logo-img
السیاسات و الشروط
( 24 سنة ) - العراق
منذ 5 أشهر

مفهوم الشخصيه المتوازنه وفقاً للتعليم الشيعه

السلام عليكم عندي سؤال ما معنى قول الامام علي خير الامور ا وسطها لا تكون قوي تكسر ولا تكن لين تعصر من قبل الناس جعل نفسك متوازن شلون اصير انسان متوازن اقصد شخصيه متوازنه من فضلكم اريد شرح مفصل عن الشخصيه المتوازنه عند الشيعه( ملاحظه بل منا سبه انا، شيعي وريد معرف صفات الشخصيه المتوازنه اقصد الشخص المتوازن


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولدي العزيز، بارك الله فيك على سؤالكم. في بداية الأمر نقول لكم أن ما ذكرتموه من حكمة (لا تكن قويا تكسر)، هذه الحكمة لم تثبت أنها له (عليه السلام) ولم ترد في مصادر الشيعة أو السنة التي وصلت إلينا. ولدي العزيز، روي عن الإمام الجواد (عليه السلام): «المُؤْمِنُ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْفِيْقٍ مِنَ اللهِ، وَوَاعِظٍ مِنْ نَفْسِهِ، وَقَبُوْلٍ مِمَّنْ يَنْصَحُهُ». يؤكِّد (سلام الله عليه) في حديثه أنَّ المؤمن على منزلته في العقيدة فإنَّه مع ذلك بحاجة إلى مقوِّمات لشخصيته، لتصل إلى كمالها، أو تحافظ على مقامها، فيكون ذا شخصية متزنة، وهناك أمور ثلاثة هو بحاجة إليها لتقويم شخصيته وهي: (التوفيق، والموعظة، والتواضع)؛ ليكون مصدر عطاء للآخرين، وقد ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في بيان تلك الشخصية الإيمانية قوله: «الْمُؤْمِنُ مَنْفَعَةٌ، إِنْ مَاشَيْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَارَكْتَهُ نَفَعَكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ مَنْفَعَةٌ». ونحاول أنْ نذكر تلك المفردات الثلاث من خلال وجودها في علاقات ثلاث هي كالآتي: أولاً: علاقة المؤمن بخالقه. ثانيًا: علاقة المؤمن بنفسه. ثالثًا: علاقة المؤمن بالمجتمع. إنَّ العلاقة الأولى هي التي عَبَّر عنها الإمام (عليه السلام) بقوله: «توفيق من الله» فالتوفيق الإلهي هو التسديد الذي يُسديه الله تعالى لعبده، الذي يتقرَّب إلى مولاه، ويتوكل عليه في أموره وحوائجه، ويتقيه في السر والعلن، فإنَّ الله يقابل ذلك بأنواع النِّعم المادية والمعنوية عليه، وعطاؤه تعالى لا ينفد، ولا يُقَدَّر بقدر معين، كما قال تعالى في سورة الطلاق: ﴿ ... المزیدوَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)﴾ فالتوفيق إذن يكون على قدر ﭐرتباط العبد بخالقه، وفي ذلك أثر بالغ في بناء شخصية الإنسان المؤمن الذي يرى خالقه أَوْلى بالتعظيم والثناء والجهاد في سبيله. أما العلاقة الثانية فهي علاقة الإنسان بنفسه وهو ما أشار إليها بقوله (عليه السلام): «وواعظ من نفسه»، وهي العلاقة القائمة على أساس مجاهدته لنفسه ومحاسبتها، وهذا الجهاد هو أعظم سبل الارتقاء بها نحو الكمال، فكلما جاهد الإنسان نفسه الأمارة بالسوء فإنها تتخلى عن رذائل الأخلاق المذمومة التي لها عواقب وخيمة على شخصية الإنسان في الانحراف والانجرار تجاه المعصية الفردية والنوعية التي يقوم بها، وفي جهاده لنفسه الذي يعد الجهاد الأكبر - كما أشارت إليه الروايات الشريفة - تتحلى نفسه بفضائل الأخلاق ومكارمها، فتتصف النفس بصفات إيجابية كالصدق والإحسان والبر والإنفاق وغيرها، بعد أنْ تتخلى عن صفاتها السلبية كالكذب والإساءة والسوء والبخل وغيرها من صفات، ولا يخفى أثر كُلِّ صفة من الصفات الإيجابية في بناء الشخصية الإنسانية والإسلامية وتنميتها، وما تصبو إليه من كمال وتربية، فالمؤمن إنْ جاهد نفسه وحاسبها كمحاسبة الشريك لشريكه فقد فاز ونجا، وهذا ما يجب علينا أنْ نقوم به، فقد ورد في وصية الإمام الكاظم (عليه السلام) لهشام بن الحكم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ في كُلِّ يَوْمٍ، فَإنْ عَمِلَ حَسَنًا ٱسْتَزَادَ مِنْهُ، وَإِنْ عَمِلَ سَيِّئًا ٱسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهُ وَتَابَ إِلَيْهِ». والعلاقة الثالثة هي علاقة الإنسان بالمجتمع، والتي أشار إليها بقوله (عليه السلام): «وقبول ممن ينصحه»، وهذه العلاقة مهمة جدًّا في بناء المجتمع الإسلامي والإنساني، وإنها في الحقيقة قائمة على تواضع الإنسان للآخرين، من دون الاغترار بنفسه، ويرى نفسه أفضل من غيره، ولا يقبل منهم نصيحة أو موعظة، بل يتكبر عليهم لما في نفسه من غرور وعجب، وفي هذا آثار سلبية كبيرة واضحة على الشخصية، وأما الإنسان الذي يتواضع للآخرين فهو يبحث عن كماله في الآخرين، ويبحث عن كمال الآخرين في نفسه، وقد وردت روايات متعددة تحث على ذلك في الموروث الإسلامي من جانب، ومن جانب آخر إنَّ في الحديث إشارة إلى أهمية تقديم النصيحة للآخرين عند الحاجة إليها، من دون تفكير الإنسان بنفسه فقط، وفي كُلِّ ذلك دور كبير في بناء الشخصية. ودمتم في رعاية الله وحفظه.