السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحباً بكم في تطبيقكم المجيب
جاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، ج١٦، ص(١٩-٢٠):
قوله تعالى: ﴿قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين﴾.
قيل: الباء في قوله: ﴿بما أنعمت﴾ للسببية والمعنى: رب بسبب ما أنعمت عليَّ لك على أن لا أكون معيناً للمجرمين فيكون عهداً منه لله تعالى. وقيل: الباء للقسم والجواب محذوف والمعنى: أقسم بما أنعمت عليَّ لأتوبن أو لأمتنعن فلن أكون ظهيراً للمجرمين.
وقيل: القسم استعطافي، وهو القسم الواقع في الانشاء كقولك: بالله زرني، والمعنى أقسمك أن تعطف عليَّ وتعصمني فلن أكون ظهيراً للمجرمين.
والوجه الأول هو الأوجه؛ لأن المراد بقوله: ﴿بما أنعمت عليَّ﴾ - على ما ذكروه - أما إنعامه تعالى عليه إذ حفظه وخلصه من قتل فرعون ورده إلى أمه، وأما إنعامه عليه إذ قبل توبته من قتل القبطي وغفر له بناء على أنه علم مغفرته تعالى بالهام أو رؤيا أو نحوهما، وكيف كان فهو اقسام بغيره تعالى، والمعنى أقسم بحفظك إياي أو أقسم بمغفرتك لي، ولم يعهد في كلامه تعالى حكاية قسم من غيره بغيره بهذا النحو.
وقوله: ﴿فلن أكون ظهيراً للمجرمين﴾ قيل: المراد بالمجرم من أوقع غيره في الجرم أو من أدت إعانته إلى جرم كالإسرائيلي الذي خاصمه القبطي فأوقعت إعانته موسى في جرم القتل فيكون في لفظ المجرمين مجاز في النسبة من حيث تسمية السبب الموقع في الجرم مجرماً.
وقيل: المراد بالمجرمين فرعون وقومه، والمعنى: أقسم بإنعامك عليَّ لأتوبن فلن أكون معيناً لفرعون وقومه بصحبتهم وملازمتهم وتكثير سوادهم كما كنت أفعله إلى هذا اليوم.
ورد هذا الوجه الثاني بأنه لا يناسب المقام.
والحق أن قوله: ﴿رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين﴾ عهد من موسى (عليه السلام) أن لا يعين مجرماً على اجرامه شكراً لله تعالى على ما أنعم عليه، والمراد بالنعمة وقد أطلقت إطلاقاً الولاية الإلهية على ما يشهد به قوله تعالى: ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين﴾ (النساء: ٦٩).
ودمتم في رعاية الله وحفظه.