محمد الهاشمي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 مقومات شخصية الانسان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ارجو توضيح الفروق بين المصطلحات الاتية... الازدواجية, الرياء, النفاق. ارجو ان توضحوا بشيء من التفصيل... والسلام


الأخ محمد الهاشمي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاء في جامع السعادات للنراقي ج 2 ص 288 قال: الرياء وهو طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير أو ما يدل عليها من الآثار. فهو من أصناف الجاه، إذ هو طلب المنزلة في القلوب بأي عمل اتفق، والرياء طلب المنزلة بأدائه خصال الخير أو ما يدل على الخير. ثم خصال الخير يشمل أعمال البر بأسرها، وهي أعم من العادات إن خصت العبادة بمثل الصلاة والصوم والحج والصدقة وأمثال ذلك ومساوقة لها إن أريد بالعبادة كل فعل يقصد به التقرب ويترتب عليه الثواب. إذ على هذا كل عمل من أعمال الخير، سواء أكان من الواجبات أم المندوبات أم المباحات في الأصل إذا قصد به القربة كان طاعة وعبادة، وإن لم يقصد به ذلك لم يكن عبادة ولا عمل خير، ولو كان مثل الصلاة. وربما خص الرياء عادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة بالمعنى الأخص. والمراد بالآثار الدالة على الخيرية هي كل فعل ليس في ذاته بر أو خير، وإنما يستدل به على الخيرية. وهي إما متعلقة بالبدن، كإظهار النحول والصفار ليستدل بهما على قلة الأكل أو الصوم وسهر الليل، ويوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين وغلبة الخوف من الله ومن أهوال الآخرة، وكخفض الصوت ليستدل به على أن وقار الشرع قد خفض صوته ... المزید وقس عليها غيرها من الأمور المعلقة بالبدن، الدالة على الخيرية قصدا إلى تحصيل المنزلة في قلوب الناس، وكل ذلك يضر بالدين وينافي الورع واليقين، ولذا قال عيسى ( عليه السلام ): (( إذا صام أحدكم، فليدهن رأسه، ويرجل شعره، ويكحل عينيه ))، خوفا من نزع الشيطان بالرياء. ثم هذه مراءاة أهل الدين بالبدن، وأما أهل الدنيا فيراؤن في البدن بإظهار السمن وصفاء اللون ونظافة البدن وحسن الوجه وأمثال ذلك. أو متعلقة بالزي والهيئة كحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي، والهدوء في الحركة، وإبقاء أثر السجود في الجبهة، ولبس الصوف أو الثوب الخشن أو الأبيض وتعظيم العمامة ولبس الطيلسان والدراعة، وأمثال ذلك مما يدل على العلم والتقوى أو الانخلاع عن الدنيا. والمراؤن من أهل الدين بالزي واللباس على طبقات: منهم من يرى طلب المنزلة بالثياب الخشنة، ومنهم من يرى بالثياب الفاخرة، ومنهم من يرى بالوسخة، منهم من يراه بالنظيفة، وللناس فيما يعشقون مذاهب. وأما أهل الدنيا فلا ريب في أنهم يراؤن في اللباس بلبس الثياب النفيسة وركوب المراكب الرفيعة وأمثال ذلك. أو متعلقة بالقول والحركات كإظهار الغضب والأسف على المنكرات ومقارفة الناس للمعاصي، ليستدل بها على حمايته للدين وشدة اهتمامه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أن قلبه لم يكن متأثرا عن ذلك، وكإرخاء الجفون وتنكيس الرأس عند الكلام وإظهار الهدوء والسكون في المشي، ليستدل بذلك على وقاره، وربما أسرع المرائي في المشي إلى حاجة فإذا اطلع عليه واحد رجع إلى الوقار خوفا من أن ينسب إلى عدم الوقار، فإذا غاب الرجل عاد إلى عجلته. أو متعلقة بغير ذلك كمن يتكلف أن يكثر الزائرون له والواردون عليه ( لا ) سيما من العلماء والعباد والأمراء ليقال إن أهل الدين والعظماء يتبركون بزيارته. وفي جامع السعادات أيضاً - لمحمد مهدي النراقي ج 2 ص 318 قال: النفاق وهو مخالفة السر والعلن، سواء كان في الإيمان أو في الطاعات أو في المعاشرات مع الناس، وسواء قصد به طلب الجاه والمال أم لا. وعلى هذا فهو أعم من الرياء مطلقا، وإن خص بمخالفة القلب واللسان أو بمخالفة الظاهر والباطن في معاملة الناس ومصاحبتهم، فبينهما