شخصية مؤسس التقويم الهجري
من الذي اخترع التقويم الهجري هل هو علي ابن ابي طالب ام قاتل الزهراء اللعين ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب ولدي العزيز، نودّ أن نشير إلى الواضع الحقيقي للتاريخ الهجري، ثم نذكر ابتداءه في أي شهر، ذكر السيد جعفر العاملي في كتابه (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج٤، ص١٨٦): إنّ الذي نستند إليه في اعتقادنا: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) هو أوّل من أرّخ بالهجرة، ويدل على ذلك الأمور التالية: ١- ما روي عن الزهري: من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة مهاجراً أمر بالتأريخ، فكتب في ربيع الأول. (فتح الباري ج٧، ص٢٠٨، إرشاد الساري ج٦، ص٢٣٣، التنبيه والإشراف، ص٢٥٢). وفي رواية أخرى عن الزهري قال: التاريخ من يوم قدم النبي (صلى الله عليه وآله) مهاجراً. وقال القلقشندي: «وعلى هذا يكون ابتداء التاريخ عام الهجرة». ٢- ما رواه الحاكم وصححه، عن عبد الله بن عباس، أنّه قال: كان التاريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، وفيها ولد عبد الله بن الزبير. (مستدرك الحاكم، ج٣، ص١٣-١٤). ٣- قال السخاوي: وأمّا أوّل من أرّخ التاريخ، فاختلف فيه، فروى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أنس، قال: كان التاريخ من مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة، وكذا قال الأصمعي: إنّما أرّخوا من ربيع الأوّل شهر الهجرة. (الإعلان بالتوبيخ لمن يذم التاريخ، ص٧٨). وذلك يدل على أن واضع التاريخ ليس هو عمر، وإنّما عمر أرخ من المحرم. (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج٤، ص١٨٩). ثم يذكر السيد العاملي باقي الأدلة على هذه الدعوى بأن واضع التاريخ الهجري هو النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنّه كان في أول شهر ربيع الأول، أي في اليوم الذي هاجر به النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة. وأمّا بالنسبة لدعوى جعل التاريخ الهجري من قبل عمر، فقد أشار جملة من المؤرخين إلى هذه المسألة. فقد روى ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) وكذا غيره: وفي ربيع الأول من هذه السنة ـ أعني سنة ست عشرة أو سبع عشرة أو ثمان عشرة ـ كتب عمر بن الخطاب التاريخ وهو أوّل من كتبه. قلت: قد ذكرنا سببه في سيرة عمر، وذلك أنّه رفع إلى عمر صك مكتوب لرجل على آخر بدين، يحلّ عليه في شعبان: أمن هذه السنة، أم التي قبلها، أم التي بعدها؟ ثم جمع الناس ـ أي أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) ـ فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون به حلول ديونهم، فيقال: إنهم أراد بعضهم (الهرمزان) أن يؤرخوا كما تؤرّخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرّخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك. ومنهم من قال (وهم بعض مسلمي اليهود): أرّخوا بتاريخ الروم من زمان إسكندر، فكرهوا ذلك لطوله أيضاً. وقال قائلون: أرّخوا من مولد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقال آخرون: من مبعثه. وأشار علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرون: أن يؤرّخ من هجرته إلى المدينة لظهوره لكل أحد، فإنّه أظهر من المولد، والمبعث، فاستحسن عمر ذلك والصحابة، فأمر عمر أن يؤرّخ من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله). وروي عن سعيد بن المسيب أنّه قال: جمع عمر الناس فسألهم: من أي يوم يكتب التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): من يوم هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وترك أرض الشرك، ففعله عمر. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرّجاه. وقال اليعقوبي في حوادث سنة ١٦هـ: وفيها أرّخ الكتب، وأراد أن يكتب التاريخ منذ مولد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: من المبعث، فأشار عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن يكتبه من الهجرة. وتوجد هناك نصوص أخرى تشير إلى أنّ عمر هو أول من وضع التاريخ الهجري الإسلامي (تطلب المصادر من المصدر السابق: (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج٤، ص١٧٦ـ١٧٨). قال العلاّمة مرتضى العاملي بعد سرده للنصوص المتقدمة أعلاه: "ولكننا بدورنا نشك كثيراً في صحة هذا القول، ونعتقد أنّ التاريخ الهجري قد وضع من زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد أرّخ به النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، وما حدث في زمن عمر هو فقط: جعل مبدأ السنة شهر محرم بدلاً من ربيع الأوّل كما أشار إليه الصاحب بن عباد». ثم أضاف: «وقد اختلفوا في ذلك أيضاً، فقال بعضهم: إنهم جعلوا مبدأ السنة الهجرية محرّم السنة الأوّلى، وهو ما ذهب إليه الجمهور، وبعضهم إلى أنّهم جعلوا محرّم السنة الثانية مبدأ للسنة الهجرية، وألغوا ما قبله، وهو ما حكاه البيهقي، وبه قال يعقوب بن سفيان الفسوي»، فراجع. وأمّا من الذي أشار بمحرم بدلاً من ربيع الأوّل، فقد اختلفت الروايات في ذلك أيضاً. فيقال: إن ذلك كان بإشارة عثمان بن عفان، وقيل: بل ذلك هو رأي عمر نفسه، وبعضهم قال: إنّ عبد الرحمن بن عوف قد أشار بشهر رجب، فأشار علي (عليه السلام) في مقابل ذلك بشهر محرّم فقبل منه. ويقول آخرون: أنّ عمر ابتدأ من المحرم بعد إشارة علي (عليه السلام) وعثمان بذلك. وفريق آخر يقول: فاستفدنا من مجموع هذه الآثار: إنّ الذي أشار بالمحرّم عمر، وعثمان، وعلي (عليه السلام). قال السيد مرتضى العاملي: ويفهم من كلام العسكري ـ صاحب الأوائل ـ أنّ عمر هو الذي ارتأى جعل محرّم أوّل السنة، لتكون الأشهر الحرم في سنة واحدة. انتهى كلامه. ثم ذكر السيد العاملي نقاشات أخرى في هذا المجال يمكن مراجعتها في المصدر المشار إليه من موسوعة الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله). [مركز الأبحاث العقائدية، بتصرف]. ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.