السلام عليكم اريد استفسر اذا شخص مريض بيه اكتئاب حاد ويتعالج كل دوه مافاد ويا لحد ماسوله نتلات كهربائيه بدماغ بلبنان وهم مافاد ومرات يصرف بدون ما يدري مو بوعيه بسبب العلاج
واجته حالة انهيار عصبي وحرك نفسه
هل يعتبر هذا انتحار وحرام
لو لا ع المريض حرج
ارجو الجواب
مقلدين السيد السيستاني
السلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته
أهلاً وسهلاً بكم في تطبيق المجيب
١- يحاسب الله تعالى المريض بحسب استعداده وإدراكه وقدرته، ومن ابتلاه الله تعالى في الدنيا وصبر واحتسب سيجزيه الله تعالى في الآخرة الأجر والثواب على صبره، لكن لا يعني هذا عدم حسابه على ذنوبه- لو أذنب- ولا يعني هذا عدم لزوم العمل بما فرضه عليه اتكالاً على ما أصابه، بل حتى يكون الصبر صبراً جميلاً عليه أن يصبر ويؤدي ما وجب ويترك ما حرُم، قال الله تعالى: {وَ الَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد: ٢٢).
منَ المعلومِ أنَّ مصيرَ الإنسانِ يومَ القيامةِ مُردّدٌ بينَ دخولِ الجنّةِ أو النار، ولا يكونُ ذلكَ ترجيحاً بلا مُرجّح، فالمؤمنُ يكونُ إيمانُه وأَعمَالُه الصَّالِحة سبباً لدخولِ الجنّة، والكافرُ يكونُ كُفرُه سبباً لدخولِ النار، والحالُ نفسُه بالنسبةِ لمَن ماتَ مريضاً أو مجنوناً فهوَ لا يدخلُ الجنّةَ أو النارَ مِن دونِ أن يكونَ هناكَ مُرجّحٌ لأحدِهما، وهذا ما أشارَت إليهِ رواياتُ أهلِ البيت (عليهم السلام) وهوَ أنَّ اللهَ سيمتحنُ مَن سقطَ عنه التكليفُ في الدّنيا كالطفلِ والمجنونِ والأبلهِ بعدَ موتِهم، فمَن نجحَ مِنهم دخلَ الجنّةَ ومَن لم ينجَح دخلَ النار.
ويدلُّ على ذلكَ جملةٌ منَ الأخبار، مِنها:
ما رواهُ الصدوقُ في الخصالِ عن زرارةَ عن أبي جعفرٍ (عليهِ السّلام) قالَ: «إذا كانَ يومُ القيامةِ احتجَّ اللّهُ (عزَّ وجلَّ) على خمسةٍ، على الطفلِ والذي ماتَ بينَ النبيّينَ أي في زمانِ الفترةِ وغلبةِ الجورِ وخفاءِ الحُجّةِ والحق، والذي أدركَ النبيَّ (صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم) وهوَ لا يعقِل، والأبلهُ، والمجنونُ الذي لا يعقِل، والأصمُّ والأبكم، فكلُّ واحدٍ مِنهم يحتجُّ على اللّهِ (عزَّ وجلَّ). قالَ فيبعثُ اللّهُ إليهم رسولاً، فيؤجّجُ لهُم ناراً، فيقولُ لهُم ربّكم يأمرُكم أن تثبوا فيها، فمَن وثبَ فيها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن عصى سيقَ إلى النار».
وفي الكافي ومعاني الأخبارِ عن زُرارةَ قالَ سألتُ أبا جعفرٍ (عليهِ السلام) هل سُئلَ رسولُ اللّهِ (صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم) عن الأطفالِ، فقالَ: «قد سُئلَ فقالَ اللّهُ أعلمُ بما كانوا عاملين». ثمَّ قالَ: «يا زُرارة هل تدري ما قولهُ اللّهُ أعلمُ بما كانوا عاملين، قالَ لا، قالَ اللّهُ (عزَّ وجلَّ) فيهم المشيئة إنّه إذا كانَ يومُ القيامةِ وأُتيَ بالأطفالِ والشيخِ الكبيرِ الذي قد أدركَ النبيَّ (صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم) ولم يعقِل منَ الكبرِ والخرفِ، والذي ماتَ في الفترةِ بينَ النبيّين، والمجنونِ والأبلهِ الذي لا يعقِل، فكلُّ واحدٍ يحتجُّ على اللهِ (عزَّ وجلَّ) فيبعثُ اللهُ تعالى إليهم ملكاً منَ الملائكةِ ويؤجّجُ ناراً ويقولُ إنَّ ربّكم يأمرُكم أن تثِبوا فيها، فمَن وثبَ فيها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن عصاهُ سيقَ إلى النار».
وفي الكافي عن أبي عبدِ اللّهِ (عليهِ السلام) أنّه سُئلَ عمَّن ماتَ في الفترة، وعمَّن لم يُدرِك الحنثَ، والمعتوه. فقالَ: «يحتجُّ اللّهُ عليهم يرفعُ لهُم ناراً فيقولُ لهم أدخلوها، فمَن دخلَها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن أبى قالَ ها أنتم قد أمرتُكم فعصيتموني».
والأخبارُ بهذا المضمونِ كثيرةٌ وكلُّها دالّةٌ على أنَّ اللهَ لا يُدخلُ المجنون أو المريض الجنّةَ أو النارَ عبثاً وإنّما هناكَ امتحانٌ يُقدّرُه اللهُ تعالى بالشكلِ الذي لا يكونُ معهُ ظُلمٌ على أحد.
٢- ﴿ ... المزید وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ...﴾ (سورة الحج: ٧٨) أي: ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم بشيء فشق عليكم إلا جعل الله لكم فرجاً ومخرجاً ، ولا ربط للآية في الفرض المذكور ما دام له إدراك واختيار، والمرض النفسي إن لم يسلبه الاختيار والإدراك سيحاسبه الله تعالى على فعله، وفعله يعتبر انتحاراً .
ودمتم موفقين.