علي خاتمي ( 25 سنة ) - افغانستان
منذ 3 سنوات

تاریخ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ هل بقيت هندة زوجة يزيد عنده بعد علمها علي قضية الكربلا وظلم يزيد لعنه الله؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ذكره الطبري في تاريخه: (لما أقبل وفد أهل الكوفة برأس الحسين دخلوا مسجد دمشق وقال لهم مروان بن الحكم كيف صنعتم قالوا ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فأتينا والله على آخرهم وهذه الرؤوس والسبايا فوثب مروان فانصرف وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم فقال ما صنعتم فأعادوا عليه الكلام فقال حجبتم عن محمد يوم القيامة لن أجامعكم على أمر أبدا ثم قام وانصرف ودخلوا على يزيد فوضعوا الرأس بين يديه وحدثوه الحديث قال فسمعت الحديث هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز وكانت تحت يزيد بن معاوية فتقنعت بثوبها وخرجت وقالت يا أمير المؤمنين أرأس الحسين بن فاطمة بنت رسول الله؟ قال: نعم فأعولي عليه وحدي على ابن بنت رسول الله وصريحة قريش عجل عليه ابن زياد فقتله قتله الله قال ثم أذن للناس فدخلوا عليه والرأس بين يديه ومع يزيد قضيب وهو ينكث به في ثغره ثم قال إن هذا وأنا كما قال الحصين بن الحمام المري: يفلقن هاما من رجال أحبة *** إلينا وهم كانوا أعق وأظلما .. إلى آخر الخبر. وفي هذا الخبر إشارة إلى احتجاجها على قتل الحسين (ع) وتبرير يزيد لها بأن الذي قتله هو عبيد الله بن زياد وأنه قد تعجل عليه، وإن لم ينسَ الشماتة ونكت ثناياه بقضيب. لكن في النص المذكور أنها تقنعت بثوبها وخرجت. - والثاني ما نقله العلامة المجلسي في البحارفقال: (قال صاحب المناقب: وذكر أبو مخنف وغيره أن يزيد لعنه الله أمر بأن يصلب الرأس على باب داره، وأمر بأهل بيت الحسين (ع) أن يدخلوا داره فلما دخلت النسوة دار يزيد، لم يبق من آل معاوية ولا أبي سفيان أحد إلا استقبلهن بالبكاء والصراخ والنياحة على الحسين (ع) وألقين ما عليهن من الثياب والحلي وأقمن المأتم عليه ثلاثة أيام، وخرجت هند بنت عبدالله بن عامر بن كريز امرأة يزيد وكانت قبل ذلك تحت الحسين (ع) حتى شقت الستر وهي حاسرة فوثبت إلى يزيد وهو في مجلس عام، فقالت: يا يزيد أرأس ابن فاطمة بنت رسول الله مصلوب على فناء بابي؟ فوثب إليها يزيد فغطاها، وقال: نعم فأعولي عليه يا هند وأبكي على ابن بنت رسول الله وصريخة قريش عجل عليه ابن زياد لعنه الله فقتله، قتله الله) .. إلى آخر الخبر. ونلاحظ زيادة في النص : - أن نساء الأمويين قد شاركن في الحزن والبكاء وفي إقامة المأتم. - أن هنداً كانت زوجة الحسين (ع) قبل ذلك فطلقها. - وأنها شقت الستر وهي حاسرة ووثبت إلى يزيد وهو في مجلس عام. وأنه غطاها. والثاني: ما جاء في كتاب (نفس المهموم)للمحدث القمي (ره) نقلا عن كامل الشيخ البهائي (ت 1031هـ)، ونصه: (فلما دخلت النسوة استقبلتهن نساء آل أبي سفيان وقبلن أيدي بنات رسول الله وأرجلهن ونحن وبكين وأقمن المآتم ثلاثة أيام، وحسرت هند زوجة يزيد رأسها وشقت الثياب وهتكت الستر وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس خاص وقالت: يا يزيد أنت أمرت برأس الحسين أن يشال على الرمح عند باب الدار وكان يزيد في ذلك الوقت جالساً وعلى رأسه تاج مكلل بالدر والياقوت والجواهر النفيسة فلما رأى زوجته على تلك الحالة وثب إليها فغطاها، وقال: يا هند فأعولي وابكي على ابن بنت رسول الله). ثم نقل المحدث القمي عن جلاء العيون للسيد عبد الله الشبر (ره): رواية أخرى فيها: إن هند بنت عبد الله بن عامر كانت تحت الحسين (ع) فطلقها وتزوجت يزيد.. إلى آخر ما نقله من دخولها عليه في مجلس عام. فقام وغطاها.. وفي الخبر الأول: أضيف فيه صور من التعاطف من قبل نساء الأمويين مع نساء أهل البيت إلى حد أنهن (قبلن أيديهن وأرجلهن)، وفي الخبر الثاني تأكيد أن هنداً كانت زوجة الحسين (ع) وأنه طلقها وتزوجت يزيد. وباقي الأخبار تدور حول المحاور المذكورة بزيادة أو نقيصة، والذي يظهر لي -والله العالم-: 1- أن ما يذكره البعض من كونها خادمة في بيت أمير المؤمنين (ع) لا دليل عليه، بل ربما كان الاعتبار يساعد على خلافه، فإن الخدمة عند نساء العرب كانت أشبه بالعار، ولاسيما في العوائل