عموم وخصوص من وجه وعلى التقادير، إن كان باعثه الجبن فهو من رذائل قوة الغضب من جانب التفريط، وإن كان باعثه طلب الجاه فهو من رذائلها من جانب الإفراط وإن كان منشأ تحصيل مال أو منكح فهو من رداءة قوة الشهوة. ولا ريب في أنه من المهلكات العظيمة، وقد تعاضدت الآيات والأخبار على ذمه. وأشد أنواع النفاق - بعد كفر النفاق - كون الرجل ذا وجهين ولسانين، بأن يمدح أخاه المسلم في حضوره ويظهر له المحبة والنصيحة، ويذمه في غيبته ويؤذيه بالسب والسعاية إلى الظالمين وهتك عرضه وإتلاف ماله وغير ذلك، وبأن يتردد بين متعاديين ويتكلم لكل واحد بكلام يوافقه، ويحسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه ويمدحه ( 57 ) على ذلك، أو يعد كل واحد منهما أنه ينصره، أو ينقل كلام كل واحد إلى الآخر. وهذا شر من النميمة التي هي النقل من أحد الجانبين. وبالجملة: هو بجميع أقسامه مذموم محرم، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): (( من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة )). وقال ( صلى الله عليه وآله ): (( تجدون من شر عبد الله يوم القيامة ذا الوجهين: الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه )). وقال ( صلى الله عليه وآله ): (( يجيئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلتهبان خده، ثم يقال: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين، يعرف بذلك يوم القيامة )). وورد في التوراة: (( بطلت الأمانة والرجل مع صاحبه بشفتين مختلفتين، يهلك الله يوم القيامة كل شفتين مختلفتين )) وعن علي بن سباط، عن عبد الرحمن بن حماد، رفعه قال: قال الله تبارك وتعالى لعيسى: (( يا عيسى، ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحد، وكذلك قلبك، إني أحذرك نفسك، وكفى بي خبيرا ! لا يصلح لسانان في فم واحد، ولا سيفان غمد واحد، ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك الأذهان ! )). وقال الامام الباقر ( عليه السلام ): (( لبئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا، إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله )). ثم لا يخفى أن الدخول على المتعاديين والمجاملة مع كل منهما قولا وفعلا لا يوجب كونه منافقا ولا ذا لسانين إذا كان صادقا، إذ الواحد قد يصادق متعاديين، ولكن صداقة ضعيفة، إذ الصداقة التامة تقتضي معاداة الأعداء وكذا من ابتلى بذي شر يخاف شره، يجوز أن يجامله ويتقيه ويظهر له في حضوره من المدح والمحبة ما لم يعتقد به قلبه، وهو معنى المداراة، وهو وإن كان نفاقا إلا أنه جائز شرعا للعذر، قال الله سبحانه: (( ادفع بالتي هي أحسن السيئة )) . وروي: (( أنه استأذن رجل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال: إئذنوا له فبئس رجل العشيرة. فلما دخل، ألان له القول، حتى ظن أن له عنده منزلة. فلما خرج، قيل له: لما دخل قلت الذي قلت، ثم ألنت له القول ؟ ! فقال: إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من أكرمه الناس اتقاء لشره )). ويدل على جواز ذلك جميع أخبار التقية وأخبار المداراة. وفي خبر: (( ما وقي المرء به عرضه فهو له صدقة )). وقال بعض الصحابة: (( كنا نبشر في وجوه أقوام نلعنهم بقلوبنا )) ثم جواز ذلك إنما إذا اضطر إلى الدخول على ذي الشر ومدحه مظنة الضرر، أما لو كان مستغنيا عن الدخول والثناء أو عن أحدهما، ومع ذلك أبدى بلسانه ما ليس في قلبه من المدح، فهو نفاق محرم. ثم ضد النفاق استواء السر والعلانية، أو كون الباطن خيرا من الظاهر، وهو من شرائف الصفات، وكان الاتصاف به والاجتناب من النفاق أهم مقاصد المؤمنين من الصدر الأول. ومن تأمل في ما ورد في ذم النفاق وفي مدح موافقة الباطن مع الظاهر، وتقدم الروية في كل قول وفعل لم يصعب عليه أن يحافظ نفسه من رذيلة النفاق. أما الازدواجية فهو اسم آخر للنفاق. ودمتم في رعاية الله