علي عدي ( 18 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

القرآن الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماتفسير قوله تعالى ((وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل))


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته سبب النزول إن الآية المباركة ناظرة إلى حادثة من حوادث معركة " أحد " وهي الصيحة التي ارتفعت فجأة في ذروة القتال بين المسلمين والوثنيين أن محمدا قد قتل. ولقد قارنت هذه الصيحة نفس اللحظة التي رمى فيها " عمرو بن قمئة الحارثي " النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجر فكسر به رباعيته وشجه في وجهه، فسأل الدم، وغطى وجهه الشريف فقد كان العدو يريد في هذه اللحظة أن يقضي على رسول الله، ولكن " مصعب بن عمير " وهو من حملة الرايات في الجيش الإسلامي ذب عنه حتى قتل دون النبي، فتوهم العدو أن النبي قد قتل، ولهذا صاح: إلا أن محمدا قد قتل، ليخبر الناس بذلك الأمر. وقد كان لانتشار هذا الخبر أثره الإيجابي في معنويات الوثنيين بقدر ما ترك من الأثر السئ في نفوس المسلمين حيث تزعزعت روحيتهم وزلزلوا زلزالا شديدا، فاضطرب جمع كبير منهم كانوا يشكلون أغلبية الجيش الإسلامي، وأسرعوا في الخروج من ميدان القتال، بل وفكر بعضهم أن يرتد عن الإسلام بمقتل النبي ويطلب الأمان من أقطاب المشركين، بينما كان هناك أقلية من المسلمين مثل الإمام علي (عليه السلام) وأبو دجانة وطلحة وآخرون، يصرون على الثبات والمقاومة ويدعون الناس إليه. فقد جاء أنس بن النضر إلى ذلك الفريق الذي كان يفكر في الفرار وقال لهم: " يا قوم إن كان قد قتل محمد فرب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وموتوا على ما مات عليه " ثم شد بسيفه وحمل على الكفار وقاتل حتى قتل، ثم لم يمض وقت طويل حتى تبين أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على قيد الحياة، وتبين على أثره خطأ ذلك الخبر أو كذبه، فنزلت توبخ الذين لاذوا بالفرار بشدة. تعلم الآية المباركة حقيقة أخرى للمسلمين استلهاما من أحداث معركة " أحد " إذ تقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم وهذه الحقيقة هي أن الإسلام ليس دين عبادة الشخصية حتى إذا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونال الشهادة في هذه المعركة - افتراضا - ينتهي كل شئ ويسقط واجب الجهاد والنضال عن كاهل المسلمين، بل إن هذا الواجب مستمر، وعليهم أن يواصلوه لأن الإسلام لا ينتهي بموت النبي أو استشهاده، وهو الدين الحق الذي أنزل ليبقى خالدا إلى الأبد. إن عبادة الشخصية وتقديس الفرد من أخطر ما يصيب أية حركة جهادية ويهددها بالسقوط والانتهاء، فإن ارتباط الحركة أو الدين بشخص معين حتى لو كان ذلك هو النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) معناه توقف كل الفعاليات وكل تقدم بفقدانه وغيابه عن الساحة، وهذا النوع من الارتباط هو أحد علائم النقص في الرشد الاجتماعي. إن تركيز النبي وإصراره على مكافحة تقديس الفرد وعبادة الشخصية آية أخرى من آيات صدقه، ودليلا آخر يدل على حقانيته، لأن قيامه ودعوته لو كان لنفسه وبهدف تحقيق مصالحه الشخصية للزم أن يعمق في الأذهان والقلوب هذه الفكرة، ويزيد من توجيه الأنظار إلى نفسه وأن جميع الأشياء في هذا الدين مرتبطة بشخصه بحيث إذا غاب عنهم ذهب وانتهى كل شئ، ولكن القادة الصادقين كالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يفعلون مثل هذا أبدا، ولا يشجعون على مثل هذه الأفكار، بل يكافحونها بقوة، ويقولون: إن أهدافنا أعلى من أشخاصنا وهي لا تنتهي بموتنا وبغيابنا، ولهذا يقول القرآن الكريم: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟ وهو بذلك يستنكر ما دار في خلد البعض أو قد يدور من أن كل شئ في هذا الدين ينتهي بغياب النبي - القائد - (صلى الله عليه وآله وسلم).

1