وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، يكره تمني الموت، ولو كان في شدة وبلية، (تعليقه على العروة الوثقى، السيد علي السيستاني، ج١، ص٢٨٥).
ولقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، وليقل: "اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي» (بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٧٩، ص١٧٧).
وأمّا من يتمنى الموت بسبب الضغوط والابتلاءات، فإنه يحتاج إلى تلقين النفس بحكمة الله تعالى، واليقين به، والاستعانة بالصبر، قبل أن يتخذ أي خطوة توجب ندامته، في ظرف لا يمكن تصحيح ما عمل.
فمثلاً، من ينتحر لا نعلم ما يمر به من حالة نفسية صعبة، وكيفية خروج الروح، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «من قتل نفسه متعمداً فهو في نار جهنم خالداً فيها، قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)﴾ (النساء: ٢٩-٣٠).
(وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج٢٩، ص٢٤).
ثم يتمنى الرجوع، فيطلب من الله تعالى الرجوع إلى الدنية، ويتحسر على ما فرط وما ترك من أمل بالله تعالى، يقول سبحانه: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (١٠٠)﴾ (المؤمنون).
ابنتي الكريمة، فأول خطوة للإنسان المؤمن التي يجب أن يتخذها، أن يغلق على الشيطان باب الوسوسة، ويجعل أمله بالله تعالى كبيراً، فإنّ الحياة دار الامتحان الإلهي.
فالدعاء على النفس بالموت، بسبب الضغوط أو بعض الابتلاءات، بالحقيقة استسلام ورسوب في دار الامتحان الإلهية.
ابنتي، فبدل الدعاء على النفس والإلحاح على الله تعالى بالموت، الدعاء لله تعالى في تفريج الهموم وقضاء الحاجة، فإذا كنت تأملين أن الله تعالى يقضي حاجتك، ويستجيب دعاءك في موتك، فعليك أن تتيقني وتطمئني بأنّ الله تعالى يستجيب دعاءك وقضاء حاجتك وتسهيل الأمور.
فعلى ما أظن هنالك اشتباهاً عندك، فإنّ الله تعالى لا يستجيب الدعاء بالسوء، وتذكري دائماً قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْر﴾ (الشرح: ٦)، فإن أجمل الفرج يأتي بعد أشد الضيق.
فرج الله همكم وغمكم فرجاً عاجلاً غير آجل بالنبي وآله (صلوات اللّٰه وسلامه عليهم أجمعين).
ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.