السلام عليكم
عندي امنيه شبه مستحيلة ولكن لا مستحيل عند الله سبحانه وتعالى التزمت بالصلاة على محمد وآل محمد بالصيغة الابراهيميه والدعاء وعدة أعمال وحلمت ان هناك شخص يقول ستتحقق بعد ٥ سنوات ولكن قمت بالاستخارة بنيه هل سأنال مرادي بهذه الأعمال والصلاة وكانت الاستخارة سلبيه فتوقفت عن الدعاء بتلك الامنيه وتحولت نية الأعمال التي تقوم بها للقرب من الله وطلبا لرضاه وغفران الذنوب.. س/ هل الاستخاره بتلك النيه صحيحة؟ وهل تصرفي صح بتركي الدعاء بتلك الأمنية؟ وهل هناك أعمال اقوم بها لاحصل على تلك الأمنية
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
ابنتي الكريمة، إن الشريعة الإسلامية تحثنا على الدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى في كل أمور الدنيا والآخرة.
والله تعالى هو القادر على كل شيء، ولا شيء مستحيل أمام قدرته، وكثيرًا ما نواجه في حياتنا أمنيات أو رغبات نراها بعيدة المنال أو شبه مستحيلة، ولكن الإيمان بالله (عزَّ وجلَّ) يجب أن يكون دافعًا لنا للاستمرار في الدعاء والإلحاح في الطلب منه، فهو الذي يفتح الأبواب المغلقة ويحقق الآمال، بشرط أن تكون هذه الأمنية مقبولة عند الله ولا تتعارض مع الشريعة المقدسة.
وفيما يتعلق بالاستخارة والدعاء، من المهم أن نفهم الفرق بينهما وفقًا لمنهج أهل البيت (عليهم السلام).
فالاستخارة هي طلب الهداية من الله في أمور الحيرة والتردد، وليست وسيلة لمعرفة المستقبل أو تحقيق أمنياتنا أو علم الغيب.
لذا، سأوضح لكِ كيف يمكن التعامل مع الدعاء والأمنيات، وما هو الموقف الصحيح من الاستخارة حتى نستمر في الإقبال على الله بثقة ويقين.
أولاً: الاستخارة بهذه النية:
الاستخارة ليست وسيلة للكشف عن الغيب، وما يروّج له البعض من قدرة على معرفة المستقبل أو التنبؤ به غير صحيح.
فالله وحده هو العالم بالغيب، كما قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾ (الجن: ٢٦). فلا يجوز تصديق من يدعي معرفة الغيب، لأن هذا يعكس ضعفًا في الوعي والدين وتعلقًا بأوهام لا أساس لها.
إذن، الاستخارة بهذه النية غير صحيحة ولا واقع لها أصلاً.
نعم، الاستخارة وفق ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) هي طلب الخير والتفاؤل بما يختاره الله لنا، وليست وسيلة لمعرفة المستقبل، فالفرق هنا أن الاستخارة تهدف لطلب الهداية في قراراتنا عند التردد في القيام بعمل ما، لا لتوقع ما سيحدث.
ثانياً: التوقف عن الدعاء بعد الاستخارة:
وهذا خطأ كبير، لأن ترك الدعاء بعد الاستخارة ليس تصرفًا صحيحًا، فالدعاء من أعظم وسائل التقرب إلى الله، ويجب ألّا يترك الإنسان الدعاء، خاصة إذا كان هذا الطلب لا يتعارض مع الشريعة، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): «عليك بالدعاء فإنّه شفاء من كل داء» (الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٧٠).
فاستمري في الدعاء مع التوكل على الله والرضا بما يقدره في الوقت المناسب.
ثالثاً: الأعمال التي يمكن القيام بها لتحقيق الأمنية:
إلى جانب الدعاء، يمكنك القيام ببعض الأعمال الصالحة التي تكون سببًا في تحقيق أمنيتك بإذن الله:
١. الدعاء المستمر:
لا تتوقفي عن الدعاء، لأن الله قد يؤخر الإجابة لحكمة.
٢. قراءة دعاء التوسل:
لطلب الشفاعة من أهل البيت (عليهم السلام).
٣. الاستغفار المستمر:
فهو يجلب الرزق ويحقق الأمنيات، فقد جاء عن الإمام علي (عليه السلام): «أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق» (تفسير نور الثقلين، ج٥، ص٤٥٢).
٤. صلاة الحاجة:
وهي من الصلوات المستحبة لقضاء الحوائج، وهي موجودة في كتاب مفاتيح الجنان.
