٰه عليه) وحاصله: إذا كان الشخص مقطوع اليد وصنعت له يد كهربائية فإذا أعطاه الطبيب الكهرباء عملت اليد وهي تعمل بما يريده صاحبها فله أن يوجهها نحو عمل الخير وله أن يوجهها نحو عمل الشر، ولكن يبقى مصير اليد بيد الطبيب إن أراد أن يعطلها فصاحب اليد لا يقدر أن يعمل شيئاً. فالله تعالى هو من يعطي القدرة للإنسان والقوة، والإنسان له أن يتصرف بهذه القدرة، وبهذه القوة في الطاعة أو في المعصية فمن جهة الإنسان لم يخرج عن سلطان الله تعالى، وأن أمره بيد الله تعالى، ومن جهة هو مختار في عمل شراً كان أو خيراً. وقد دلت الآيات والروايات على هذه أن للإنسان اختيار: كقوله تعالى: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: ٢٩). وقوله تعالى في الآية (١٧) من سورة الانفال: {فَلَمْ تقْتُلُوهمْ وَلكنّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيتَ إِذْ رَمَيتَ وَلكنَّ اللّهَ رَمى}. فالآية تصف النبي الأَعظم (صلّى الله عليه واله) بالرمي وتنسبه إليه حقيقة وتقول: «إذ رميت»، لكنها تصف اللَّه سبحانه بأنّه الرامي الحقيقي، وما ذلك إلّا لأن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إنّما قام بما قام به إنما هو بالقدرة التي منحها اللَّه له، وكان الله مفيضاً لها على النبي (صلّى الله عليه وآله) حين الفعل، فيكون فعله فعلاً للَّه ‏أيضاً. وهناك مجموعة من الآيات تُعرّف الإِنسان بأنّه فاعل مختار في مجال أفعاله، وهي كثيرة منها: قوله سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أساءَ فَعَلَيْها وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبيدِ} (فصلت: ٤٦) ومنها قوله سبحانه: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسانِ إِلَّا ما سَعى} (النجم: ٣٩) وغير هذه الآيات التي تبين هذه الحقيقة بأن الإنسان مختار وليس مجبراً، وأن الله تعالى هو القاهر فوق عباده فليس الإنسان خارجاً عن سلطان الله تعالى كما تصورته الجهمية. وقد دلت الروايات الشريفة على ذلك، منها: سأل رجل الصادق (عليه السلام ) فقال "قُلْتُ أَجْبَرَ اَللَّهُ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلْمَعَاصِي؟ قَالَ: لاَ. قُلْتُ: فَفَوَّضَ إِلَيْهِمُ اَلْأَمْرَ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا ذَا؟ قَالَ: لُطْفٌ مِنْ رَبِّكَ بَيْنَ ذَلِكَ" (الکافي ج ١، ص ١٥٩). وفي رواية أخرى عن أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) سُئِلَ عَنِ اَلْجَبْرِ وَاَلْقَدَرِ فَقَالَ: «لاَ جَبْرَ وَلاَ قَدَرَ وَلَكِنْ مَنْزِلَةٌ بَيْنَهُمَا فِيهَا اَلْحَقُّ اَلَّتِي بَيْنَهُمَا لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اَلْعَالِمُ أَوْ مَنْ عَلَّمَهَا إِيَّاهُ اَلْعَالِمُ». (الکافي، ج ١، ص ١٥٩). وغير هذه الروايات التي تبين حال الإنسان في أعماله، فهي من جهة أعماله التي عملها واختارها، ومن جهة هو داخل تحت سلطان الله تعالى وأن كل قوة عنده هي من عند الله تعالى. ودمتم موفقين.