رأيت احد الملحدين في مواقع التواصل يقول
ما الفائدة من الآيات المتقطعة في القران وتحديدا قوله تعالى
«المص» و«كهيعص»
ملاحظة/ما الفائدة هذه الآيات في البشرية وليس التفسير
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في مقدمة الجواب لا بد أن نفهم: أنّ العصر الجاهلي كان عصراً ذهبيا للأدب العربي؛ فالوثائق المتوفرة بأيدينا تشير إلی أنّ العرب الحفاة الجفاة الجاهليين، كانوا يتمتعون بذوق أدبي رفيع، وما وصلنا من شعر ونثر من تلك الفترة، يشير إلی قدرة أولئك علی التعبير الجميل الدقيق، ويحتل ذروة الفصاحة في الأدب العربي.
و كان للأدب سوق رائجة تدلّ علی اهتمام العرب بلغتهم وآدابهم، و(سوق عكاظ) وأمثالها من الأسواق الأدبية تعكس هذا الاهتمام بوضوح.
و السوق المذكور كان يشهد- إضافة إلی المعاملات الاقتصادية و القضايا الاجتماعية- حركة أدبية تعرض خلالها أفضل مقطوعات الشعر والنثر، ويتم فيها انتخاب أفضل ما قيل من النظم خلال العام، و (المعلقات السبع) أو (العشر) نموذج لذلك، وكانت القصيدة الفائزة تعدّ فخراً كبيراً للشاعر ولقبيلته.
في مثل هذا العصر من الانتعاش الأدبي، يتحدی القرآن النّاس أن يأتوا بمثله، و لكنهم عجزوا). (١)
الشاهد الناطق علی هذا المنحی- و التحدي- هو تفسير الحروف المقطعة،
حديث عن الإمام علي بن الحسين عليه السّلام حيث يقول: «كذّب قريش واليهود بالقرآن وقالوا هذا سحر مبين، تقوّله، فقال اللّه: الم، ذلِكَ الْكِتابُ ... المزید: أيّ يا محمّد، هذا الكتاب الّذي أنزلته إليك هو الحروف المقطّعة الّتي منها الف ولام وميم، و هو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ...» [تفسير البرهان، ج ١، ص ٥٤]
وعن الإمام علي بن موسی الرضا عليه السّلام في قوله: «ثمّ قال إنّ اللّه تبارك و تعالی انزل هذا القرآن بهذه الحروف الّتي يتداولها جميع العرب، ثمّ قال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ... [توحيد الصدوق، ص ١٦٢]
فتلخص أنّ الفائدة من هذه الحروف بيان إعجاز القرآن الكريم و تحديه للبشر، وأنّ المادة- هذه الحروف- موجودة بين أيديكم مع ذلك عجزتم عن الإتيان بمثله، فإذن هذه الحروف هي دلالة إعجازية وإذا كان كذلك فهي تفيد المؤمنين يقيناً راسخاً عندهم وهو كفيل بجعلهم على الخط المستقيم الذي به الهدية و الصلاح في الدنيا والآخرة.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
———————————-
(١) تفسير الأمثل، للعلامة الطباطبائي.