عبد الله خليل - السعودية
منذ 4 سنوات

 معنى الولاية وثبوتها لأهل البيت (عليهم السلام)

بسمة تعالى السلام عليكم يقول البعض بشأن الولاية التكوينية: معنى الولاية التّكوينيّة هو أنّ الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء والأئمَّة يحكمون العالم ويدبِّرونه, وأعطاهم القدرة على أن ينقلوا الشّمس من الغرب إلى الشّرق, وأنهم يستطيعون أن يجفّفوا البحار والأنهار, وما إلى ذلك. فهل هذا مما أعطاه الله للأنبياء والأئمّة؟! ولا بدّ هنا من الرّجوع إلى القرآن, حيث يقول حكايةً عن الرّسول: (( قُل مَا كُنتُ بِدعاً مِّن الرُّسُلِ وَمَا أَدرِي مَا يُفعَلُ بِي وَلَا بِكُم )) (الأحقاف:9), (( قُل لاَّ أَملِكُ لِنَفسِي نَفعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لاَستَكثَرتُ مِنَ الخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ )) (الأعراف:188), (( إِن أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ )) (فاطر:23). أوّلاً: هل يصدر مثل هذا كلام عن شخصٍ يملك إدارة العالم؟! وثانياً: لماذا يجعل الله الولاية للأنبياء والأولياء؟ فالولاية إنما تكون لسدّ النّقص, فنحن نجعل الأب وليّاً للطّفل لسدّ نقصه مثلاً, في حين أنّ ولاية الله شاملة لكلّ: (( مَّا تَرَى فِي خَلقِ الرَّحمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَرَى مِن فُطُورٍ* ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَينِ يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خَاسئًا وَهُوَ حَسِيرٌ )) (الملك:3-4). أمّا إنهم واسطة الفيض, فهذا يعني أنّ الله سبحانه وتعالى لا يرزقنا بشكلٍ مباشر, وإنما بواسطة الأئمّة, مع أنّ القرآن الكريم يتحدّث عن أنّ الله تعالى هو الّذي يرزق, (( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ )) (الذّاريات:58), فالله سبحانه وتعالى يرزقنا بشكلٍ مباشر, ويحيي الموتى بشكلٍ مباشر, ويميت بشكلٍ مباشر, (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ )) (آل عمران:26). ومن المؤكّد أنّ الله تعالى هو الّذي يفيض على عباده. ومن خلال دراسة الآيات القرآنية وما روي عن الرسول (ص) وأهل بيته (عليهم السلام) سوف نستفيد الأُمور التالية: 1- أن معنى الخلق هو الاختراع والابداع, وهو منحصر بالله سبحانه, وليس لغيره القدرة على الاختراع, لأنها من صفات الواجب سبحانه, وغيره ممكن. 2- ما قيل أو يقال أن معجزات الأنبياء هي فعلهم وصنعهم, مخالف لما تقدم من معنى الخلق, وهو الايجاد والاختراع الخارج عن حدود القدرة البشرية وأن الأنبياء والأولياء (ع) بشر محدثون وعباد مصنوعون لا يخلقون ولا يرزقون. 3- انحصار الولاية التكوينية بالله سبحانه, لأن المقصود من الولاية هو التصرف في عالم الملكوت والكون والخلق والايجاد والإحياء ويحل ذلك من مختصاته سبحانه لا يشاركه أحد في سلطانه وملكه . وقال المرحوم السيد الكلپايكاني في نتائج الأفكار, الأول ص 221 - 223 الكلام حول المفوضة وهم فرقة قائلون بانعزال الله تعالى عن الأفعال وارجاع الأمور إلى العباد و أنه سبحانه فوض الأفعال إلى المخلوقين هذا والحق أن التفويض على أقسام : منها القول بأن الله لما خلق العباد أعطاهم قدرة أغناهم بها عنه فهم بعد ذلك مستقلون في الأمور قائمون على وفق مشيتهم وإرادتهم وقدرتهم ولا يحتاجون إليه وإلى حوله وقوته وهو بمعزل عن الأمور لتفويض الأمر إليهم و ذلك مثل إن مثريا أعطى فقيرا مالا وأمره بالتجارة لنفسه فهذا الآخذ بعد قبضه و أخذه المال المزبور يتجر لنفسه ولا يحتاج إلى المعطى أصلا, وعلى هذا فالله تعالى وإن كان قادرا إلا أن العبد أيضا قادر لا يحتاج إليه بعد ذلك, غاية الأمر أن الله قادر بذاته, والانسان قادر بالله سبحانه . ولعل الذي حملهم على هذا الاعتقاد هو ما رأوه من القبائح والسوء و الفحشاء الصادرة من الانسان فزعموا أنه لو لم يقولوا بتفويض الأمور إلى العبد لزم نسبة تلك الذنوب والقبائح إليه تعالى فلأجل تنزيه الله عن ارتكاب الجرائم قالوا بأن الله فوض الأمور إلى العباد ولا دخل له سبحانه في أمورهم أصلا . ومنها القول بتفويض أمر الخلق والرزق إلى بعض عباده كان يقال إن الله لما خلق الأرض فوض الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله فخلق هو صلى الله عليه وآله ما فيها أو أنه تعالى خلق محمدا صلى الله عليه وآله وفوض إليه أمر العالم فهو الخلاق للدنيا وما فيها . وبطلان كلا القولين واضح لأن أزمة الأمور كلها بيد الله ولا غناء عنه لأحد أبدا ولا يملك العبد في الحقيقة شيئا والله تعالى خلق الخلق وهو مدبر عالم الوجود ومديره حدوثا وبقاءا ولولا عناية الله تعالى وإفاضة الفيوض الربانية لما بقي شئ, ولما استقام أمر . وعلى الجملة فحياة الانسان وتصرفاته كلها منوطة بالله والخلق كلهم عياله وفي قبضته ومحتاجون إليه آنا فآنا . وله القدرة التامة والسلطنة الكاملة في كل آن من الآنات. ولازم القول بالتفويض على كلا القسمين هو سلب القدرة عن الله تعالى و اخراجه عن سلطانه كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : إنهم أرادوا أن لا ينسبوا إلى الله القبائح فسلبوا عنه القدرة )  فما هو رايكم؟ وشكراً


