السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي عن الجواري وعن ملكهم
قال تعالى(( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين)) هل مُلك الجواري او الامه جائز في الاسلام
وسمعت ان ام المؤمنين مارية القبطية عليها السلام كانت من جواري الرسول
وسمعت ان اغلب الائمة كان عندهم جواري
وسمعت ان الائمة عليهم السلام انهوا ملك الجواري بالتدريج هل هذا صحيح وهل تتغير حكم الاية الكريمة جائز
وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً بكم في تطبيقكم المجيب
ولدي العزيز، العبودية كانت نظامًا اجتماعيًا موجودًا في العصور القديمة، والإسلام وضع خطوات تدريجية لتحرير العبيد، مثل تشجيع العتق، ووجوب تحرير الرقاب ككفارة للذنوب.
والإسلام هو الدين الوحيد الذي ضيق دائرة الاسترقاق وجفف ينابعه.
وهو الدين الوحيد الذي شرع وسائل شتى لإعتاق الأرقاء وتحريرهم وشرع من الوسائل في حسن معاملتهم ما يكفل لهم الحياة الإنسانية التي يشعرون فيها بالكرامة حتى يحين أوان إعتاقهم(١).
نعم - ولدي العزيز - بعض الأحكام لم تأتِ دفعة واحدة؛ لعدم تقبل المجتمع لها لكونها ظاهرة في المجتمع، ومن الصعب القضاء على الظاهرة دفعة واحدة، وهذه أحد حكمة الله في التشريع ورحمته بالناس.
فكما كان الخمر ظاهرة، ولم يحرم إلّا على نحو التدريج، فكذلك قضية الجواري والعبيد لم يقضَ عليها دفعة واحدة، إلّا من خلال تشريع بعض الأحكام والعمل بها، ثم تصبح هذه الأحكام ظاهرة، ويعمل بها، وبعدها انقرضت هذه الظاهرة.
فكان الأئمة (عليهم السلام) يشترون العبيد والجواري ويعلموهم ثم يعتقونهم، حيث كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يعمل على تحرير العبيد والجواري.
فكان يعتقهم بحجج متعددة، وبالمناسبات المختلفة، مع أنه كان مستغنياً عن خدمتهم، فمن معاملاته معهم:
١- إنه (عليه السلام) كان يعامل الموالي، لا كعبيد أو إماء، بل يعاملهم معاملة إنسانية مثالية، مما يعزز في نفوسهم الأخلاق الكريمة، ويحبب إليهم الإسلام، وأهل البيت الذين ينتمي إليهم الإمام (عليه السلام).
٢- إنه (عليه السلام) كان يعلم الرقيق أحكام الدين، ويملؤهم بالمعارف الإسلامية، بحيث يخرج الواحد من عنده محصناً بالعلوم التي يفيد منها في حياته، ويدفع بها الشبهات، ولا ينحرف عن الإسلام الصحيح.
٣- إنه (عليه السلام) كان يزود كل من يعتقه بما يغنيه، فيدخل المجتمع الجديد ليزاول الأعمال الحرة، كأي فرد من الأمة، ولا يكون عالة على أحد.
فالمقارنة بين هذه الإنجازات، وتلك السائدة، تعطينا بوضوح القناعة بأن الإمام كان بصدد إسقاط السياسة التي كانت تزاول والنظام السائد في المعاملة مع الرقيق(٢).
ومن موارد القضاء على حالة الاشمئزاز والاستهانة بهم زواج الأئمة من بعض الجواري، وأصبحن أمهات لبعض الأئمة (عليهم السلام) لما من منزلة عظيمة في نفوس الناس إلى الأئمة، فتنعكس هذه المنزلة على أمهات المعصومين، فلا يعدّ النظر إلى الأمة أو الجارية نظر الإذلال، بل نظر العز والكرامة.
إلى أن انقضت هذه الظاهرة، فأصبح في العصر الحديث، لا يجوز شراء أو بيع الجواري أو العبيد، حيث إن الإسلام جاء ليحرر الإنسان من العبودية، وقد عمل أهل البيت (عليهم السلام) على تحسين أوضاع العبيد والجواري في زمانهم، وكانوا يشجعون على تحريرهم ومعاملتهم بكرامة وإنسانية.
وأما في زماننا، فقد تم إلغاء العبودية في جميع أنحاء العالم، وهي تتعارض مع القيم الإنسانية والإسلامية التي تدعو إلى الحرية والكرامة للجميع.
والخلاصة: لا موضوعية لمسألة الجواري بيعها وشرائها، في زماننا ولا توجد مسائل مرتبطة بها.
نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لفهم تعاليم الإسلام الحقيقية والعمل بها.
___________________________________
(١) شرح رسالة الحقوق، الامام زين العابدين، السيد حسن القبانجي، ص٤٤٢.
(٢) جهاد الإمام السجاد (عليه السلام) السيد محمد رضا الجلالي، ص١٤٥، (بتصرف).