وعليكم السلام ورحمة اللّٰه وبركاته
ابنتي الكريمة، وفقكم الله لكل خير وأصلح حالكم، وأعانكم على الطاعة وعدم المعصية، وعافاكم الله من كلّ داءٍ، وشفاكم من تبعات كلّ ذنبٍ أو تعدّي لحدود المولى سبحانه، وأنار الله لكم قلبكم وطريقكم.
يا مؤمنة، يا من أرهقها الأسف على ما مضى، حتى علقت بتبعات مخالفة عهدها مع سيدها وحبيبها ومولاها الله تعالى، قومي فطهرِ نفسكِ بالتوبة واطرقِ بابه بندمٍ وبرجوع كله أملٌ فيه سبحانه.
يا قرّة عين أبويها، المولى الحق المتعال محبٌّ لعبده، بل ويشتاق إلى توبة عبده ورجوعه إليه، فكم ينتظر المولى لرجوع عبده إليه!!
وهنا، يجب عليكم الوفاء بالعهود التي قطعتموها على أنفسكم في أن تكونوا عباداً له سبحانه صالحين مؤمنين ومصلين، وتتوبون كذلك من كلّ ذنب قدّمتوه وصدر منكم، وإليكم بعض النصائح التي تنفعكم في هذا المجال، وهي:
١- يجب عليكم النظر إلى أنفسكم لرقابتها من حيثية الذنب الذي يأتيكم منه الشيطان، وتعمدوا على سدِّ الباب بوجهه، وتمنعوا النفس من التجاوب معه، وذلك بقطع الاستمرارية في المتابعة للشيطان.
٢- المشكلة الكبيرة للنفس هو تعويدها على أمرٍ معين، فتعتاد عليه، فإن تعوّدت على المعصية وألفتها، ورغبتها، وسوّلت للإنسان نفسه بمتابعتها، حتى صار يتفاعل ويستجيب لها، وأسلس قياد ذاته للمعصية، ولآمّارية النفس حتى بلغت به المرتبة أن يفعل المعصية ولا يستطيع تركها، وتحتجزه قيود المعصية، وكل سبب ذلك العادة التي طبّع نفسه عليها حتى أضعف إرادته في منع النفس عن مراجعتها للمعاصي، ولذلك يجب تقوية الإرادة!!!
٣- ما ينفع في تقويّة الإرادة، هو أن تمرّن النفس على الصلابة والمواجهة أمام الممنوع عليها، فترفض كلّ ما يخالف الحق، وتصبر على ذلك، وتتمرن كذلك على ترك ما تسميه الصغائر من الذنوب، وإلهاء النفس بأمرٍ آخر لتنسى ما تريده من المعصية.
بمعنى أجعل للنفس بدائل من المباحات والرياضات الروحية ليمتلئ هارد الذهن بقضايا جديدة لها صدى جديد من الخير والمنفعة يعود عليها.
٤- عليكم باعداد جلسة محبة خاصة ومنتظمة للدعاء والمناجاة مع المولى تبارك وتعالى، وتقرأون المناجاة كدعاء أبي حمزة الثمالي، أو مناجاة شهر شعبان، وتستحضرون أنفسكم أمام المولى وأنتم فقراء، ومساكين ومتعبين من النفس التي أبعدتكم عن المولى الحبيب، وحاولوا جاهدين أن تملئوا قلوبكم حزناً كبيراً وخشوعاً حتى تنفجر العيون بالدمع وتأنّ النفس أنين الثكلى بين يديه سبحانه، وعند ذاك فدونكم دونكم فهذه الحال هي من مظانِّ استجابة الدعاء.
٥- وعليكم كذلك أن تعقدوا جلسة حب ومناجاة مع السادة المعصومين من الأئمة (عليهم السلام) وتخاطبوهم بخطاب الغريق الذي ليس له نجاة إلا يد العون من سادته الذين هم سفن النجاة، وهنا يكون الإمام الحسين (عليه السلام) هو سفينة النجاة، فليكن لكم تعلق شديد به (عليه السلام).
وكذلك السيدة العظيمة الزهراء (عليها السلام) فهي المنجية من كلّ هول وهلاك.
٦- عليكم برفض اليأس والقنوط من جميع قلبكم، وليكن فيه الحب لله تعالى والسرور به، ومحبة كل مايأتي منه، فقطعاً هو لأجل مصلحة العبد، وهنا عليكم بتحسين العلاقة مع الله تعالى، فتنظروا إلى آثاره في نفوسكم من رسايل الحب والحنان والتفضل والامتنان للنعم الجسام التي منه فيكم، حتى تتلمسوه في كلّ شيء وتجدوه ظاهراً لكم في كلّ شيء.
٧- عليكم بالصدق مع نفوسكم ولا تغشّوها وتخدعوها، بالتسويف والمماطلة والضحك عليها بالافعال التي ليست هي بشيء، ولذلك جربوا فاعلية صدقكم مع النفس في مقدار إلتزامكم بالصلاة، هل تحبونها وهل تنصهرون في الصلاة وهل هي ثقيلة أو سهلة جميلة تشتاقون إليها، هل يكون لكم حضور في الصلاة، وخشوع وبكاء، أو أنها ليست بشيء. نعم، ليكن لنا محاولات ومحاولات في أن تكون صلاتنا بمرتبة عالية وبحضور عالي وما شابه ذلك.
٨- عليكم بترك أصدقاء السوء، وجعل لكم أصدقاء من جنسكم من المؤمنين الصالحين، يتصفون بالإيمان والتدين والخلق الرفيع، ويكونوا عوناً لكم على مواجهة هذه الحياة، وتقلبات الزمان والأحوال، فيكونوا لكم مرشدين ومذكرين لكم بالخير والصلاح، وداعمين على فعل الواجبات والوظائف الإلهية.
ومع توبتكم من الكون مع أصدقاء السوء، وعدم فعل المعاصي، يتوب الله عليكم، ويغفر لكم ولا تحاسبون عليه يوم القيامة.
٩- يجب عليكم قضاء ما فاتكم من الصلاة وذلك بأن ترتبوا لكم برنامجاً خاصاً للقضاء ويكون سهلاً ويسيراً وتعمدوا على العودة إلى الصلاة، والى الصلة والاتصال بالمولى المتعال، وتبقون محافظين عليها.
١٠- ينبغي لكم قراءة القصص الخاصة بأولياء الله الصالحين، من الأنبياء والأئمة والاستفادة منها لأخذ العبر، ولأجل درك مقدار تضحياتهم من أجل الدين والعقيدة، وكيف كان إرتباطهم بالله تعالى.
١١- اجعلوا لأنفسكم برنامج المكافئة والعقاب، فإن التزمت واستمرت كافئوا النفس بتقديم لها أمراً وشيئاً مباحاً وجيداً، كمثل شرب القهوة مثلاً أو لبس ثوب جديد أو ما شابه ذلك، وكذلك عند المماطلة وصدور الخطأ منها عليكم بعقابها مثلاً تلزمون أنفسكم بالتصدق بمبلغ معين حتى لا تعتاد على النظام السلبي وتتراجع عن فعل القضايا السلبية.
هذا، ما نعتقد أنّه نافع فجربوها واستمروا عليه، فإنّ له آثار كبيرة وعظيمة وهو برنامج قوّي يصنع المعجزات لو كان الصدق في العمل والتطبيق، وعلى الله توكلي وهو حسبنا ونعم الوكيل