٥. إليكم هذه المراسلة مع الإمام الحجة بن الحسن (روحي له الفداء وعجل الله فرجه الشريف) فإنها من المجربات الأكيدة لقضاء الحاجة (ولا تنسونا من الدعاء):
جاء فی کتاب «الصحیفة المهدیّة»: تكتب ما سنذكره في رقعة وتطرحها على قبر من قُبور الأئمّة (عليهم السلام)، أو فشدّها واختمها واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه، واطرحها في نهر أو بئر عميقة، أو غدير ماء، فإنّها تصل إلى صاحب الأمر (صلوات اللَّه عليه)، وهو يتولّى قضاء حاجتك بنفسه، تكتب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ: كَتَبْتُ يا مَوْلايَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكَ مُسْتَغيثاً، وَشَكَوْتُ ما نَزَلَ بي مُسْتَجيراً بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بِكَ مِنْ أَمْرٍ قَدْ دَهَمَني، وَأَشْغَلَ قَلْبي، وَأَطالَ فِكْري، وَسَلَبَني بَعْضَ لُبّي، وَغَيَّرَ خَطيرَ نِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدي، أَسْلَمَني عِنْدَ تَخَيُّلِ وُرُودِهِ الْخَليلُ، وَتَبَرَّأَ مِنّي عِنْدَ تَرائي إِقْبالِهِ إِلَيَّ الْحَميمُ، وَعَجَزَتْ عَنْ دِفاعِهِ حيلَتي، وَخانَني في تَحَمُّلِهِ صَبْري وَقُوَّتي.
فَلَجَأْتُ فيهِ إِلَيْكَ، وَتَوَكَّلْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ للَّهِِ جَلَّ ثَناؤُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْكَ في دِفاعِهِ عَنّي، عِلْماً بِمَكانِكَ مِنَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَلِيِّ التَّدْبيرِ وَمالِكِ الْاُمُورِ، وَاثِقاً بِكَ فِي الْمُسارَعَةِ فِي الشَّفاعَةِ إِلَيْهِ جَلَّ ثَناؤُهُ في أَمْري، مُتَيَقِّناً لِإِجابَتِهِ تَبارَكَ وَتَعالى إِيَّاكَ بِإِعْطائي سُؤْلي، وَأَنْتَ يا مَوْلايَ جَديرٌ بِتَحْقيقِ ظَنّي، وَتَصْديقِ أَمَلي فيكَ، في أَمْرِ ( كَذا وَكَذا وتذكر حاجتك)، ثم تكمل كتابة الرسالة بالتالي:
فيما لا طاقَةَ لي بِحَمْلِهِ، وَلا صَبْرَ لي عَلَيْهِ، وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَحِقّاً لَهُ وَلِأَضْعافِهِ بِقَبيحِ أَفْعالي، وَتَفْريطي فِي الْواجِباتِ الَّتي للَّهِِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَغِثْني يا مَوْلايَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْكَ عِنْدَ اللَّهْفِ، وَقَدِّمِ الْمَسْأَلَةَ للَّهِِ عَزَّوَجَلَّ في أَمْري، قَبْلَ حُلُولِ التَّلَفِ، وَشَماتَةِ الْأَعْداءِ، فَبِكَ بُسِطَتِ النِّعْمَةُ عَلَيَّ.
وَأسْأَلِ اللَّهَ جَلَّ جَلالُهُ لي نَصْراً عَزيزاً، وَفَتْحاً قَريباً، فيهِ بُلُوغُ الْآمالِ، وَخَيْرُ الْمَبادي، وَخَواتيمُ الْأَعْمالِ، وَالْأَمْنُ مِنَ الْمَخاوِفِ كُلِّها في كُلِّ حالٍ، إِنَّهُ جَلَّ ثَناؤُهُ لِما يَشاءُ فَعَّالٌ، وَهُوَ حَسْبي وَنِعْمَ الْوَكيلُ فِي الْمَبْدَءِ وَالْمَآلِ.
أخيرًا، أؤكد لكِ - ابنتي - أن الدعاء والعمل الصالح هما أفضل وسائل الوصول إلى مبتغاكِ، والله سبحانه وتعالى يعلم ما هو خير لنا، وربما يؤخر إجابة الدعاء لحكمة، فالاستمرار في الدعاء والطلب من الله بتواضع ويقين هو السبيل الأمثل، والأعمال الصالحة التي تقربكِ من الله ستكون وسيلة لتحقيق الأماني بإذنه تعالى.
أسأل الله العلي القدير أن يبارك لك في مساعيك، وأن ييسر لك الأمور ويحقق لكِ ما تتمنينه في الدنيا والآخرة. ولا تنسينا من الدعاء في صلواتك.
ودمتم في رعاية اللّٰه وحفظه.