السلام عليكم
والدي يمنعني من الخروج لأي مكان خوفا علي ويسمح لي بالذهاب فقط إلى بيت خوالي وعمامي وغير ذلك يمانع وانا تعبت من هذه الحالة ومن كثرة خوفه و وسوسته علي بحيث حتى دراستي أجبرني على تركها ومن ذلك الحين حتى صديقاتي لم أراهن واتحسر على اللقاء بهن ولا استطيع الخروج للتنزه ولا للترفيه على نفسي واتحسر عند رؤية تجمع الصديقات ودردشتهن وضحكتهن مع بعض اتحسر على الدراسة حتى واكملت صف السادس الاعدادي خارجي ولم أحظى بمعدل عالي وعند اكمالي للسادس لم يسمح لي بأكمال دراستي الجامعية،ماذا افعل وكيف اتعامل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، هذا الموقف الذي يجمع بين الحب والتوجيه العائلي وبين حاجتك للطموحات الشخصية يحتاج إلى حكمة وصبر، إذ أن التوازن بين حقوق الوالدين واحتياجات الأبناء أمر يتطلب فهمًا عميقًا وإرادة قوية.
وفي هذا السياق، سأقدم لك بعض النصائح التي تساعدك إن شاء اللّٰه تعالى في التعامل مع هذه الأمور والحفاظ على احترامك لوالدك وتقديرك لمشاعره:
١. بر الوالدين:
قبل كل شيء، ينبغي أن تحرصي على احترام والديك وبرهما، فهذا أمر شديد الأهمية في الإسلام، فإن بر الوالدين، سواء أكان الأب أم الأم، يعد من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، حتى وإن كانت تصرفاتهم غير لائقة أو مؤذية أحيانًا، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً} (الإسراء: ٢٣).
فلابد من مراعاة مشاعر والدك والإحسان إليهما مهما كانت الظروف.
٢. حب الأب واهتمامه:
والدك يحبك بشدة، وهو لا يتخذ هذه القرارات إلا بدافع الخوف عليك، وربما يكون القلق المفرط الذي يشعر به نتيجة لتجارب سابقة أو خوفه من المخاطر التي قد تتعرضين لها.
ابنتي اعلمي أن هذا الاهتمام ليس بسبب شك في قدراتك، بل هو تعبير عن حب صادق ورغبة في حمايتك.
٣. التفاهم والحوار الهادئ:
من المهم أن تحاولي التحدث مع والدك بطريقة هادئة ومتفهمة، وعبري له عن مشاعرك وتفهمك لحرصه عليك، وفي الوقت نفسه أخبريه عن أهمية وجود مساحة من المتطلبات التي تمكنك من التفاعل مع صديقاتك ومواصلة دراستك، واجعلي حديثك يتسم بالعقلانية والتفاهم، وأظهري له أنك قادرة على التصرف بحذر ومسؤولية.
٤. الخوف من الانحراف:
من النقاط التي يجب أن تقديرها هو كون والدك يخاف عليك من التأثيرات السلبية التي قد تنشأ من بيئة الكليات التي قد تكون بعيدة عن الدين والقيم الأخلاقية (في الغالب) التي تربيت عليها. فهو يخشى أن تعرضك لهذه الأجواء قد يؤثر سلبًا على هويتك الدينية ومبادئك التي نشأتِ عليها.
وهذا القلق نابع من حب والدك لك، ورغبة في حمايتك من الأجواء المشحونة أو التأثيرات التي قد تضر بمستقبلك الديني والدنيوي.
ابنتي، إن الآباء يشعرون بالقلق على أبنائهم بسبب الخوف من فقدان السيطرة عليهم، ولذلك، يمكن أن تكون خطوة جيدة أن تُظهري لوالدك أنك قادرة على التوازن بين اختياراتك الشخصية واحترامك للقيم التي تربيتِ عليها، وهذا يمكن أن يساعد في بناء ثقته فيك ويطمئنه أنك تسيرين على الطريق الصحيح.
٥. التدريج في التغيير:
التغيير ليس سهلاً، وقد يحتاج إلى وقت، فحاولي أن تكوني صبورة وتقدمي مقترحات تدريجية يمكن لوالدك قبولها.
٦. التواصل مع شخص آخر في العائلة:
أحياناً يكون لشخص آخر في العائلة تأثير أكبر في إقناع الوالد بتغيير رأيه، وقد يكون هناك فرد آخر في العائلة يمكنه مساعدتك في نقل رسالتك لوالدك بطريقة تتفهم مخاوفه وتساعده على رؤية الموقف من زاوية أخرى.
ابنتي، تذكري دائمًا أن الآباء يحبون أبناءهم حبًا شديدًا يتجاوز حبهم لأنفسهم، وهذا الحب هو الذي يدفعهم إلى اتخاذ قرارات قد تبدو قاسية في بعض الأحيان، مثل فرض قيود عليك. فوالدك لا يتصرف بهذه الطريقة إلا خوفًا عليك ورغبة في حمايتك، وهذا نابع من حرصه وحبه العميق لك.
لذلك، من المهم أن تجدي التوازن بين احترام هذا الحب الذي يُظهره والدك وبين احتياجاتك الشخصية.
ولا تفقدي الأمل في المحاولة، فبالحوار الهادئ والصبر يمكنك الوصول إلى تفاهم يجلب لك الراحة والسكينة، ويحقق التوازن المطلوب بإذن الله
أسأل الله أن يوفقك ويسهل لك أمورك، وأن يملأ قلبك الطمأنينة، وأن يمنحك القدرة على إيجاد التوازن بين احترام والدك واحتياجاتك الشخصية، ويسدد خطواتك في طريق النجاح والسعادة، وأن يحقق لك كل ما فيه خير لك في الدنيا والآخرة.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.