الأخ عبد الله خليل المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اولا: كيف لم تثبت الولاية التكوينية بحسب الدلالة القرآنية ـ كما يقول هؤلاء ـ مع إن الله تعالى يصرح في كتابه فيقول (( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني )) (المائدة:110) وهذه الآية صريحة الدلالة على إعطاء الله تعالى لعيسى عليه السلام الولاية التكوينية. قد يقال: قد قيد الله تعالى كل ذلك بإذنه, فلا دلالة على ما تقولون من إنه عليه السلام يتصرف باختياره من دون إذن الله. والجواب: 1- لم ندع إن أصحاب الولاية التكوينية يمكن أن يفعلوا شيئا بغير إذن الله. 2- قال تعالى (( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله )) ففي هذه الآية دلالة على إن الفعل ـ وهو الإيمان ـ  مع كونه إختياريا, فهو صادر عن العبد بإذن الله تعالى. فكذلك الأفعال التي يقوم بها صاحب الولاية التكوينية, فهي مع كونها صادرة عنه بكامل إختياره عليه السلام, كلها حادثة بإذن الله. وللمزيد راجع خلفيات كتاب مأساة الزهراء عليها السلام 1/159ـ224. ثانيا: إن السلطة على الكون بجميعه فضلا عن بعضه إذا كانت بأقدار الله تعالى وبإذن منه فهي بنفسها لا تلازم الإلوهية فكما إن الله أعطى لآحاد الإنسان قدرة محدودة في أمورهم العادية وفضل بعضهم على بعض في تلك القدرة فكذلك لا مانع من أن يعطي لفرد أو أفراد من خيار عباده قدرة تامة غير عادية على جميع الكون أو بعضه وذلك بنفسه لا يستلزم الإلوهية والذي يمكن أن يقع عليه الكلام هو البحث عن وجود تلك القدرة وإنه سبحانه هل أعطى ذلك أو لا؟ والقرآن يصرح بذلك في عدة موارد منها ما ورد في شأن يوسف (عليه السلام) . ( التوحيد والشرك في القرآن الكريم /112). وان السلطة الغيبية التي أعطاها الله لخيار عباده ليتصرفوا بها في الكون بإذنه ومشيئته ويخرقوا بها قوانين الطبيعة في مجالات خاصة لا تستلزم الإعتقاد بوجودها في أحد الإعتقاد بإلوهيته ولا يكون صاحب مثل هذه السلطة ندا وشريكا لله سبحانه وتعالى ولا يلزم منه مساواته بالله سبحانه. نعم الإعتقاد بالسلطة الغيبية المفوضة والتي يتصرف بها صاحبها في الطبيعة من دون الحاجة إلى إذن الله سبحانه هو الموجب للإعتقاد بالإلوهية وقد قال سبحانه (( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله )) (الرعد:38). كما وأن الذكر الحكيم يثبت للملائكة قدرة خارقة من قبض الأرواح وإهلاك الأمم ويثبت للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كون صلاته موجبة لسكون الأرواح والقلوب يقول سبحانه (( وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم )) (التوبة:103) . ( في ظل أصول الإسلام/ دراسة شاملة لمسألة التوحيد والشرك والبدعة182) . ثالثا: ان ما نقلته عن المرحوم السيد الكلبايكاني خاص بالتفويض والشيعة لا تقول به مطلقا فلاحظ . ودمتم برعاية الله

2