المهمة اجتماعيا. ومن المعلوم أن عائلة هند كانت من العوائل الكبيرة في قريش. ويضاف إلى ذلك أن والد هند، عبد الله بن عامر بن كريز، كان مبايناً لخط أهل البيت (ع) وكان محسوبا على الخط المخالف له، فلم يؤثر عنه غير مواقف المخالفة لأمير المؤمنين (ع) فقد حمل ما في بيت المال في البصرة التي ولاه عليها الخليفة عثمان، وجاء بذلك المال بعد مقتله إلى مكة حيث وافى فيها الزبير وطلحة وأم المؤمنين عائشة وهم يريدون الشام فثنى رأيهم لكي يذهبوا للبصرة وكان من ذلك حرب الجمل، ومع نهايتها انسل إلى الشام ولازم معاوية. كما أنه كان على طليعة الجيش الذي بعثه معاوية لقتال الإمام الحسن (ع) فأخذ عين التمر، ونزل الأنبار يريد المدائن، ثم ولاه معاوية البصرة بعدما سيطر على الأمور، كما كان محل افتخار ومباهاة كما قال حين وفاته قبل معاوية بسنة. وبالتالي فلا الظرف الاجتماعي يساعد على كون هند خادمة في بيت أمير المؤمنين (ع) الذي كانت فيه فضة خادمة وبقيت إلى ما بعد شهادة أمير المؤمنين ولا الموقف العام والديني لعائلتها كان يساعد على ذلك. هذا على أنه لم ينقل ذلك في مصدر معتبر. 2- كذلك الحال في أنها كانت زوجة للحسين (ع) فهو أيضا مما لا يقبل، فالمنقول في تاريخ الطبري أنها كانت تحت يزيد، ولم يذكر أنها كانت زوجة الحسين. والظاهر أن هناك اشتباها قد حصل. ذلك أن نساء الحسين (ع) معروفات بأسمائهن، ولم تذكر بينهن هند بنت عبد الله. ثم إن التاريخ يذكر أن هند (أم كلثوم) بنت عبد الله هذه كان بصحبة يزيد عندما (أغزاه) أبوه الصائفة لتبييض صورته من أجل أن يصلح لولاية العهد، وكان ذلك في حوالي سنة 50 هجرية، وقبل ذلك كانت في ظل أبيها الذي كان مخالفا لأهل البيت كما تقدم. فقد ذكر المؤرخون أنه قد أرسله على رأس جيش لغزو الروم، فأقام بدير مران (وهو دير مرتفع مشرف على واد جميل فيه مزارع الزعفران)، فقدم الجيش أمامه للغزو وأقام مع زوجته أم كلثوم عند ذلك الدير، ولما وصله الخبر أن الجيش قد أصيب ببلاء شديد، وبحمى، وجدري، تمثل قائلا: أهون علي بما لاقت جموعهم***بالفرقدونة من حمى ومن موم إذا اتكأت على الأنماط مرتفعاً*** بدير مران عندي أم كلثوم ونحن نلفت النظر إلى قضية وقع فيها بعض المؤرخين -بقصد أو غير قصد- وهي محاولة تصوير المسألة بين الحسين (ع) وبين يزيد على أن الصراع بينهما كان قبَليا -فقط- بين بني هاشم وبني أمية، وتجريده من المبدئية. أو أن الصراع بينهما هو صراع شخصي، على زوجات كما زعموا في قضية أرينب و غيرها.. ولعل هذا المورد من تلك الموارد أيضا. فما ذكره العلامة المجلسي نقلا عن صاحب المناقب مما لا دليل عليه. 3- نحن لا نستبعد -حتى مع عدم وجود النص التاريخي- أن تحزن هذه المرأة وأن تنوح على الحسين (ع)، كيف وقد عظمت مصيبته حتى بكى عليه من لم يكن مسلما!! فإن قضية الحسين وطريقة مقتله كانت من التأثير بحيث لا يسمع بها إنسان سوي إلا وتأثر بها! فكيف ممن عرف منزلته ونسبه واتصاله برسول الله (ص) ؟ هذا إضافة إلى أن النصوص التاريخية المختلفة قد وردت بهذا المعنى كما يلاحظ المتأمل. وهذا هو مقتضى الحال، فإن النساء أكثر رقة، وأعظم عاطفة. كما لا نستبعد أيضا مشاركة نساء بني أمية في مأتم الحسين (ع) خصوصاً مع وجود أخبار تدل على ذلك. وأما أمر دخولها حاسرة أم متقنعة، فإن النص المنقول عن الطبري يقول بأنها تقنعت بثوبها وخرجت عليه. بينما النص المنقول عن كامل البهائي يقول بأنها قد خرجت عليه حاسرة فقام إليها وغطاها.. والذي أظن -والله العالم- أن النص المنقول في الطبري قد تم تخفيفه من قبل الراوي أو الكاتب بحيث عاد خاليا من حرارة المصيبة وعنف الاحتجاج، وتم تبريده إلى أدنى الدرجات، مما يضعف الاعتماد عليه في مثل هذا.. فانظر إلى قولها: يا أمير المؤمنين!! وإلى قولها -بحسب النص- أرأس الحسين بن فاطمة؟ ثم ينتهي الحوار.. وهنا يأمرها يزيد بالحداد عليه والإعوال. وإلا فإنها قد اكتفت بمقدار تأكيد إمرته للمؤمنين والسؤال: عما إذا كان هذا رأس الحسين أو رأس رجل آخر!! أعتقد والله العالم أنه تم تخفيف الخبر، وتبريده إلى أدنى الدرجات وسلبت منه الصور الساخنة والمؤثرة.. ولهذا يمكن الميل إلى ما ورد في الخبر الذي نقله العلامة المجلسي (ره) من خروجها بتلك الصورة على يزيد.

2